المرأة وثقافة السلام
د. عايدة نصيف
الاثنين ١٩ مارس ٢٠١٨
د/ عايدة نصيف
بمناسبة أعياد المرأة في شهر مارس تطرق إلى ذهني أن أكتب عن: ما الدور المهم الذي يجب أن تسهم فيه المرأة بشكل يسهم في حل مشكلات المجتمعات العربية في مشهدها الآن.. بل يسهم في إنتاج جيل يساعد على نشر ثقافة مهمة ألا وهى ثقافة السلام؛ ولذا أجد أن ثقافة السلام يمكن للمرأة المساهمة فيها بشكل كبير، فإذا كانت المرأة نصف المجتمع؛ فلماذا لا تسهم في حل نصف المشكلات والتحديات الآنية، وخاصة إشكالية ثقافة السلام.
للمرأة دور أساسي ورئيس في عملية نشر ثقافة السلام، غير أن هذا يتطلب القبول بإعطائها ذلك الدور، إن تحرير المرأة والقبول بمشاركتها في الحياة العملية قد مر بمراحل عديدة خاصة في المنطقة العربية ولاسيما مصر؛ حتى إنه في بعض الدول ما زال تطور دور المرأة وتحريرها في مراحله الأولى، ذلك إن مشاركة المرأة على الصعيد الاقتصادي والسياسي تعترضه عوائق عدة وتتفاوت هذه العوائق من حيث التكوين الثقافي والتطور الاجتماعي في المجتمعات المختلفة، وحاليًا إذا كنا نريد التعويل على دور المرأة في تعزيز ثقافة السلام علينا الانتباه أولًا إلى عدة أمور:
أولًا: علينا أن نحدد ما هو المطلوب من المرأة تحديدًا أو بمعنى آخر ما هو الدور الذي نريد للمرأة أن تلعبه في هذه القضية، فتحديد المطلوبمن المرأة يساعد في كشف حقيقة ما يمكن أن يقف حائلًا أمام قيامها بدورها، ومن ثم رصد العوامل المساندة والمساعدة لها لتتمكن من القيام به بكفاءة.
ثانيًا: يجب الاهتمام بمعوقات دور المرأة بشكل عام؛ فالمناخ الفكري والثقافي السائد في المجتمع ودرجة التعليم كلها عوامل من شأنها أن تخبرنا بمدى قبول أو رفض المجتمع لهذا الدور.
ثالثًا: يجب التركيز على حملات التوعية على مستويين: اولهما، خاص يكون منوط بالتركيز على المرأة ذاتها؛ لتوعيتها بما هو مطلوب منها.. وثانيهما: عام يكون موجهًا إلى المجتمع ككل بجميع فئاته ليستوعب أهمية وفائدة ما تقوم عليه ثقافة السلام، وهنا يجب أن أنوه إلى أهمية الجهة المسئولة عن القيام بذلك، وما إذا كانت حكومية أوغير حكومية، ولا أعول كثيرًا على الجهات الخاصة، ولا أميل أيضًا إلى إعطاء أهمية كبيرة إلى الجهات والمجالس النسائية، بل أفضل أن تكون جهة حكومية تتخذ في نشاطها طابع قومي، وليس طابع الصالونات والندوات المغلقة، ومن ثم يكون هناك عبئًا أكبر عليها، كما أن الإمكانيات في هذه الحالة ستكون أوسع وأشمل بشكل يخدم حملة التوعية وأهدافها.
إن أهم أدوار المرأة على الإطلاق وأكثرها أهمية بل خطورة، هو تربيتها للنشء، إذ تقع المسئولية هنا على الأم أولًا ثم الأب، والتنشئة الاجتماعية للفرد هي مفتاح فكره وسلوكه وهي منبع أفكاره ومعتقداته كما تمثل الأسرة إطارًا لمنظومة القيم التي تشكل وعي الفرد وإدراكه بواقعه وطالما كان هذا الإطار متوازنًا في الفكر والممارسة كان بالإمكان خلق شخصية سليمة ومنضبطة، وتقوم المنظومة الأسرية هذه على قيم الأم بالدرجة الأولى لكونها أكثر قربًا واتصالًا بأبنائها..
فتعامل الأم مع أبنائها وتربيتها لهم هي مفتاح شخصيتهم، فحنان الأم وتعاطفها مع أبنائها ومدى مرونتها في التعامل معهم وإعطائهم الفرصة للتعبير عن رغباتهم واحترام آرائهم وتوجيههم بلطف، يساعد على تكوين شخصيات متفهمة وديمقراطية وغير استبدادية، رحيمة غير عنيفة، محبة للسلام وهذه هي النواة الأولى لمساهمة المرأة في صنع السلام المجتمعي.