" كيرياليسون " و سطور المحبة والألم
جاكلين جرجس
٠١:
٠٢
م +02:00 EET
الاربعاء ٧ مارس ٢٠١٨
جاكلين جرجس
" كيريالسون .. فى محبة الأقباط " إصدار جديد للكاتب الإعلامى حمدى رزق ، أرى إن سطوره كُتبت بمهنية وحرفية الصحفى فى ترتيب منطقى وأيضاً بشغف الباحث و المدقق فى محاولاته الاستقرائية .
لكل ما عناه مسيحيو مصر فى الفترة من 2011 حتى2017 ؛ فقلما تجد من يسرد حوادث الفتن الطائفية الخسيسة و يتناول بالاستعراض والتحليل مواقف الاقباط وردود أفعالهم الوطنية بعد كل حادث ؛ فيرصد بعين المتابع المدقق تبعات هذه الأحداث من دعوات للتفرقة بين أبناء الوطن الواحد ، وكأن لسان حاله يقول : " وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ " .
و فى هذا الصدد ، قام الكاتب باستعراض تفاصيل تلك الاحداث و تجاوز المواطن المصرى لابعادها السلبية فى كل مرة يعتقد فيها أهل الشر أنهم قد نالوا من الوحدة الوطنية لشعبنا العظيم و لكن تظل حالة الُلحمة والترابط الإنسانى بين الناس فى مناطق تلك الأحداث وحتى على مستوى الوطن .
يستهل الكاتب فصول الكتاب باستعراض دور ثلاث مؤسسات هامة الجيش و الأزهر و الكنيسة فى مواجهة قوى الشر ، و حول دور القوات المسلحة الوطنى ذكر الكاتب .
" جيش وطني، قوامه من قوام هذا الشعب، وسواعده شباب هذا الشعب، جيش مخلص للوطن، لم يعرف يومًا طائفية أو جهوية أو عرقية أو إثنية، جيش يمم وجهه للوطن من بعد وجهه سبحانه وتعالى، يبغون نصرًا أو شهادة، لم تتسلل إليه فتن خبيثة، أو طائفية مقيتة، وارتوت أرضه بدماء المسلم والمسيحي، يجمعهم نداء الوطن، ويسعون إلى الجندية سعي المخلصين، لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الوطن، ويذكرون الله كثيرًا في صباحات الحرب والسلم، خير أجناد الأرض، هم الجند الغربي الذي ذكرهم - صلى الله عليه وسلم- في حديثه الشريف، جيش أصدق تعبير عن هذا الشعب، يحاذي في الصف الغني والفقير، ابن القائد وابن الفلاح، ويتقدمهم قادة نذروا أنفسهم فداء للوطن، انظر لقائمة الشهداء، يتسابقون إلى الشهادة قادة وصفًا وجنودًا، وتكتب أسماؤهم شهداء في لوح محفوظ، أحياء عند ربهم يرزقون ".
وقد أكد الكاتب على دور مؤسسة الأزهر الشريف فى المرحلة الحالية .
" أزهر وسطي عامل على نشر السلام والمحبة، ورجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ومشيخة هي قبلة للعالمين، وتاريخ تليد وحاضر ينبئ عن مستقبل، الدعوات الصالحات هي ما يمكث في الأرض، حافظ الأزهر على الإسلام السمح، ولم يذهب إلى فرقة أو تشدد، وشباب حمل الأمانة، وشيوخ ينافحون عن صحيح الدين، وأعلام يفخر بها كل مسلم في توادهم وتراحمهم، وتمسكهم بصحيح الدين، متمثلين قوله المعصوم - صلى الله عليه وسلم- يوم عرفة: "يا أيها الناس إني تركت فيكم من ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي (أهل بيتي)".
و أثنى على دور كنيسة الوطن، و ردود افعالها الوطنية عقب كل الاحداث الطائفية البشعة ، و التى فقدت على إثرها عشرات من أبنائها ما بين شهداء ومصابين فضلاً عن حرق وهدم وسلب العديد من المنشأت الدينية فى عدد من المحافظات.
" كنيسة وطنية خالصة، شجرة طيبة، ترتوي من نيل طيب، كنيسة ترفع لواء الوطن، لا تعرف غيره وطنًا، ومصر في ضميرها، وطن يعيش فينا، وليست وطنًا نعيش فيه، والعبارة من مأثورات بابا العرب المتنيح، قداسة البابا شنودة الثالث، وزادها ألقًا على ألق قول خليفته في كنيسة الوطن البابا تواضروس الثاني، قال محبًا: وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن، كنيسة لم تخرج على الوطن، بل سكنت القلب منه، وشعبها من بين الصلب والترائب، شعب الكنيسة في قلب الشعب المصري، لايغادره أبدًا وإلى أبد الآبدين.
ويخلص الكاتب بعد استعراض دور تلك المؤسسات الوطنية التى تجسدت فى يوم الثالث من يوليو فى مشهد عظيم من مشاهد الوطنية و التحول الديموقراطى .
تجسد هذا المثلث يوم الثالث من يوليو على منصة الوطن، صورة بألف صورة مما تعدون، صورة جمعت القائد العام وزير الدفاع ابن مصر البار الفريق أول عبد الفتاح السيسي، يلقي بيان الأمة إلى الشعب، اختاره الشعب على عينه وحمله الأمانة، فحملها السيسي وألقى بيانه في جمع من قادة القوات المسلحة اصطفوا جميعًا ليبرهنوا للشعب أن قواته المسلحة خير حافظ بعون الله، وتنطق الصورة بحضور فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وقداسة البابا تواضروس بطريرك الكنيسة المصرية، لتجتمع قاعدة المثلث على ضلعيه ليكونوا معًا النواة الصلبة التي قامت عليها ثورة الشعب معبرة عن أمانيه في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
المثلث الصلب لا يزال صلبًا قويًا صقلته الخطوب، يدافع عن الذين آمنوا بالحرية، ويعلي اسم الوطن على ما عداه، ويقف حاميًا على ثغور الوطن، منافحًا عن الحدود، حاميًا للجبهة الداخلية، ويوم تكالبت الأكلة على قصعتها، نفر الرجال في مهمة دفاعية كلفتهم غاليًا، ولكنهم أبدًا لا يضنون على وطنهم بالتضحيات الجسام، وليس هناك أغلى من الدماء الزكية، وقدموا الشهداء فداءً، والشعب شاهد على عظم البذل والعطاء ".
إلى هنا انتهى الاقتباس من أحدى أجزاء " كيرياليسون " ... فى محبة الاقباط .
وعليه فإن كل كلمة خُطت جاءت فى إطار مفاهيم " المواطنة الكاملة " التى يحرص على تفعيلها الرئيس " السيسي " عبر معظم خطاباته .
ليصبح هذا الكتاب قدوة يحتذى بها فى تجديد الخطاب الدينى لتعميق أواصر و ترابط قطبى الأمة فمصر ليس " وطنا نعيش فيه بل وطنا يعيش فينا " .