الأقباط متحدون - نص كلمة البابا بجنازة أسقف طما: الموت هو أصدق حقيقة على وجه الأرض
  • ٠٠:٤٢
  • الاربعاء , ٧ مارس ٢٠١٨
English version

نص كلمة البابا بجنازة أسقف طما: الموت هو أصدق حقيقة على وجه الأرض

٥٢: ٠٢ م +03:00 EEST

الاربعاء ٧ مارس ٢٠١٨

نص كلمة البابا بجنازة أسقف طما: الموت هو أصدق حقيقة على وجه الأرض
نص كلمة البابا بجنازة أسقف طما: الموت هو أصدق حقيقة على وجه الأرض
كتبت – أماني موسى
ترأس البابا تواضروس الثاني، صلاة جنازة الأنبا فام، أسقف طما، بالكنيسة البطرسية، وقال البابا في كلمته التي جاءت على النحو التالي:
على رجاء القيامة نودع هذا الحبر الجليل مثلث الرحمات نيافة الأنبا فام أسقف طما وتوابعها، نودعه على رجاء القيامة، وكما نصلى في صلواتنا ونقول ليس موتًا لعبيدك بل هو انتقال. انتقال من هذا العالم الذي نحيا فيه سنوات لكي ما نذهب إلى العالم الذي نحيا فيه إلى الأبد.
الموت يا أخوتي هو أصدق حقيقة على وجه الأرض. فالإنسان منذ أن يولد إلى أن تنتهي حياته على الأرض هو يعيش الظلال، ويعيش الأمور كلها بصورة وقتية. أما الموت فهو الحقيقة الوحيدة الصادقة والتي يقف أمامها الإنسان فيتأمل.
 
الموت أصدق حقيقة تواجه الإنسان، لذلك قيل"طوبي لمن اخترته وقبلته يا رب ليسكن في ديارك إلى الأبد".
 
وليس فقط الموت الحقيقة الوحيدة الموجودة أمامنا في حياتنا الأرضية ولكن أيضًا السماء، نراها أروع حقيقة فنحن كل يوم نسير بأقدامنا على الأرض ولكن ننظر إلى السماء المتسعة، السماء التي تدعو كل إنسان بار عاش على الأرض في إيمانه المخلص. فالسماء هي أروع صورة بل أروع مكافأة تكون للإنسان نصيبًا في السماء "لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟" (من ١٦ : ٢٦)
 
خسر نفسه بمعنى خسر نصيبه في السماء فما المنفعة ؟! فماذا تنفعه سنوات الأرض حتى لو كانت كثيرة أو طويلة ولذلك نحن على الأرض بأقدامنا ونتطلع إلى السماء بعيوننا دائما في كل يوم. ومن هنا وجدت الصلاة، والوصية تقول صلوا كل حين ولا تملوا .وعندما يقف الإنسان للصلاة دائمًا يرفع عيني رأسه إلى السماء، ليتذكر هذه المكافأة العظيمة بأن يصير له مكان فيها. ويوجد هناك في حضرة القديسين والأبرار والذين عاشوا في منتهى الأمانة على الأرض فيصير لهم هذا النصيب السماوي لأنه مكتوب: "كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ" (رؤ ٢ : ١٠).
 
وإذا كان الموت أصدق حقيقة والسماء هي أروع صورة ومكافأة ننتظرها فيكون بالتالي الاستعداد هو أهم ضرورة يجب أن يلتفت إليها الإنسان.
نحن نصلى في صلواتنا في نهاية اليوم ونقول العمر المنقضي في الملاهي أي المنقضي في الأمور التي تشغله عن السماء وتضيع نظره بدل ما ينظر للسماء يفرح بتراب الأرض وينسى السماء وتنتهى حياته للتراب ولا يكون له نصيب في السماء.
 
لذلك يا أخوتي في كل مرة نجتمع لكي ما نودع حبيبًا لنا إلى السماء إنما هذا نداء عن ضرورة الاستعداد للحياة السماوية.
 
فلا تدع حياتك أيها الحبيب تمضى في الملاهي لأن الملاهي تستوجب الدينونة، فعندما يقف الإنسان أمام الله ماذا يقول له وفي الحياة الرهبانية والأنبا فام راهب من دير القديس العظيم الأنبا بيشوى الحياة الرهبانية تنظر إلى الموت وتراه أنه مانع للأهواء كما تعلمون جميعًا أن الراهب يبدأ رهبنته بصلاة الموتى، هو حقيقي يعيش في العالم ولكنه صار "ميت" عن العالم وإن كنا نودع الأنبا فام هذا اليوم، لكنه ودع العالم حينما صار راهبًا. 
فالراهب الذي يسكن الموت أمام عينيه على الدوام يمنعه من الأهواء ومن الأخطاء والسقطات لأن الموت يذكر الإنسان دائمًا.
 
