الأقباط متحدون - أصوليات هذا الزمان : الأصوليات والمجتمع (50)
  • ١٥:٣٦
  • الاربعاء , ١٤ فبراير ٢٠١٨
English version

أصوليات هذا الزمان : الأصوليات والمجتمع (50)

مقالات مختارة | بقلم : مراد وهبة

٣١: ٠٣ م +02:00 EET

الاربعاء ١٤ فبراير ٢٠١٨

مراد وهبة
مراد وهبة

 قراءة فى المجلد الثانى من المشروع الأصولى

 
فى أول أغسطس من عام 1990 تسلمت خطاباً من أحد المحررين لـ«المشروع الأصولى» واسمه سكوت أبلباى، أما الآخر فاسمه مارتن مارتى، والاثنان أستاذان بجامعة شيكاغو، وهى الجامعة التى وقع عليها الاختيار من قِبل الأكاديمية الأمريكية للآداب والعلوم، لتكون مسؤولة عن تنفيذ ذلك المشروع بمعونة مالية مقدارها مليونان ونصف المليون من الدولارات. ومرفق بالخطاب إعلان عن مؤتمر سينعقد لتناول قضايا المجلد الثانى من خمسة مجلدات وعنوانه: «إعادة صياغة العالم: الصدمة الأصولية». وأنا أظن أن هذا العنوان مطابق لما يحدث فى هذا الزمان.
 
والسؤال إذن:
 
لماذا تكون الأصولية صدمة؟
 
فى عام 1991 انهار الاتحاد السوفيتى وانهارت معه الكتلة الشيوعية فى أوروبا الشرقية، كما انهارت معهما الأيديولوجية الماركسية التى كان قد صدرها الاتحاد السوفيتى إلى تلك الكتلة، مع محاولات هائلة لتصديرها إلى ما تبقى من كتل أخرى. وعندئذ تساءل القادة السياسيون فى أمريكا: مَنْ هو العدو الجديد إثر حدوث ذلك الانهيار؟ أو فى صياغة أخرى: مَنْ هو بديل «إمبراطورية الشر» فى رأى هؤلاء القادة الأمريكيين؟ أو فى صياغة ثالثة: ما الأيديولوجيا القادمة المدعمة بالقوة العسكرية والاقتصادية والسياسية التى ستتحدى الديمقراطيات الليبرالية الغربية من أجل التحكم فى المسار الكوكبى؟.. وجاء الجواب: «الأصولية الدينية».
 
والسؤال بعد ذلك:
 
أين تكمن الصدمة؟
 
تكمن فى النتيجة الحتمية لنهاية الحرب الباردة التى كانت تتميز باستقرار نسبى مع التقيد بالحدود القومية، وذلك بفضل التفاهم بين الحلفين: الناتو ووارسو. إلا أن العالم الثالث كان متمرداً على هذا التفاهم، فأشعل الحروب وارتفعت ديونه وزادت أزماته الاقتصادية بسبب اعتماد كل دوله إما على حلف الناتو أو على حلف وارسو أو على الحلفين معاً. وترتب على ذلك توقع حدوث نزعات انشقاقية وصدمات عرقية وصراعات حول الحدود، وقد كان، إذ كانت العلامة غزو صدام حسين للكويت فى 2 أغسطس 1990. وفى هذا السياق، قيل إن الأصوليات الدينية هى البديل عن الأيديولوجيات اليسارية والقومية، بل قيل أكثر من ذلك، وهو أن غايتها تفعيل الحياة الدينية لتكون أساساً مطلقاً للنظام السياسى والاقتصادى والاجتماعى، بل أساساً للرؤية الكونية، باعتبار أنها مؤثرة على دور الحقيقة الإلهية فى توجيه البحث العلمى والتكنولوجى، وفى تحديد الموقف من العلمانية ومن التراث، الأمر الذى كان من شأنه التركيز فى المجلد الثانى على الأصوليين فى الأديان الكتابية الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلام، لأن كل همّهم محصور فى النصوص المقدسة والتعاليم الكامنة فى التراث والخاصة بالسلوك الشخصى والحياة الأسرية، وهى فى مجملها تشكل رؤيتهم الكونية، التى على الرغم من تباينها، إلا أنها متفقة فى أن عدوها قائم فى العلاقة العضوية بين العلمانية والتنوير والمفاهيم الدنيوية عن التقدم والتنمية، وفى القوى المدمرة الكامنة فى التكنولوجيا الحديثة، وفى أنه الأساس المطلق لأى نظام اجتماعى قادم، بحيث يخضع كل ما فيه لما هو إلهى. وكل ذلك من شأنه أن يحدث صدمة لغير الأصوليين، وهو أمر من شأنه أن يلهب الصراع بين هؤلاء وأولئك. وتفصيل ذلك فى المقالات القادمة.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع