خسائرنا في الحروب المذهبية عشرة أمثال خسائرنا مع إسرائيل
سليمان شفيق
٣٢:
٠٨
ص +02:00 EET
الاثنين ٥ مارس ٢٠١٨
سليمان شفيق
في الوقت الذي تحارب فية القوات المسلحة المصرية والشرطة الارهاب ، يقوم الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزارة الخارجية والاجهزة السيادية بحرب اخري خارجيا لاتقل شراسة عن الحرب في سيناء لمحاولة حصار تركيا وقطر وايران في حركتهم المناوئة لمصر ، نجحنا في احتواء الخلافات بين حماس والسلطة الفلسطينية ، وبين اطراف المعارضة السورية ،لى الجانب الآخر تزامن مع هذه التطورات الخطيرة ما يحدث فى أفريقيا ما بين مصر والسودان وأثيوبيا، الشهرالماضى عقد وزيرا الخارجية المصرى والسودانى اجتماعين على انفراد، كما عُقد اجتماع لرئيسى جهاز المخابرات المصرية والسودانية، ثم اجتماع رباعى شامل اتسم بالمصارحة والمكاشفة لمناقشة كل الأمور.. وأتت زيارة الغندور للقاهرة بعد القمة التى جمعت الرئيس عبدالفتاح السيسى، والرئيس السودانى البشير، على هامش القمة الثلاثين للاتحاد الأفريقى بأديس أبابا نهاية يناير الماضى، كما لا يمكن استبعاد الدور الإثيوبى فى المعادلة، حيث سبق أن إشار إبراهيم الغندور فى زيارتة لإثيوبيا 14 يناير الماضى إلى وجود خيوط تشير إلى مهددات تستهدف أمن السودان فى الشرق، وأن السودان سيكشف ذلك بالتفاصيل فى الوقت المناسب، كما أضاف الغندور «أن الزيارة تأتى أيضا فى إطار التشاور فى مجال العلاقات الثنائية»، مما يؤكد أن لقاء وزيرى الخارجية السودانى والإثيوبى فى 14 يناير مهد للقاء «البشير السيسى» فى نهاية يناير بدورة الاتحاد الأفريقى، ومن جانبه قال وزير الخارجية الإثيوبى فى المؤتمر الصحفى بالقاهرة: «أن العلاقات بين البلدين قائمة على تبادل المنافع المشتركة لاسيما فى المجالات السياسية والاقتصادية فضلا عن تقوية العلاقات الشعبية. وحول قضية مياه النيل وقضية سد النهضة، قال وزير الخارجية الإثيوبى إن هذه القضية هى قضية ثلاثية وتم التوصل فيها إلى اتفاقية ثلاثية «سنعمل فى إطارها»، منوها أن إعلان المبادئ الذى وقعت عليه الدول الثلاث ينص على ذلك صراحة.. مما يؤكد الدور المصرى الإثيوبى فى حل العلاقات مع السودان ومصر.
كل تلك التطورات كان لابد ان تقابل من محور ايران تركيا قطر ، وكانت صحيفة «فاينانشال تايمز» قد نشرت تحقيقًا نقلًا عن مسئولين وسياسيين عسكريين مطلعين، عن تورط إيران فى دفع مليار دولار لضباط استخبارات إيرانيين، لكتائب حزب الله بالعراق، ولتنظيم أحرار الشام التابع للقاعدة فى سوريا، كما كتب مارتن شلوف فى صحيفة الجاردين بأن الدوحة لا يمكنها التراجع بسرعة أمام المطالب السعودية، كما لايمكنها تحمل العزلة، فى حين أكد الباحث فى معهد دول الخليج حسين أبيش بأن الأزمة الدبلوماسية خلقت فرصًا لإيران على المدى الطويل، لاختراق الرأى العام الخليجى، وبالفعل ضباط استخبارات الحرس الثورى الإيرانى يحيطون بتميم، وهكذا نجد أن إيران وتركيا يتحركان مع إيران بمعزل عن كونها دولة عربية أو خليجية ، وقطر تتصرف على هذا النهج فهى تضم على ترابها (قاعدة أمريكية وأخرى تركية واستخبارات الحرس الثورى الإيرانى)، كما لو كانت منطقة محايدة لا تمت لأى تجمع عرقى أو ثقافى.
الحقيقة أن قطر اثبتت فشل النظام القومي العربي، الأمر الذى بدأ من غزو صدام للكويت 1990، وما تلاه من ضرورة استدعاء التحالف الدولى لتحرير الكويت وبعدها إسقاط نظام صدام نفسه، وحل الجيش العراقى والصراعات المذهبية، ولعل ما يحدث الآن لا يتسم بالحكمة.. وإذا تطورت الأمور أكثر من ذلك سندفع جميعًا ثمنًا غاليًا، ولعلنى أذكر الأجيال الجديدة أن الصراع العربى الإسرائيلى من 1948، وحتى الآن قد كلفنا (200 ألف )، خسائر بشرية و600 مليار دولار وأربعة ملايين مشرد ولاجئ).
فى حين أن حروبنا الأهلية المذهبية والأهلية فى السودان من 1956، وحتى إعلان دولة جنوب السودان، والعراق من 60 إلى 1991، ولبنان 1975 إلى 1990، واليمن الشمالى 1962 إلى 1972، وإلخ قد كلفتنا خسائر بشرية مليون ونصف المليون و2300مليار دولار، وثلاثة عشر مليون لاجئ ومشرد.
وإذا توقفنا فقط أمام تكلفة الصراعات المذهبية فى العراق بعد سقوط بغداد وحتى ظهور داعش سنجدها: (الخسائر البشرية مليونا قتيل والمشردون ثلاثة ملايين والمادية 1200 مليار دولار ).
أما حروب داعش فقط فى السنتين الأخيرتين فهى كالتالى: (الخسار البشرية 750 ألفًا ، اللاجئون والمشردون 14 مليونًا والخسائر المادية 1300 مليار دولار)،
أى أن خسائر حروبنا الداخلية العربية العربية فهى تمثل أربعة ملايين وربع المليون (فى حين أن خسائرنا مع إسرائيل (200ألف)، وخسائرنا المادية 4800مليار دولار فى حين أن خسائرنا مع إسرائيل (600 مليار)، وإذا وصلنا للمشردين واللاجئين من جراء حروبنا العربية العربية سنجدهم 27 مليونًا، فى حين أن حروبنا مع إسرائيل شردت (4ملايين فقط.)
ناهيك عن حرب صدام وإيران وغزوه للكويت ، أى أن خسائرنا من بعضنا البعض تبلغ عشرين مرة حجم خسائرنا مع العدو الصهيونى ، وللأسف إن ال (4800مليار)كان يمكن أن تحدث تنمية وقفزة حضارية فى المنطقة، وأغلب هذه التكلفة من 1990، وحتى الآن دفعتها العربية السعودية، ولم أحسب بالطبع الحرب الأهلية الدائرة فى اليمن الآن.
وللأسف تلك الحروب العربية العربية خلقت توجهات جديدة منها استبدال القومية العربية بالقومية الدينية، وتحلل ذلك إلى صراعات مذهبية بين (السُنة والشيعة) وأخرى دينية بين المتأسلمين وأصحاب الديانات الأخرى خاصة المسيحيين، وغياب الرؤية وأصبحت سوريا والعراق مثلا حقل تجارب لتلك الصراعات الدموية دفع ثمنها ملايين البشر من كل الأديان والمذاهب .