في يوم المرأة المصرية... لمحة وفاء للكاتبة أمينة السعيد (ملكة الصحافة النسائية)
ألبير ثابت
الثلاثاء ١٣ مارس ٢٠١٨
بقلم: ألبير ثابت
يصادف هذا اليوم، السادس عشر من شهر مارس، يوم المرأة المصرية، ففي مثل هذا اليوم من عام 1919 م تظاهرت أكثر من 300 سيدة مصرية بقيادة السيدة هدى شعراوي ضد الإستعمار للمطالبة بالحرية والإستقلال لمصر وهن رافعات شعار الهلال مع الصليب كرمز للوحدة الوطنية التي تعتنقها مصر حكومة وشعب.
ونحن نحتفل في هذا اليوم لا ننسى أن نتناول إنجازات إحدى الرائدات اللاتي حملن لواء الإستنارة من أجل مستقبل قائم على المساوأة والحرية للمرأة وهي الكاتبة أمينة السعيد (سيدة الصحافة النسائية).
ولدت الكاتبة في محافظة أسيوط في 20 من مايو 1914م، وكان والدها طبيباًَ مشهوراً، وممن يرون ضرورة تعليم المرأة تعليماًَ راقياً، وهو ما غرس في وجدان إبنته حب التعليم، والجرأة في المناقشة، تعرفت أمينة السعيد على هدى شعراوي وهي بعد في سن صغيرة التي تبنتها وأحاطتها برعايتها حتى دخولها، وكانت ضمن أول دفعة من الفتيات بكلية الآداب بجامعة القاهرة عام 1935 م.
وأثناء دراستها بالكلية إشتغلت بالصحافة لتصبح أول فتاة تعمل بالصحافة المصرية بل كانت أول سيدة تتولى منصب وكيل نقابة الصحفيين 1959م، حيث بدأت حياتها العملية بمجلة "الأمل"، ثم "كوكب الشرق"، ثم "آخر ساعة"، ثم "المصور"، كما عملت بمجلات "دار الهلال" وترقت وتدرجت لتكون مستشارة دار الهلال، كما بدأت تكتب عن شئون المرأة في مجلة "المصور"، ومجلة "الإثنين".
كما تم إختيارها لإصدار مجلة نسائية شهرية بإسم "حواء" فصدر العدد الأول في أول يناير عام (1954)م كما تم ترشيحها لتكون عضوة في مجلس الشورى.
كانت "أمينة السعيد" من أبرز الأصوات النسائية المطالبة بتحرير المرأة بعد "هدى شعراوي" و"سيزا نبراوي" و"درية شفيق"، وكانت تطالب بمنح المزيد من الحقوق الإجتماعية والسياسية للمرأة، وتعديل قانون الأحوال الشخصية، وتقييد الطلاق، ومنع تعدد الزوجات بل هاجمت حجاب المرأة بجـرأة، ومن أقوالها في عهد عبد الناصر: "كيف نخضع لفقهاء أربعة ولدوا في عصور الظلام..الخ".. وقد نشرت دعوتها من خلال الجمعيات والإتحادات النسائية في العالم العربي... ومن أشهر مؤلفاتها في هذا المجال: "وجوه في الظلام" و"آخر الطريق"، و"الهدف الكبير".
شهدت الكاتبة بعد نكسة يونيو 1967 م عودة المرأة المصرية إلى الحجاب فقالت في لقاء إذاعي معها: "أنا حزينة ان البنات اليوم لا يدركن حجم التضحيات التي قدمناها لتخلع المرأة الحجاب.. لقد ضربني العسكري في الجامعة بالكرباج لأنني ذهبت إلى ملعب الجامعة فى يوم من الأيام لممارسة لعبة التنس فأكفهر الجو وتكهرب"... بل كتبت في مجلة "حواء" أثناء رئاستها في 18/11/1972 (هل من الإسلام أن ترتدى البنات في الجامعة ملابس تغطيهن تماماً، وتجعلهن كالعفاريت!!!.. وهل لابد من تكفين البنات بالملابس وهن على قيد الحياة حتى لا يرى منها شيء وهي تسير في الشارع!!).
ومما يجدر الإشارة إليه بأن الرئيس جمال عبد الناصر قد منحها "وسام الإستحقاق من الدرجة الأولى" كما منحها الرئيس المصري أنور السادات "وسام الجمهورية" كما منحها الرئيس حسني مبارك "وسام الثقافة والآداب" عام 1992م .
ختاماً: كانت الكاتبة أمينة السعيد قد تعرضت خلال رحلتها الصحفية لهجوم جامد وبذاءات من الرجعيين والمتطرفين عليها والتهديد المتواصل بقتلها وقتل أولادها كعقاب لها على مواقفها التقدمية من قضايا المرأة المصرية ولكنها ظلت "رغم كل هذا" تعمل إلى آخر يوم في حياتها وتكتب بابها الأسبوعي (إسألوني) في مجلة المصور الذي ظلت تكتبه لمدة 40 عاماً.
لقد عبرت الرائدة الصحفية الكاتبة بألم وحسرة قبل موتها بأربعة أيام في مجلة المصور (3697) عن وضع المرأة فقالت: "لقد أفنيت عمري كله من أجلها، أما الآن فقد هدني المرض، وتنازلت النساء عن كثير من حقوقهن... فالمرأة المصرية صارت ضعيفة.... الإرهابيون وسخوا مخهم... فلا خلاص للمرأة إلا بالنضال والأمل".
توفيت المناضلة في 13 أغسطس 1995م، فكانت فعلاً أم جليلة تتربع على عرش الصحافة، فكان كفاحها العظيم في سبيل تطوير المجتمع، وتغيير مفاهيمه، ومقاومة الأفكار التي لا تعبر عن روح العصر وتتنافى مع رسالة الأديان.