ماذا ستقول له وفى نفس الوقت الموت سيكون له حافز للقاء المفرح مع الله ، ونحن نعيش في الأرض وفى أتعاب الأرض وهموم الأرض وأشواك الأرض ولكن مع كل هذا ننظر إلى السماء وننتظر النصيب السماوي، ونيافة الأنبا فام إنسان بدأ حياته في أسرة مباركة وتعلم في الجامعة وتخرج من كلية الهندسة وعمل فترة طويلة فى مجال التعدين والبترول، وعمل في مناطق صحراوية وهذا أنهض في داخله محبة الرهبنة، فانطلق إلى الرهبنة بعد تخرجه بحوالي عشر سنوات ودخل الدير، دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون وترهب وصار كاهنًا ثم أسقفًا لإيبارشية طما المحبة، وتعرض في بداية أسقفيته الى ضيقة ولكنه كان ثابتًا ثم خدم قرابه ٣٨ سنة .
 
وإمتاز بروح التسبيح، كان محبًا للتسبيح بصورة هادئة ومحبة. وكثيرًا ما كنا نتقابل في الدير ونحضر التسبحة وأراه واقفًا مسبحًا وكنت وقتها راهب وهو أسقف ويحضر مع جموع الرهبان بمحبة وهدوء لأن وقت التسبيح هو وقت لملاقاة الله ، وفى التسبيح عاش محبًا ونقل هذه المحبة للكثير.
وفى مجالات التسبيح في الكنيسة سواء سنوية أو أعياد أو أصوام كان محبًا. وامتاز بهذه الروح وكان هادئًا في كل ما يصنعه في الإيبارشية، مع الآباء الكهنة والشمامسة، 
 
وأتذكر إنني زرت طما منذ ١٢ سنة وقضيت ليله هناك وكانت ليلة طيبة في القداس ومع الآباء الكهنة والدراسين في دراسات إعداد الخدام.
وطوال فترة أسقفيته كانت الأمور هادئة يرعى بحكمة ويكسب كل احد وله رائحة المسيح الذكية في خدمته وهذه عناوين هامة في خدمة الأب الكاهن فثمر البر يزرع في السلام للذين يحبون الله وحمل في نهاية حياته صليب المرض والألم والتعب وسافر للعلاج ولكن يد الله اختارته بعد أيام قليلة من وجوده تحت العلاج بعد العلاج في مصر ولندن. اختارته العناية الإلهية ليسكن الى جوار الرب .
 
نحن باسم المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وباسم كل الآباء الحضور وباسم الآباء الكهنة والشمامسة والخدام والرهبان في إيبارشية طما وباسم كل الحضور معنا نصلي إلى الله أن يسكب تعزيته السماوية في قلوبنا جميعًا. ونشكر سيادة الدكتور أيمن عبدالمنعم محافظ سوهاج لوجوده معنا ومحبته الطيبة ونعلم أنه محبوب في وسط الآباء الأساقفة في سوهاج وله عمل طيب مع كل المسؤولين على كل المستويات التنفيذية والتشريعية
نشكر الأحباء أعضاء البرلمان الحضور معنا وكل المسؤولين نشكركم جميعًا ونشكر بالطبع ايبارشيتنا وكنيستنا في لندن ونيافة الأنبا انجليوس أسقف إيبارشية لندن ونيافة الأنبا أنطوني أسقف ايرلندا واسكتلندا وشمال شرق إنجلترا لخدمتهم وتعبهم مع المتنيح مثلث الرحمات الأنبا فام، ونشكر كل الأطباء الذين لهم تعب في هذا الأمر،
 
ونصلى دائمًا ونرفع قلوبنا إلى السماء ليعطينا هذه التعزيات السماوية وأن يعطينا أن نفرح بهذا السفير الموجود لنا في السماء ويشفع عنا ويصلي عنا في السماء.
 
سينتقل الجثمان إلى إيباراشية طما وسيصلى عليه بين أبنائه هناك بعد أن تمت علية الصلاة في لندن.
وسوف يزف في المكان الذي خدم فيه في الهيكل باعتباره خدم هذه الإيباراشية.
الله يعزينا جميعًا ويكمل أيام غربتنا في سلام.