سليمان المنياوي
الوضع في عفرين يربك كثيرين خاصة بعد ارسال الحكومة السورية قوات الي عفرين ، وطوال اسابيع مضت ، منذ التدخل التركي في عفرين ، ووسائل الاعلام الرسمية السورية لا تقابل ذلك بعداء كبير بل بوسطية اعلامية ، مثلا التليفزيون السوري كان دائما يقول : " سوريا ستساند صمود سكان عفرين في مواجهتهم للعدوان التركي"،وكانت دمشق قد حرصت على الحفاظ على ممر الى المنطقة لايصال المساعدات الانسانية الحيوية، مما اتاح لمسلحي وحدات حماية الشعب الكردية مواصلة القتال ضد القوات التركية ومسلحي المعارضة السورية الموالين لهم الذين كانوا يشاركون في القتال ، والان دخول القوات السورية لعفرين يشير الي احتمال لن يحدث وهو الصدام بين الجيشان التركي والسوري ، ولعلي اذكر بواقعة شبيهة وهي عندما بدأت تركيا في تصعيد خطابها حول مدينة منبج الاستراتيجية القريبة من عفرين في عام 2017، وهي مدينة خاضعة ايضا لسيطرة القوات الكردية، فرضت قوات موالية للحكومة السورية سيطرتها على بعض المناطق المحيطة بتلك المدينة لدرء أي هجمات محتملة. جرت بعض الاشتباكات بين الطرفين، ولكن لم يخوضا أي قتال جدي. الوضع الراهن في عفرين يشابه ما جرى في منبج في العام الماضي.
 
كما انة من المؤكد ، أن الحكومة السورية لم تقم بهذة الخطوة دون موافقة روسيا، خاصة وان تركيا وروسيا قد تفاوضتا حول خططهما بخصوص شمالي سوريا، وقد تعمدت روسيا حاليا الى منع أي اصطدام بين قوات الحكومة السورية والقوات التركية.. كما هو ملاحظ ، كما نلاحظ انة بعد تدخل الجيش العربي السوري عفرين قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو كلام غريب :"ف"اذا كان النظام السوري يتدخل من أجل طرد عناصر حزب العمال الكردستاني (المحظور في تركيا) فلا مشكلة في ذلك. ولكن اذا كانوا يتدخلون من أجل حماية وحدات حماية الشعب (الكردية)، عندئذ لا يستطيع أحد ايقافنا ؟
 والمدهش ان وسائل الاعلام التركية تحتفي  بما وصفتها بالانتصارات التي حققتها القوات التركية في منطقة عفرين، فأن التقدم الحقيقي على الأرض محدوداجدا، بما يؤكد ان الجيش التركي يقوم بعملية سياسية أكثر منها عسكرية ،وما يدل علي ذلك أن أنقرة تطالب بأنسحاب كل المسلحين الاكراد السوريين من المناطق الواقعة غربي نهر الفرات ، خشية انتؤدي تلك الارتباطات الكردية الي حكم ذاتي علي الارض ، مما يشجع الاكراد الاتراك الي السعي لحكم ذاتي ايضا.
 
ذلك ما دفع الجيش التركي الي الدخول في عفرين 20 يناسر الماضي ،خاصة بعد ان علم ان الولايات المتحدة تنوي انشاء قوة حرس حدود في الشمال السوري تحت قيادة سوريا الديمقراطية (اي الاكراد) فأسرعت بالتدخل وتطالب تركيا ايضا بأن تسترد الولايات المتحدة الاسلحة التي اعطتها للاكراد، كما تريد أن ينسحب مقاتلو وحدات حماية الشعب من مدينة منبج التي تتمركز فيها أيضا قوات أمريكية، وكان وزير الخارجية الامريكي ريكس تيلرسون قد التقي الاسبوع الماضي مع الرئيس رجب طيب اوردغان ، وعقدا مفاوضات وصفت في تركيا بأنها" مصيرية" ،واتفقا علي تطبيع العلاقات بينهما والعمل سويا علي الشأن السوري ، دون توضيح لذلك
 
من المعروف أن وحدات الشعب الكردية تتمتع بعلاقات ايجابية مع امريكا وروسيا وسوريا ، ومن المعروف ان لروسيا قوات في عفرين، كانت روسيا قد أنشأت علاقات مع الأكراد السوريين في الماضي، وسمحت لهم بفتح "مكتب تمثيلي" في موسكو في شباط / فبراير2016 ..
 
  مما اضطر الولايات المتحدة الي ارسال وحدات ولو رمزية حرصا علي التوازن مع روسيا ،وان كان الاكراد اصبحوا يخشون التقارب الامريكي التركي الاخير ، ويشعرون بالخيانة عندما فتحت روسيا المجال الجوي فوق عفرين للقوات التركية، ولكن في الآونة الأخيرة يبدو أنهم قللوا من انتقاداتهم لسياسات موسكو في هذا الصدد، علما بأن روسيا تلعب علي جميع الحبال حيث تدعم تركيا والحكومة السورية في نفس الوقت ، حيث اكد مسئولون روس علي تصريحات متناقضة ، منها دعم الحكومة السورية دخول عفرين لوقف القتال بين الاتراك وقوات حماية الشعب الكردي، وفي نفس الوقت يؤكد الكرملين انة يتفهم أن لتركيا مبرر مقبول لمهاجمة عفرين ؟!!
 
رغم ذلك عادت روسيا للتلاعب وفي 19 فبراير الجاري قال لافروف أن بلادة تدعم الاكراد السوريين وأضاف :" "نشهد الآن محاولة لاستغلال الأكراد في لعبة لا علاقة لها بمصالحهم. نحث كل المشاركين في هذه العملية على التوقف عن ذلك والبحث عوضا عن ذلك عن حلول وسط."
 
ومضى المسؤول الروسي للقول، "قلنا مرارا وتكرارا - وهذا موقفنا المبدئي - إننا نؤيد بشكل تام تطلعات الشعب الكردي."
 
كما دعا لافروف واشنطن الى "تجنب اللعب بالنار" والاخذ بنظر الاعتبار "المصالح طويلة الأمد للشعب السوري بالدرجة الأولى وكذلك مصالح كل شعوب المنطقة بمن فيهم الأكراد بالتأكيد".
 
الحقيقة ان دول العراق وتركيا وايران وروسيا وسوريا ولبنان ، الدول التي بها اكراد تتفق رغم كل خلافاتها علي عدم السماح بتكوين دولة تركية ، ولا حتي مناطق حكم ذاتي ويعتبرون أن ما حدث في كردستان العراق لا يجب ان يتكرر، في حين تحاول الولايات المتحدة واسرائيل استخدام الاكراد كأداة لمواجهة اعدائهم ، وبالطبع استطاعت روسيا ان تمتلك اطراف اللعبة مع الاكراد فالشركات الروسية البترولية تتشارك مع اكراد العراق في أعمال تقترب من العشرة ملايين ، وتساعد الاكراد السوريين للضغط علي امريكا ، وسمحت للجيش العربي السوري الدخول الي عفرين لحماية الاكراد وان كان في الحقيقة ان ذلك تم بالاتفاق مع تركيا حتي يمنع وجود الجيش السوري اي احلام كردية بالحكم الذاتي ؟!!