د. مينا ملاك عازر
نعم، لكل زمان رجاله،ولكل حدث حديث، ولذلك لا تستطيع التكهن بما سيكون عليه حال الكنيسة لو استمر قداسة البابا شنوده حياً في عصر الإخوان؟ هل سيكون تصادمياً أم سيعتكف في الدير؟ وماذا سيكون الحال لو استمر والتقى بالرئيس السيسي؟ لكن ما أثق في أنه سيحدث، أن ثمة وفاق سيجري بين قداسة البابا شنوده الثالث والرئيس السيسي، فلم يكن طبع البابا المتنيح أن يقابل الخير بالشر أبداً، كما أنه من المؤكد أنه سيكون مشاركً كما فعل خليفته قداسة البابا تواضروس الثاني بإلقاء بيان في الثالث من يوليو لعام 2013، لأن دافع الاثنين في هذه الحالة واحد وهو الخوف على الوطن وحبه، ولأن الدافع واحد فالنتيجة ستكون واحدة، ولذا أشعر بأن ثمة روح واحدة تتحكم في اتجاهات الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية هي روح واحدة ترعى الكنيسة وتوجه قادتها على مر الزمان.
صديقي القارئ، إن كنا قد ودعنا يوماً البابا شنوده الثالث فنحن لم نودع أعماله، فهي تشهد له، وكتاباتهتحكي عنه للآن، وتلاميذه يروون الكثير عنه وإنجازاته تشهد له، وأفكاره تعبر عنه، ومحبته تشهد بأن الله محبة شعار للمسيحية، شعاراًعملياً، ففي عز تكفير السلفيين له ورغباتهم الدامية بقتله تجده يحبهم ويصلي لأجل مبغضيه، ولعل هنا تظهر روح فداء الراعي لرعيته حين أكد أنه فداء لكل الموجودين، حين هتفوا له بأنهم سيفدونه، فرفض هذا بروح لا يتمتع بها الزعماء المعاصرين الذين ينتشون متى هتف الناس لهم، بأنهم يحبونهم وسيفدونهم، البابا شنوده رفض هذا جملة وتفصيلاً، وأكد أنه هو من سيفديهم، وهذا تجلي لجوهر روح الرعاية التي يجب أن يتمتع بها كل راعي لرعيته، يحبها فأحبته.
لكل ما تقدم لا أشعر باًن قداسة الباباشنوده الثالث تنيح وارتاح من أتعاب هذا العالم منتقلاً عنه، وهذا لتسجيلاته الصوتية والمرئية التي خلفها وراءه،وعظاته وكلماته وحواراته، وأن روحه مستمرة بالكنيسة، وامتداد خط مستقيم لخلفه بل لخلفائه أجمعين، فالروح التي ترعى الكنيسة واحدة منذ القديس مارمرقس وحتى كتابة هذه السطور بل لما بعدها، ولعل النهضة التعليمية لتي قام به قداسة البابا شنوده الثالث أثمرت عن إخراج جيل مستنير من الأساقفة والقساوسة قادرين على تقبل آراء الآخر واستيعابها ومناقشتها دون النزاعات المتوترة والرغبات التكفيرية والإقصائية مما يثمر دائماً وأبداً عن موجات متلاحقة من التقدم والاستنارة الفكرية والروحية تملأ أرجاء لكنيسة القبطية بما لا يدع مجال للشك بأن الله يحميها كما يحمي هذا الوطن.
البابا شنوده صاحب المواقف الوطنية والقومية والرؤى في القضايا السياسية، أكد بمواقفه وليس فقط بكلماته أن المواطنة فعل وليس حق مكتسب من أحد ولا ممنوح من مسؤول بل بمواقف خالصة صادقة تجاه القضية الفلسطينية وتجاه الآخر المختلف عنا في الإيمان والعقيدة والدين، ولذا نياحة قداسته راحة له وصلاة منه لشعب مصر بأكمله.
المختصر المفيد مصر في قلب الجميع تعيش وتنمو ونحلم لها بغد أفضل.