محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية
 
منذ أيام خرج تقرير المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، زيد بن رعد الحسين، حول التطورات الأخيرة في ملف حقوق الإنسان عالميًا. وقد جاء بطبيعة الحال على ذكر وضعية حقوق الإنسان في مصر.
 
‎تعالت الاصوات تندد بما ورد في التقرير واستنكرته وزارة الخارجية المصرية بشدة وانطلق عدد ليس بقليل من سياسيين وبرلمانيين ومثقفين وإعلاميين يسردون قصصا وحكايات متنوعة تعكس تجنى المفوض السامي وانحيازه لجماعة الإخوان المسلمين واعتماده على تقارير مرسلة من منظمات تعادى الدولة المصرية وتقصد الإساءة وتشويه صورة مصر.
 
‎لم يختلف منطق ومنهج التعامل مع هذا التقرير عن ردود الفعل على بعض التغطيات الصحفية والمحطات الأجنبية وعن تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش والذي صدر منذ شهور متضمنا انتقادات حادة لحالة حقوق الإنسان في مصر وأخيرا تقرير منظمة العفو الدولية. ودعونا نسلم بصحة كل ما قيل عن المفوض السامي واعتماده على تقارير مسيسة ومعلومات مغلوطة بل دعونا نذهب إلى ما هو أبعد من ذلك ونشكك فى نواياه وقصده الاساءة للدولة المصرية.
 
‎لا أقف هنا مدافعا عن المفوض السامي ولا مؤمنا بصحة ما ورد فى تقريره لكننى أتساءل معكم ألم يحن الوقت لأن نقف وقفة صادقة مع أنفسنا تزيدنا احتراما أمام أنفسنا وأمام العالم، ونبحث كغيرنا عن أوجه الخلل والقصور لدينا ونتخذ ربما قرارات وإجراءات صعبة بشأن منظومة العدالة، وإنفاذ القانون كما فعلنا على مستوى الإصلاحات الاقتصادية وتجديد الفكر والخطاب الديني وقوبل ذلك بترحيب كبير.آلا ندرك أن ما يميز المجتمعات المتقدمة هو قدرتها على النقد الذاتي وتحديد أوجه القصور والأخطاء ومن ثم تجديد نفسها وتصحيح مسارها والانطلاق من الواقع نحو استشراف المستقبل .
 
أى مجتمع وبالذات فى مراحل التحول الديمقراطي معرض لأن تكون فيه أخطاء وتجاوزات وقد يكون اتخاذ بعض التدابير فى وقت من الأوقات صحيح. ولكن مع تغير الظروف واستقرار الأوضاع تصبح تلك التدابير والممارسات خطأ يحتاج إلى تغيير ومعالجة وتصحيح.
 
‎للاسف الشديد لم نتعلم النقد الذاتي وثقافة الإختلاف لا كقيمة ولا كممارسة، وأصبحنا نتناولهم بشئ من التشكيك في القدرات والشخوص، وإعتبارهم عائقا أمام التقدم والتنمية .أصبحنا نغمض العين عن إخفاقات نراها بأعيننا وأصبح من يشير عليها مصنفا ضمن العملاء والساعين لهدم الدولة بل أصبح لدينا قوى وعقول تم تشكيلها من سياسين وبرلمانيين ومثقفين وشخصيات عامة وإعلاميين ورجال دين يتبنون نفس النظريات لأجل حماية الحالة القائمة ، والاشادة بالواقع والتصفيق لكل ما يتم والحشد والتعبئة وإستقطاب الآخرين أصبح للدفاع عن السائد ، ومحاربة وإقصاء من ينتقد وضعا أو يختلف مع وجهة نظر الرئيس والحكومة وسياساتهم.
 
الرجوع للحق فضيلة فأحادية الفكر والابتعاد عن مراجعة ونقد الذات لم تنجح يوما في بناء مجتمعات مستقرة ومتحضرة، وإن أى نظام أيا كان جهده وإنجازاته ليس فوق المسائلة والمحاسبة عن أخطاؤه وتجاوزاته. دعونا نستفيد من واقعنا وما تتضمنه بعض تقارير المؤسسات الدولية عن أوضاعنا مهما كان صغره وقيمته دون حساسية. لا نلتفت إلى ما في التقارير من تجنى ومغالاة لكن علينا أن نستفيد مما نراه فيها صحيحا لنعالج أخطائنا ونبني مجتمعنا على أسس سليمة ونحقق مستقبلا أفضل لنا ولأجيال قادمة.