مع بدء الحملات الانتخابية .. لا تتركوا الأحزاب هشة مبعثرة !!
يوسف سيدهم
السبت ٢٤ فبراير ٢٠١٨
يوسف سيدهم
بالتزامن مع إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات أمس السبت الأسماء التي اجتازت إجراءات الترشح لمنصب رئيس الجمهورية بدأت فترة الحملات الانتخابية لكل مرشح والتي تمتد 28 يوما من أمس 24 فبراير إلي 23 مارس المقبل بإذن الله, وهي فترة سوف تشهد زخما سياسيا وإعلاميا وشعبيا لرصد ومتابعة ما سيقدمه المرشح من رؤي وأهداف وبرامج لخدمة مصالح هذا الوطن داخليا وخارجيا إذا تأهل لقيادته في فترة الرئاسة المقبلة ومدتها أربع سنوات 2018-2022.
وكما كتبت أكثر من مرة عبر السنة الماضية وآخرها منذ نحو شهر في 28 يناير الماضي سوف يكون اهتمامي وشغلي الشاغل البحث عن رؤية المرشح حول إصلاح الحياة السياسية وتنشيط الخريطة الحزبية من أجل إخراج العمل الحزبي من دائرة التشرذم والركود إلي آفاق جديدة رحبة ترتبط بالجماهير وتفرز برامج حقيقية للعمل الوطني وتخلق قيادات واعية تستطيع التقدم للمنافسة علي تداول السلطة.
دعونا أولا نعترف أن ما أوصلنا إلي حالة التشرذم الحزبي هو الإطلاق غير المنظم أو غير المقيد لحق تكوين الأحزاب السياسية حتي تجاوزنا المستهدف من التعددية إلي الانفلات… فالدستور ينص في مادته رقم (74) علي الآتي: للمواطنين حق تكوين الأحزاب السياسية بإخطار ينظمه القانون, ولا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية علي أساس ديني, أو بناء علي التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو علي أساس طائفي أو جغرافي, أو ممارسة نشاط معاد لمبادئ الديمقراطية أو سري أو ذي طابع عسكري أو شبه عسكري. ولا يجوز حل الأحزاب إلا بحكم قضائي.
وبناء علي هذا النص الدستوري وعلي قانون لجنة شئون الأحزاب تمتع بحق تكوين حزب سياسي عدد يقترب من المائة حزب مسجلين بالخريطة الحزبية.. هذا واقع تشهد به الأوراق, أما فاعلية تلك الأحزاب وتفاعلها مع الجماهير وتفاعل الجماهير معها وتأثيرها في الحياة السياسية فذلك أمر آخر يكتنفه الغموض والقصور والعجز… ولعل من المعايير المفتقدة في قوانين ولوائح تكوين الأحزاب استيفاء حد أدني لحجم العضوية في الحزب لإدراك الاستحقاق السياسي والجماهيري لاكتساب صفة حزب والقدرة علي التمثيل الشعبي والانخراط في العمل السياسي… فكانت النتيجة المؤسفة وجود أحزاب شرعية مسجلة ومحسوبة علي الخريطة الحزبية لا يتجاوز ثقلها مجموعة من العشرات هم مؤسسها… أما وجودها في الشارع ونشاطها الحزبي فذلك موضوع آخر!!
ويتساءل البعض: هل من أجل إصلاح هذا الواقع الهش يلزم فتح الدستور وتعديل المادة (74)؟… وأقول لا, ليست هناك حاجة إلي ذلك خاصة أن تعديل الدستور ليس أمرا هينا, إنما يتضمن نص المادة ذاتها عبارة: ..تكوين الأحزاب السياسية بإخطار ينظمه القانون…, إذ يمكن أن يبادر البرلمان أو تتقدم الحكومة بتعديل لقانون تكوين الأحزاب يتسق مع ما تنص عليه المادة (74) من الدستور ويضيف المعايير الواجب استيفاؤها من جميع الأحزاب من أجل إدراك حياة حزبية فاعلة وخريطة حزبية عفية تصلح للعمل الوطني ولتداول السلطة.
وفي هذا الإطار أقول: ليس الأمر مقصورا علي حجم عضوية الحزب لكنه يمتد قبل ذلك إلي الهوية السياسية للحزب ومبادئه وبرامجه وتلك خاصية مهمة جدا نحو العمل علي تأسيس تكتلات حزبية قوية تعيد اصطفاف المائة حزب في ما لا يتجاوز خمس كتل موزعة علي خريطة التيارات السياسية الحزبية من يمين ويمين وسط ووسط ويسار وسط ويسار وتلك الكتل كفيلة باستيعاب سائر التوجهات السياسية والانتماءات الحزبية والرؤي والبرامج مع توحيد الصفوف وتنسيق الجهود وتجميع الجماهير بحيث يكون لكل كتلة ثقلها وتأثيرها في العمل الوطني والسياسي.
لست أزعم أن هذا التوجه يلزم أن يفرض علي الأحزاب قسرا, لكن يمكن البدء بالدعوة لاصطفاف الأحزاب بناء عليه طوعا وتكوينها الكتل السياسية المذكورة ولكم أن تتصوروا مقدار النضج السياسي الذي سيتحقق إذا استطعنا إدراك ذلك طوعا, لكن إذا لم ندرك ذلك بالدعوة السياسية, هل نترك الوضع الحالي بتشرذمه وتبعثره وعجزه؟… هل نترك واقعنا يقودنا إلي نهاية الفترة الرئاسية القادمة عام 2022 حين نتحسر علي خلو الساحة السياسية من كيانات سياسية قوية وعجزها عن تقديم شخصيات سياسية واعدة تعرفها الجماهير وتصلح لتتنافس علي الوصول للرئاسة؟… لا أظن أن هذا المصير يتوافق مع المرشح الحالي للرئاسة أو يتمشي مع غيرته الوطنية وحبه لمصر.
من أجل ذلك سوف تبادر وطني خلال الفترة المقبلة ومن خلال منبر صالون وطني بعقد لقاءات متتابعة تدعو إليها قادة ورموز الأحزاب للتعرف علي رؤيتهم فيما يخص بلورة الهوية السياسية وتشكيل البرنامج السياسي تمهيدا لاصطفاف مع الأحزاب المشتركة معهم في الهوية والبرنامج لتكوين كتلة قوية… هذا إسهاما منا فيما نعتبره هدفا حتميا يلزم إدراكه وسنبحث عنه بكل اهتمام في الحملة الانتخابية لمرشح الرئاسة.