نظرة متعمقة 2-3
د. مينا ملاك عازر
الأحد ٤ مارس ٢٠١٨
د. مينا ملاك عازر
قد بدأت في المقال السابق الحديث عن نظرة متعمقة شاملة قدر الإمكان للأحوال بمنطقة الشرق الأوسط، وقد رصدت قدر الإمكان الحال بالعراق، وكنت قد بدأت الحديث عن سوريا، ورصدت حالة داعش والدعم التركي له، والتواجد الروسي، والآن ننتقل للتواجد الإيراني.
إيران لاعب مهم لأبعد الحدود بمنطقة الشرق الأوسط ولو كره آل سعود، لكن الحقيقة الواقعة تقول أن الجميع يعمل لهم ألف حساب، وقد أنشأت إيران قاعدة عسكرية لها بالقرب من دمشق، ربما هي نفس القاعدة التي كافحت إسرائيل طويلاً لمنع بنائها بضربات جوية وغارت صاروخية مستمرة على منطقة ريف دمشق وغيرها من المناطق السورية، لكن أخيراً نجحت إيران أن توجد قاعدة لها بجوار القاعدة الروسية البحرية والأخرى الجوية، والتواجد الإيراني ربما دفع الثمن من؟؟؟ النظام السوري الذي يمتن للإيرانيين ومدين لهم بسر بقائه للآن بالأكثر من الروس، فلعل إيران لم تقبل التفاوض عليه بعكس الروس الذين كادوا يبيعونه ويتخلون عنه مقابل صفقات لم تنجح.
أما إسرائيل التي كافحت المد الإيراني في الشرق الأوسط وبعد أن ذاقت ويلاته في لبنان، فقد فشلت في منع هذا المد وأعلنت إيران مؤخراً عن وجود قاعدة لها في سوريا كما ذكرت، ولكنها نجحت في أن تربط نفسها بروابط اقتصادية جيدة مع مصر، بعد أن فشلت في التوافق مع تركيا، ولعل الفشل والنجاح كان قائم على ذكاء المصريين الذين وجهوا للأتراك ضربة قوية وللأمانة لم تكن لمصلحة المصريين فحسب ولكن أيضاً لمصلحة الروس الذين انتفعوا من التباعد الإسرائيلي التركي، لتبقى تركيا في حاجة للغاز الروسي وتحت رحمتهم، ولا تخرج أيضاً أوروبا عن طاعة روسيا أو من مدار تهديدها بمنع الغاز عنهم وقتما تريد، وهو ما تحقق ببيع إسرائيل الغاز لمصر لتبقى مصر المتحكمة بالغاز المُصدر سائلاً لأوروبا خاصةً إذا نجحت مصر حقاً في تنفيذ صفقة استحواذ على الغاز القبرصي، الذي لو نجحت قبرص في اكتشاف المزيد من الحقول لن يعني هذا إلا المزيد من التواري للدور التركي، والصدام المحتوم بين أوروبا وتركيا.
أما لبنان فهي أكثر البلدان المضارة من حرب الغاز الدائرة، لأن إسرائيل قد أستولت على حقل غاز من حقها، لكن من الواضح أن حزب الله يهدد ويتوعد ووعيده لا يعد كلام في الهواء لأن الآن السلاح أكثر في يد رجاله، قاتلوا أكثر وتمرنوا على القتال العملي في سوريا، وهناك قاعدة إيرانية بالقرب منه في سوريا بل أن حزب الله الآن له علاقات جيدة بالكثير من الأطراف في المنطقة، وأثبت نجاحه بعد أن طعن السعوديين السنة في صدرهم بعد إعادة الحريري عن استقالته ودعم الحريري لزيارة آل سعود مرة أخرى بعد اختفائه وإجباره على الاستقالة، لإثبات أنهم أقوياء والعلاقات الجيدة لحزب الله مع الفرنسيين هي التي جعلته هكذا، وربما الرغبة الفرنسية للحفاظ على لبنان مستقر تجعل إسرائيل تفكر كثيراً قبل استفزاز حزب الله لأنه لن يكون صيد سهلاً، كما أن ثمة انتخابات برلمانية نيابية قادمة بلبنان ستحدد الكثير من الشكل السياسي في البلد الجميل.
المختصر المفيد مرة أخرى تبقى الإنسانية والرحمة الحصن الحصين لبلاد المنطقة.