بقلم: إسحق إبراهيم
سياسي يرتدي عباءة فنان، لم يخطط لأن يكون مؤلف ومخرج، فقد درس الهندسة الكهربية وترأس اتحاد طلاب الجامعة ولم يكن له أي نشاط تمثيلي أو إخراج خلال الدراسة.
ارتبط بالأستاذ يوسف شاهين وشرب منه "الصنعة" لكنه مازال أسير المعلم، يدور في فلكه دون الوصول إلى فلسفة الأستاذ، فالسياسة عند التلميذ طغت على الفن والانحيازات سبقت الرسالة وتميمة الجنس تفوقت على الرمز.
يُعد خالد يوسف من أشد المؤمنين بالقومية العربية وبالرئيس جمال عبد الناصر، وهذا الأمر انعكس على جميع أفلامه التي جاءت لتقدس أفكار الديكتاتور وتمجد من إخفاقاته وتُعلي من قيم مجتمعه التي انهارت وسط حقبة شهدت هزائم مصر داخليًا وخارجيًا.
والغريب أن العلاقة بين "خالد يوسف" وبين مؤسستيّ الرقابة وأمن الدولة وهما تابعتين للدولة "سمن على عسل" -إن جاز التعبير- فمقص الرقيب غائب عن أعماله وآلة الحذف لم تصل إليها -وهو ما نتمناه لكل الأعمال الإبداعية- وذلك رغم هجومه الشديد على الدولة والحكومة، ويكفي تصريحه لقناة "الجزيرة الوثائقية": أنه لو لم تكن لدينا حكومات عميلة ما تحولت غزة الآن إلى ضحية لافتراس الآلة الهمجية الصهيونية!!
"دكان شحاتة" هو عنوان فيلم خالد يوسف الأخير والذي فجّر ضجة شديدة وبدأ محامو الحسبة في تحريك دعاوى قضائية تطالب بوقف عرضه، والفيلم يتحدث عن المكان والصراع على الملكية بين الأشقاء، فالفيلم يبدأ منذ ولادة شحاتة وهي الفترة التي توفيَّ فيها الرئيس الراحل أنور السادات وتنتهي أحداثه بوفاة البطل في 2013 وهي الفترة التي ظلت تحت تجربة سياسية واحدة ذات توجه اقتصادي محدد، فالفيلم يتحدث عن نتاج هذه التجربة وتأثيراتها على ملامح الشخصية المصرية وينتهي بتوقع حدوث فوضى.
ويتضمن الفيلم مشهد لهيفاء وهبي يصورها على أرجوحة، عارية السيقان على مرأى من مجموعة من مشايخ الطرق الصوفية الذين يلتفون في حلقة الذكر وتشغلهم سيقان هيفاء عن أذكارهم، واعتبر المشايخ هذا المشهد يسيء للمسلمين وللطرق الصوفية تحديدًا وقرر عدد منهم رفع دعوى قضائية ضد خالد يوسف مخرج فيلم.
ويبدو أن الكثير من القضايا تنتظر خالد يوسف وأبطال فيلمه الجديد، حيث طالب محامي الحسبة "نبيه الوحش" مدمن الشهرة بوقف عرض الفيلم وكذلك التحقيق مع المخرج وأبطال الفيلم وكل صُنّاعه بتهمة الإساءة للدين الإسلامي بسبب بعض الجمل في الفيلم، كما أن بالفيلم مشاهد جريئة وفاضحة -على حد تعبيره- تدعو للفسق والفجور وتحرض على الرزيلة، ويحرض الزوجات على الخيانة واستغلال النقاب في أمور منافية للآداب وهو ما يعد خروجًا على قواعد الشريعة الإسلامية.
تعرض المخرج خالد يوسف لانتقادات عارمة أيضًا بسبب فيلم "حين ميسرة" حيث تناول الحياة داخل العشوائيات بصورة وصفها البعض بأنها مبالغ فيها، كما أثار مشهد السحاق الذي أدته الفنانتان غادة عبد الرازق وسمية الخشاب هجومًا عنيفا ضده.
وقال الداعية "يوسف البدري": إن المشهد "السحاقي" يدل على انحدار الأخلاق في السينما، وطالب المفكر الإسلامي الدكتور عبد الصبور شاهين بإحالة بطلتي ومؤلف ومخرج الفيلم إلى النيابة العامة للتحقيق معهم بتهمة الدعوة إلى نشر الشذوذ الجنسي والسحاق والتخريب الأخلاقي، وقد طالب بعض نواب مجلس الشعب بوقف عرض الفيلم.
يذكر أيضًا أن اللغة المباشرة في فيلم "خيانة مشروعة" أثارت حفيظة الكثيرين من النقاد والمشاهدين، فالفيلم رسالة سياسية تهدف بالطبع إلى نقد وتقييم النظام الرأسمالي خاصة بعد ما يسميه اليساريون: انقلاب 15 مايو 1971، وهو ما يسميه الرأسماليون بثورة التصحيح، ويستخدم "الرمزية المباشرة" لاستعراض التيارات السياسية الموجودة حاليًا في مصر، كما يستعين بشخصيات عامة المفترض أنها تمثل دورها الذي تؤديه في الواقع.