هل هو نقص أموال أم زيادة لصوص؟!
مقالات مختارة | بقلم : خالد منتصر
٥٥:
٠٩
م +02:00 EET
الاثنين ٥ مارس ٢٠١٨
إدوارد غاليانو، كاتب وروائى من أوروجواى، توفى منذ نحو ثلاث سنوات، أنت بعد قراءته لست كما كنت قبلها، كاتب استثنائى لا تستطيع تصنيفه أو سجنه فى قالب، استخدامه للغة مدهش، استدعاؤه للصور والتراكيب والأخيلة متمرّد ومتجاوز كل الأسقف والجدران والفضاءات، مقالى اليوم هو مجرد طعم أو طبق مشهيات لتتناول بعدها أجمل وجبة ثقافية إبداعية على مائدتك الجديدة، تعرّف على «غاليانو» المدهش الصادم الممتع من خلال تلك الاقتباسات، ثم احفر طريقك معه منفرداً:
- الرحلة:
أوريول فال، الذى يتولى العناية بحديثى الولادة فى أحد مستشفيات برشلونة، يقول إن أول حركة للكائن البشرى هى العناق. فبعد الخروج إلى الدنيا، فى بدء أيامهم، يحرك حديثو الولادة أيديهم، كما لو أنهم يبحثون عن أحد.
أطباء آخرون، ممن يتولون رعاية أناس عاشوا طويلاً، يقولون إن المسنين، فى آخر أيامهم، يموتون وهم يرغبون فى رفع أذرعهم.
هكذا هو الأمر، مهما قلّبنا المسألة، ومهما وضعنا لها من كلمات. ففى هذا، ببساطة، يُختزل كل شىء: بين خفقتين بالأذرع، دون مزيد من التفسيرات، تنقضى رحلة الحياة.
- الاستعمار الواضح يبتُرك دون تنكر: يمنعك من الكلام، ومن الفعل، أو يمنعك من الوجود. أما الاستعمار اللامرئى، على أى حال، فيقنعك أن العبودية هى قدرك، والعجز طبيعتك: يقنعك بأنه ليس من الممكن الكلام، وليس من الممكن الفعل، وليس من الممكن الوجود.
- حين يكون الصوت الإنسانى حقيقياً، حين يولد من الحاجة إلى الكلام لا أحد يستطيع أن يوقفه، حين يمنع عنه الفم، يتحدّث بالأيدى والأعين بالمسام أو بأى شىء آخر، لأن كل واحد منا لديه شىء يقوله للآخرين، شىء يستحق أن يحتفى به الآخرون أو يصفحوا عنه».
- من الطيور تعلمنا بناء البيوت، من العناكب تعلمنا الحياكة، من الجذع الذى يتدحرج على المنحدر تعلمنا العجلة، من الجذع الذى يطفو مع التيار تعلمنا السفينة، من الريح تعلمنا الشراع، من الذى علمنا العادات الخبيثة؟ ممن تعلمنا تعذيب الآخر وإذلال العالم؟
- التاريخ لا يقول وداعاً أبداً، التاريخ يقول سأراكم لاحقاً.
- نحن لا نعانى من نقص فى الأموال، بل من زيادة فى اللصوص.
- أنا لا أطلب منك أن تصف سقوط المطر، أنا أطلب منك أن تجعلنى أتبلل، فكر بالأمر أيها الكاتب.
- المتاريس التى أغلقت الشوارع، فتحت الطريق.
- فى النّهاية نحنُ محصّلة جهودنا فى أن نغيّر ما نحن عليه.
- نحن نعيش أَوْج عصر التفاهة.. حيث عقد الزواج أهم من الحب، مراسم الدفن أهم من الميت، اللباس أهم من الجسد، وقدّاس الأحد أهم من الله.
- فى بلادنا يعرض التليفزيون ما يجب أن يحدث، ولا شىء يحدث إن لم يُعرض على التليفزيون.
- الجوع يتغذى على الخوف.
- لا يستطيع أن ينظر إلى القمر دون أن يقيس المسافة/ لا يستطيع أن ينظر إلى شجرة دون أن يفكر بالحطب/ لا يستطيع أن ينظر إلى لوحة دون أن يحسب السعر/ لا يستطيع أن ينظر إلى امرأة دون أن يحسب حساب المجازفة».
نقلا عن الوطن