يوسف سيدهم
خبر صادم التقطه موقع وطني الإلكتروني الأسبوع الماضي وبثه تحت عنوان جامعة الفيوم تحرم الطلبة الأقباط من الاحتفال بعيد القيامة… صحيح أن عميد كلية الهندسة بالجامعة أصدر أمرا بإلغاء عقد الامتحانات في أعياد المسيحيين وتعديل جدول الامتحان بعد أن نما إلي علمه غضب واحتجاج الطلبة المسيحيين, لكن استرعي انتباهي الخبر وطالعته غير مصدق أننا يمكن أن ننزلق لنرتكب ذات الأخطاء والخطايا التي تعود بنا إلي عشر سنوات مضت في عهد مبارك وعبر ثورة 25 يناير والمحنة التي تلتها حتي 30 يونية 2013… وكيف يمكن أن نكرر تلك التجاوزات السخيفة بعد ما نص عليه دستور 2014 من ترسيخ حقوق المواطنة في مادته الأولي ومن ترسيخ حقوق المسيحيين في كل ما يتصل بدينهم وأحوالهم الشخصية ورئاساتهم الدينية في مادته الثالثة؟!!… وماذا يمكن أن يرتبط بدينهم أكثر من شعائرهم ومناسباتهم وأعيادهم؟… وهي أعياد محدودة ومعروفة, بل هي مقننة بموجب القرارات الآتية:
- قرار رئيس الوزراء في 1953/7/1.
- قرار رئيس الجمهورية رقم 2362 لسنة 1967.
- القانون رقم 47 لسنة 1978 الخاص بنظام العاملين المدنيين بالدولة.
- القانون رقم 48 لسنة 1978 الخاص بنظام العاملين بالقطاع العام.
- قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 في شأن إجازات العاملين غير المسلمين في القطاع الخاص.
- القرار الوزاري رقم 63 لسنة 1982 وتعديلاته.
- القرار الوزاري رقم 92 لسنة 1991.
- القانون رقم 203 لسنة 1991 الخاص بنظام العاملين بقطاع الأعمال العام.
وكل هذه التشريعات تخص إجازات الأقباط في الأعياد الخمسة الرئيسية سواء الثابتة التاريخ: عيد الميلاد (7يناير), وعيد الغطاس (19يناير), أو غير الثابتة التاريخ: أحد السعف, خميس العهد, وأحد القيامة… لكن حتي الأعياد الثلاثة غير الثابتة التاريخ يتم تسجيلها كل عام في سائر التقويمات وجداول الأعياد الدينية الرسمية التي تحملها النتائج والأجندات والكروت التي يستخدمها الكافة من المواطنين, فما بالنا بالأجهزة والمؤسسات الرسمية التي يدخل في نطاق عملها وضع الخطط والبرامج وعقد الامتحانات والتي يتوجب عليها المراجعة الدقيقة لتلك المواعيد لتلافي وقوعها في مناسبات أعياد المسيحيين.
أقول ذلك لأن شبهة السهو غير المقصود في مثل ذلك الخطأ تعد غير جائزة وغير مقبولة, فمرة أخري نحن لا نتكلم عن أعياد سرية غير معروفة للمسئولين, إنما هي مسجلة وموثقة وفي متناول الكافة في جميع التقويمات… ولعل من الأمور الطريفة التي كنا نتندر بها في أزمنة الأزمة التي أشرت إليها في مستهل هذا المقال أننا كنا نلفت نظر من يدعي جهله بتاريخ عيد القيامة بأن يرصد تاريخ عيد شم النسيم وهو الإجازة الرسمية التي تحتفل به مصر كلها ونقول عيد القيامة هو الأحد الذي يسبقه مباشرة, وكل من أحد السعف وخميس العهد يحلان في الأسبوع الذي يسبقه مباشرة… إذا من غير المقبول أن نستمر في تكرار ذات الخطأ وخلق نفس المشكلة الآن بتحديد امتحانات في أي مرحلة تعليمية تتزامن مع أعياد الأقباط بذريعة السهو أو عدم الدراية!!!
لكن هذا عينه ما فعلته كلية الهندسة بجامعة الفيوم… حيث قامت بتحديد مواعيد امتحانات منتصف الفصل الدراسي الثاني للفرقة الإعدادية للعام الجامعي 2018/2017
متضمنة الآتي:
- الأحد أول أبريل: امتحان مادة حساب التفاضل والتكامل وهو يتزامن مع أحد السعف.
- الأحد 8 أبريل: امتحان مادة مبادئ المجالات الكهرومغناطيسية وهو يتزامن مع عيد القيامة.
ولا يخفي علي أحد أن الالتزام الرسمي يقتضي عدم عقد امتحانات في هذين اليومين بل أن اللياقة والتعاطف والمساواة بين المصريين في حقوق المواطنة تقتضي الابتعاد عنهما بضعة أيام لأنها تقع في أسبوع الآلام المقدس لدي الأقباط والذي يغص بالشعائر الدينية والصلوات والطقوس المرتبطة بالأعياد والممهدة لحلولها… أما إذا كان هذا الكلام استعصي علي إدراك المسئولين في كلية الهندسة جامعة الفيوم, دعوني ألفت نظرهم إلي ما يفعلونه لتفادي تداخل أو تقارب الامتحانات مع المناسبات والأعياد الدينية الإسلامية وحرصهم علي تباعدها بأيام كافية عن فترتي الاستعداد للأعياد قبل حلولها والتقاط الأنفاس بعد حلولها… وهنا أكرر أن المساواة في حقوق المواطنة تقتضي المعاملة بالمثل للأقباط في أعيادهم, لأنه لم يعد يليق أن نكرر نفس الأخطاء ونشتبك في نفس المعارك التي تخلصنا منها -أو هكذا نفترض- في مصر الجديدة التي نبنيها معا.