الفتاوى الجنسية!
مقالات مختارة | حمدي رزق
الخميس ٢٢ فبراير ٢٠١٨
تحتاج إلى منحة تفرغ لملاحقة الفتاوى الجنسية التى تصدر عن دار الإفتاء المصرية ومن خارجها وتنشرها المواقع الإلكترونية وتحصد قراءات هائلة، وتغرق بتفاصيلها الحوائط الفيسبوكية، وتُشيّر تشييراً كثيفاً منسوبة إلى دار الإفتاء، وتستجلب سخرية مريرة، وتقطيعا فى لحم الدار العريقة وعلمائها الأجلاء.
أخيرا، سؤال بطلب فتوى: رجل متزوج من امرأتين ويريد أن يجمع بينهما فى فراش واحد.. فما الحكم؟
لم تمتنع أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية عن الفتيا العلنية على هذا السؤال الشاذ، وجاء نص الجواب: «ذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة- وهو المختار للفتوى- إلى أنه يحرم على الرجل أن يجامع إحدى زوجتيه فى وجود وحضور الأخرى مطلقا». والشافعية ذهبوا إلى حرمة ذلك إذا ترتب عليه رؤية إحداهن عورة الأخرى، وهو أمر غير جائز شرعا، فقد قال الله تعالى: «وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ». وعَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الخُدْرِىّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إلى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا تَنْظُرُ المَرْأَةُ إلى عَوْرَةِ المَرْأَةِ، وَلَا يُفْضِى الرَّجُلُ إلى الرَّجُلِ فِى الثَّوْبِ الوَاحِدِ، وَلَا تُفْضِى المَرْأَةُ إلى المَرْأَةِ فِى الثَّوْبِ الوَاحِدِ». (أخرجه الترمذى فى سننه).
إذا كان السائل مهووسا جنسيا، فالمفتى عاقل ويعقلها ولا يسلم عقله لهؤلاء المهاويس، باب الفتاوى الجنسية يجتذب طائفة من المهووسين جنسيا، بلغ الهوس إلى حد طلب حكم الشرع فى الجمع بين زوجتين فى الفراش، علامَ يسأل السائل، هل يحتاج محللا يحلل هوسه الجنسى، هل مثل هذه الأسئلة الجنسية محلها المختار دار الإفتاء، وهل لدى أمانة الفتوى وقت فراغ تزجيه فى الرد على الأسئلة الجنسية؟!
ولماذا تنشر مثل هذه الأسئلة على العامة لتخدش الحياء، وتصدم الذوق العام. لا أطلب من الدار امتناعا لا سمح الله عن أداء رسالتها الفتوية حتى فيما بين المرء وزوجه، ولكن هناك فتاوى يرد بها على الخاص لأنها تخص صاحبها، وفتاوى تعلن على العامة للفائدة المجتمعية والدينية، هكذا أفهم، الإجابة على قد السؤال، الخاص خاص ولا يروج له حلاً أو تحريماً.
هل بلغ المفتى الذى أفتى فى هذا السؤال (الشاذ جنسيا) أن الجمع بين الزوجات فى فراش واحد هَمّ يؤرق العامة، هل صارت الأسئلة الجنسية من هموم الأمة، هل غرف النوم صارت محلا للفتيا؟ عجبا، نفر من المفتين يجتهدون اجتهاد العلماء لتوفير إجابات عن الأسئلة الجنسية، والمقويات والمنشطات وجوزة الطيب، وحل صيد البحر والبر وما يطير فى السماء، والحرام والحلال فى أكل لحم ذوات الحوافر والأظافر، وحكم الشرع فى الكوافير والمونيكير والبادكير وارتداء البنطلون ونزول البحر ساعة الغسق.
هوس جنسى مطبق على عقل الأمة، إذا كان نفر من المهووسين جنسيا منشغلين بالجنس عما سواه، فلماذا تترى دار الإفتاء فى مثل هذا الوحل الذى يخوضون فيه ليل نهار؟ بالله عليكم ترفعوا، هل هذا السؤال له محل من الإعراب ونشره على العامة فيه فائدة متحققة؟!
الفتوى كما أفهم لها قواعد، ما هو خاص يظل خاصا بصاحبه، ولا يُنشر إلا ما يفيد العامة، نعم.. الفتاوى الجنسية لها سوق رائجة خارج دار الإفتاء، فلتتعفف دار الإفتاء المصرية عنها.. وعندى سؤال على الخاص لو سمحت: هل يجوز أكل عصافير الزينة إذا جف الضرع؟!.
نقلا عن المصري اليوم