"تحدى الحياة"
مقالات مختارة | الانبا ارميا
السبت ٢٤ فبراير ٢٠١٨
"الفائز (الناجح) هو شخص يحلُم ولا يتوقف عن تحقيق حُلمه" كلمات للزعيم الراحل "نيلسون مانديلا" تعبر بحق عن رحلة حياته التى اتسمت بصعوبات ومشاقّ كثيرة، لٰكنها لم تَثنِه عن تحقيق حُلمه حتى أصبح أحد أبرز شخصيات العصر فى الاحتمال والصمود والنجاح. والإنسان الذى يبحث عن النجاح، عليه أن يتعلم أن أولى خطوات فقدان ما يحلُم بتحقيقه تكمن فى عدم الاستسلام وعدم التوقف عن المحاولة. يقولون : "لابد أنك تعثرت مئات المرات قبل أن تتمكن من النجاح؛ المهم أن لا تتوقف.". فالنجاح الحقيقى لايأتى دون إصرار على الوصول، ليس إصرار الكلمات أو الأحلام، لٰكنه إصرار السلوك والعمل؛ وهٰذا ينطبق على جميع مجالات الحياة دون استثناء.
فى العلم، يمتثل أمامى اسم "آلبرت أينشتاين" الذى ظنه مدرسوه غير قادر على الاستيعاب ومعاقًا ذهنيًا!! إذ إنه لم يتمكن من التحدث قبل الثالثة من عمره، ولم يستطِع القراءة بسهولة حتى سن السابعة؛ وبعد الانتهاء من دراسته الثانوية لم يرشحه معلموه للدخول إلى الجامعة!!! وإذا به يتخطى جميع التقديرات، ويصبح العالم الفيزيائى الفذّ الواضع عديدًا من النظريات، المفسِّر ظواهر طبيعية كثيرة لم يكُن لها تفسير آنذاك.
وفى المجال السياسىّ، أجد مثالاً فى رئيس وُزراء المملكة المتحدة "ونِستون تشرشل" الذى امتلأت حياته بكثير من التعثرات فى مجال الدراسة، أعقبتها إخفاقات سياسية، لٰكنه لم يستسلم حتى صار رئيسًا للوزراء فى سن السادسة والستين.
وماذا عن "أعظم فاشل فى العالم" ـ كما أُطلق عليه؟! إنه "چاك ما" الذى وُلد من عائلة فقيرة فى "الصين"، وكان مشغوفًا بتعلم اللغة الإنجليزية فبذل فى ذٰلك جهدًا كبيرًا: فقد كان يقود دراجته كل صباح متجهًا إلى فندق قريب كى يعمل مرشدًا للأجانب فى المدينة دون مقابل من أجل التحدث معهم وإتقان الإنجليزية؛ كذٰلك رُفض طلب التحاقه فى كثير من الجامعات والوظائف، ومع كل هٰذا لم يستسلم حتى استطاع أن يستخدم التِّقْنيات الحديثة التى انتشرت فى ذٰلك الوقت وقرر أن ينشئ موقعًا للمبيعات من خلال شبكة المعلومات الدولية، فاعترضه كثير من الصعوبات وعوامل الإحباط، لٰكنه لم يتوقف حتى نال موقعه الإلكترونى شهرة عالمية وصار هو أثرى أثرياء "الصين"!! لذٰلك على من يرغب تحقيق النجاح أن يُعطى العمل وبذل الجُهد مكانًا وقيمةً فى حياته أعلى من محبة الراحة؛ فهذا هو تحدى الحياة كى تصبح شخصًا مميزًا.
إن أسلوب الحياة الذى نعيش بموجِبه وطريقة تفكيرنا فيما نتعرض له من مواقف يؤثران كثيرًا فى سلوكنا ومواقفنا نحو ما يجب فعله وما يجب علينا ألا نفعله، وهما المحدد الأساسى للخطوات التالية فى مسيرة حياتنا؛ فهناك من تعترضه الصعاب فيقرر التوقف، وهناك من يقرر التحدى والاستمرار، وبين هذا وذاك خط فاصل: أحدهما قرر أن يستسلم، والآخر قرر أن يستلهم القوة ليستمر؛ أنت وحدك من يقرر أى الطريقين تسلك.
* الأُسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى.
نقلا عن اليوم السابع