أ مُدمنٌ أنت على الحب؟ يأتي الحنين في صورتين، وكلتاهما مؤلمتان
منوعات | أنا أصدق العلم
الأحد ٤ مارس ٢٠١٨
قد يشبه الحب مفعول المخدر.
حينما تعجز عن تناول الطعام ويجافي مقلتيك النوم، وكل ما يجول بخاطرك هو خطوتك التالية؛ فأنت قد تكون حينها مدمنًا على الحب.
في الغالب، تصاحب الرومانسية الشديدة أعراضٌ تشبه الإدمان، تتمثل في الحنين، النشوة، التبعية، الانسحاب والانتكاس. حيث أظهرت صور للمخ أنها قد ترتبط بنشاط يشبه إدمان المخدرات في مراكز المكافئة في الدماغ.
غير أن فكرة إدمان الناس على الحب مثيرة للجدل، إذ يقول «بريان إيرب – Brian Earp» من «مركز جامعة أوكسفورد للأخلاقيات العصبية – Oxford University Centre for Neuroethics»: «يصبح الأمر معقدًا بسبب معارضة الناس لنظرية الإدمان الصحيحة، خصوصًا يعارضون مقصدنا عند استخدام كلمة الحب».
ويضيف «أندرس ساندبيرج – Anders Sandberg» من نفس المركز الجامعي: «أعتقد أنه حينما يحين الوقت ويدرك المرء عدم الرغبة في الوقوع أسيرًا للحب، فإنه لا يمكن تجنبه ويؤدي ذلك إلى أمور ذميمة، مثل الإساءة، لأننا نتعدى الحدود إلى مستوىً يشبه الإدمان».
بعد التمعن في 64 دراسة تعلقت بالحب والإدمان نُشرت جميعها بين عامي 1956 و2016، توصل «إيرب» وفريقه إلى دليلٍ على وجود نوعين مختلفين من إدمان الحب.
إشارات المكافئة:
اكتشف الفريق أن الأفراد الذين تتملكهم مشاعر الوحدة الشديدة حينما لا توجد لديهم علاقات ويسعون من فورهم لإيجاد بديلٍ لشريكٍ سابق، قد يصابون بما أسماه الفريق: صورة «ضيقة» من إدمان الحب.
يجد هؤلاء الأفراد صعوبة في تجاهل الرغبة الشديدة في التقرب من مصادر الاشتياق، وتكون لديهم الرغبة في قضاء جُل وقتهم معهم، فتتطور لديهم أفكار وسلوكيات استحواذية، وفي بعض الحالات، كان مآل ذلك إلى المطاردة وحتى القتل.
ينطوي الإدمان من تلك الشاكلة على فقدان السيطرة والخلل الاجتماعي. وتمامًا مثل أشكال الإدمان الأخرى، تثير العمليات غير الطبيعية داخل الدماغ ذلك السلوك الذي يعمل على تعزيز إشارات المكافئة.
يقول «إيرب»: «يُغرق إدمان المخدرات العقل بهرمون «الدوبامين – Dopamine» والذي يثير إشارة مكافئة قوية غير اعتيادية كفيلة بدفع الشخص إلى معاقرة المخدرات مرة أخرى.
حتى لو كان الأمر ينعكس سلبا اهتمامات أخرى في الحياة». وباستعراض تلك الدراسات، وجد الفريق أن بعض تجارب الحب ينتج عنها إشارة مكافئة قوية غير اعتيادية مماثلة، تدفع الشخص إلى السعي نحو معاودة التجربة مرة أخرى.
غير أن الفريق وجد، أيضًا، دليلًا على نوع «واسع» من إدمان الحب والذي يقع ضمن نفس طيف الحب العادي ولكن باشتياق أقوى يمكن السيطرة عليه.
النشوة والاكتئاب:
تعتمد تلك الفئة فقط على السلوكيات المشابهة لإدمان المخدرات، وهي اندفاع النشوة عقب كل لقاء، مقابل اليأس، الحزن والاكتئاب حينما تتعرض العلاقة لنهاية فجائية.
ولا يرى بعض الباحثين أن هذه النوعية من السلوكيات تمثل إدمانًا، حيث أن تجربة تلك المراحل ليست بالضرورة سيئة للشخص على المدى الطويل.
مع ذلك، وجد فريق «إيرب» دليلًا على أن الناس ضمن فئتي إدمان الحب السابقتين، يمكن أن يتعرضوا لتأثيرات ضارة في حيواتهم، وفي بعض الحالات، يبدو أن إدمان الحب يُساهم في جعل الناس يستمرون في علاقات تعسفية أو يتبعون زعيم مذهبٍ ما.
كانت «لوسي براون – Lucy Brown»، اختصاصية العلوم العصبية في كلية أينشتاين للطب بنيويورك، إحدى أول الباحثين اللذين اقترحوا فكرة الحب بصفته إدمانًا، ونادت وزملائها بأن الحب الرومانسي إدمان طبيعي تطور عبر ملايين السنين باعتباره آلية بقاء لتشجيع الارتباط بين الأزواج.
لكنها، بالمقابل، تعارض فكرة تقسيم إدمان الحب إلى فئتين، وتقول عن وجهة نظر «إيرب»: «بالنسبة لي، يبدو بحثًا غريبًا»، وفي حالة وجوب اختيار أي من النوعين يعكس وجهة نظرها عن إدمان الحب بالصورة المثلى، وبحسب قولها، فإنها تتبنى النظرة الواسعة، قائلةً: «نرى أن الحب طبيعي، وبالتالي نتبنى النظرة الواسعة».
علاج انفطار القلب:
يقول «براون»: «يعتبر انفطار القلب هو الوقت الذي يكون فيه الحب مؤلمًا ويحتاج إلى علاج». ثم يضيف: «بالنسبة إلى الكثيرين، يتضاءل انفطار القلب بمرور الزمن أو بمساعدة العلاج أو حتى بتناول مضادات الاكتئاب».
ولكن من يصارعون أمواج إدمان الحب قد يُدمنون يومًا أنواع أخرى من العقاقير. ونظرياً، يمكن تطوير عقاقير تعطل الرابط الذي يجمعنا بشخص ما.
تناولت إحدى الدراسات في عام 2013 الهرمونات لدى فئران البراري، حيث أن تلك القوارض أحادية الزوج تبني روابط زيجية قوية، وهي عملية تشتمل على هرمون «فازوبرسين – Vasopressin». وجد الفريق أن منع مستقبلات هذا الهرمون عند الفئران يجعل الذكور تتوقف عن الدفاع عن إناثها وتقضي مزيدًا من الوقت مع إناث أخريات.
وهناك أيضًا دليل يوحي بوجود شبكات مانعة للحب في أدمغتنا والتي تساعدنا على قلة الارتباط بأناس أحسسنا باقترابنا منهم في السابق، وقد يساعدنا الانخراط في ذلك على تسريع قدرة الشخص على التخلص من أحاسيسه تجاه شخصٍ ما. لكننا لم نتوصل بعد إلى كيفية القيام بذلك.