ستيفن هوكينغ: تطور الإنسان تخطى حدوده البيولوجية
تكنولوجيا | إيلاف
الخميس ١٥ مارس ٢٠١٨
كمية المعلومات التي نُقلت من جيل لآخر تنامت نموًا هائلا
من الانجازات العلمية الكبيرة التي حققها الفيزيائي الراحل ستيفن هوكينغ (توفي يوم 14 مارس عن 76 عاماً) أنه وضع أول نظرية عن الكون تجمع بين النسبية العامة والميكانيك الكمي مع عدد من أهم الأبحاث التي أُجريت لدراسة الثقوب السوداء. ولكنه كان معروفاً على نطاق أوسع في الثقافة الشعبية بقدرته على إيصال مفاهيم كونية في غاية التعقيد الى الجمهور العام.
ومما قاله هوكينغ في محاضرة ألقاها عام 1996 إن نظرتنا الى نشوء الانسان على أنه عملية بيولوجية محضة نظرة ضيقة. وفي حين أن عملية النشوء البيولوجي كانت وما زالت عملية بطيئة ومديدة فإن هوكينغ يرى أن البشر تمكنوا من النشوء والارتقاء بسرعة تخطت الحدود الجسدية لتكوينهم البيولوجي بسبب اللغة المكتوبة.
وأوضح هوكينغ أن الكتابة كانت تعني إمكانية نقل المعلومات من جيل الى آخر بطرق غير الطرق الوراثية من خلال الحمض النووي. فان تغييراً محسوساً لم يطرأ على الحمض النووي للانسان بتأثير تطوره البيولوجي خلال العشرة آلاف سنة من التاريخ المكتوب. ولكن كمية المعلومات التي نُقلت من جيل الى آخر تنامت نمواً هائلا.
وطبقاً لحسابات هوكينغ التقريبية، فإن كمية المعلومات المفيدة في جينات الانسان تبلغ 100 مليون بت أو ما معناه ان الرواية قد تحوي مليوني بت من المعلومات.
وقال هوكينغ في محاضرته "إن الانسان يعادل بذلك 50 رواية رومانسية صادرة عن دار ميلز اند بون. وأن المكتبة الوطنية الكبيرة يمكن أن تضم زهاء 5 ملايين كتاب أو نحو 10 تريليونات بت". واختتم محاضرته قائلا "إن كمية المعلومات التي تحويها الكتب تزيد 100 الف مرة على كميتها في الحمض النووي".
والأكثر من ذلك أن الكتب والمعلومات الرقمية الآن بخلاف الحمض النووي، يمكن تبادلها وتحديثها بسرعة، كما لفت هوكينغ.
وهكذا يكون معدل التطور البيولوجي للبشر نحو بت واحد من المعلومات سنوياً. وعلى النقيض من ذلك تُنشر نحو 50 الف كتاب سنوياً باللغة الانكليزية وحدها تضم في حدود 100 مليار بت من المعلومات.
وبالطبع أن الكثير من هذه المعلومات أزبال لا نفع فيها لأي شكل من أشكال الحياة، ولكن المعلومات المفيدة تزيد رغم ذلك ملايين إن لم يكن مليارات المرات على ما يمكن ان يقدمه الحمض النووي.
وقال هوكينغ إن نمط التطور البيولوجي الذي أدى الى نشوء الانسان أخلى الطريق لتحل محله مرحلة نقل المعلومات من مصادر خارج جسم الانسان مثل الكتب وغيرها من اشكال خزن المعلومات.
وأضاف أن البعض لا يستخدم مصطلح النشوء والارتقاء إلا للمادة الوراثية المنقولة داخلياً وليس المعلومات المنقولة خارجياً. "لكني أعتقد ان هذه نظرة ضيقة للغاية. فنحن أكثر من جيناتنا وحدها".
وهذه وجهة نظر قوية إذا عرفنا ان هوكينغ نفسه ما كان ليستطيع ان يعيش الحياة التي عاشها لولا هذه السرعة في نقل المعلومات من مصادر خارجية. ورغم مرضه الذي شل جهازه الحركي فإنه عاش حياة مليئة.
ورغم بقائه أسير الكرسي المتحرك والتواصل عن طريق الكومبيوتر من سن الحادية والعشرين حتى وفاته، فإنه نال إعجاب ملايين في انحاء العالم انسحروا به من خلال كتبه ومحاضراته. وكانت حياته دليلاً على أن المعلومات التي نتلقاها في أدمغتنا ونحللها ثم نبثها للخارج تجعلنا أكثر من حاصل جمع جيناتنا.