الأقباط متحدون - تأملات صيامية فى مسائل مصيرية !
  • ١٣:٤٢
  • الثلاثاء , ١٣ فبراير ٢٠١٨
English version

تأملات صيامية فى مسائل مصيرية !

البروتوبرسفيتيروس أثناسيوس حنين

مساحة رأي

٤٠: ٠٨ م +02:00 EET

الثلاثاء ١٣ فبراير ٢٠١٨

صوره_أرشيفية
صوره_أرشيفية
هل من ثمة لقاء بين الأشقاء ’ الروم والقبط ؟

الليتورجيات وسر الشكر والتوبة النصوحة مطارح سجودنا ’ وفرص لقائنا بالروح والحق 

العمل الجماعى والشعبى هو الحل !
 
الأب الدكتور أثناسيوس حنين 
قال أستاذنا الدكتور طه حسين يوما :
(...فما بال قوم ينكرون على مصر حقها فى أن تفاخر بأنها حمت العقل الانسانى مرتين ’ حمته حينما أوت فلسفة اليونان وحضارته أكثر من عشرة قرون ’ وحمته حينما أوت الحضارة العربية وحمتها الى العصر الحديث ؟ للأسف لم يعطى أحد الفرصة للدكتور أن يكمل قولته "وحينما أوت مصر التراث الهللينى والقبطى اللاهوتى وحمته الى اليوم !!!" ) .
 
يظن الكثيرون من الأصدقاء والغير الأصدقاء ’ بأننا متشائمون من حدوث أية لقاء لاهوتى رصين وانسانى عميق بين جناحى الحضارة الكونية القديمة الأيام والمسيحية الأولى ’ مصر واليونان ’ الروم والأقباط ’ مصر بأقباطها ورومها واليونان ’ برومها وأقباطها . ولكننا نؤكد للقاصى والدانى ’ بأننا نؤمن ’ عن د راية كبيرة ’ بعراقة الشعبين ومدى غزارة ثقافتيهما ’ وتجذر تاريخهما فى أعماق التاريخ الانسانى . لقد سبق وكتبنا ’ كما كتب كثيرون قبلنا وبعدنا ’ فى رسالة الدكتوراة والتى خصصناها لقضية العلاقة بين التراثين الهليينى (اليونانى ) والمصرى (القبطى) من خلال دراسة شريحة من الأباء أولاد مصر الأتقياء والذين نجحوا فى أستئثار كل فكر الهليينية الحديثة ’ الى طاعة المسيح الكلمة ’ اللوغوس ’ فى رحم تربة مصر الثقافية الخصبة ’ وحولوا صحراء مصر الفرعونية الجرداء ’ الى برية نساك وعباد خصبة وغناء ’ تنطلق منها التسا بيح لتخترق عنان السماء . بل وذهبنا ألى أبعد من ذلك حينما قلنا بأن التفسير اللاهوتى للأية الواردة فى بشارة متى الانجيلى ( من مصر دعوت أبنى ) متى 2 ’ 15 لا يجب أن يقتصر على تحقيق نبوة عبرانية واسرائيلية متهودة و قديمة ’ بل تمتد واقعا جديدا و تاريخيا متجسدا فى كل مبادرات تبحث فى أرض مصر عن اللوغوس الكامن فى ترابها والشامخ فى تاريخها وشعبها الطيب الأعراق ’ وقلنا أيضا أن أن الحضارة الهليينية الكبرى قد قررت أن تصاهر الحضارة المصرية فى اللوغوس ’ فقدمت الفلسفة اليونانية اللوغوس كفكرة ’ وقدمت مصر اللوغوس كمضمون ’ فى أروع ملحمة لتجسد الفكر الانسانى ’ الفكرة هليينية والحشوة مصرية ومتسبكة !’ بلا معارك وهمية بين الطباخين والسفرجية وخدام العرس وأهل العروسين من الشعوب العريقة ’ ومعهم والدة الأله الثيؤطوكوس ’ بعد أن كرمها الجميع ’ روم وقبط ’ وباتفاق كبير ’ وبشكل رسمى ولاهوتى فى أفسس 341 عام ’ تراقب لئلا ينفذ خمر الروح والحب والفكر الراقى من العرس ! لنطلق العنان لخيالنا ونتصور شكل الكنيسة ’ عروس المسيح ’ لاحقا ’ لو أن الجميع ’ أيضا ’ وبنفس الروح ’ كانوا ’ قد أتفقوا على تكريم شخص المسيح فقط ! وأعلاء شأنه وحده ! فى خلقيدونية عام 451 ! ! بدون مصلحة سوى خدمة هذه العرس الكونى بين أعرق الثقافات وأقدم الحضارات وأقوى الرسالات ! ومع ذلك لم يتوقف اللوغوس الابن عن العمل فى حركة مكوكية وصرنا نرى السماء بين الحضارتين مفتوحة ’ وخاصة فى العصور الاولى المسيحية ’ وملائكة الله من القوات المساوية العديمة الأجساد و القديسين و اللاهوتيين والمفكرين والفلاسفة والنساك ’ ينزلون ويصعودون ويسافرون ويتعبون ’ ليقدموا ذبائحهم العقلية وتقدماتهم اللاهوتية وانجازاتهم الثقافية على المذبح الذى أقامه العقل الالهى اللوغوس فى وسط أرض مصر ليكون منارة الفكر على شواطئ المدينة العظمى وباريس الثقافة الكونية ’ يومها ’ الاسكندرية ! . الحضارة اليونانية والثقافة المصرية ’ هما صنوان لا يفترقان ’ هما رفيقان ’ جمعهما حب اللكلمة وعشق الانسان وأسكرتهم عذوبة الكلمات المعتقة بخمر الحب ’ حتى صار كل من يراهم مع تلاميذ السيد (يظن أنهم سكارى !)أعمال 3 ’ 15 ’ ! كيانان يفيضا بالحياة والحيوية والحركة ’ لا يؤمنان بالسكون ’ فأبيهم السماوى ’ واللوغوس الأبن ’ والروح القدس النارى ’ يعملون ’ معا ’ حتى الأن وهم يجب أن يعملوا . لهذا كله ’ كنت ’ فى بدايات الحوار اللاهوتى بين الروم والأقباط ’ قد أرسلت رسالة الى صديق يشارك فى الحوارات ’ وقلت له مترجيا أنه يجب وقبل كل شئ تخصيص مساحة ’ فى البدايات ’ لدراسة علمية ومتخصصة حول الأطار الثقافى والمزود الحضارى ’ الذى ولدتا فيه كل من الثقافتان الهيليينية والمصرية ’ لأن هذا يشكل أساساسا للدخول فى معية حوار لاهوتى متجسد فى ثقافة الناس وهموهم وتطلعاتهم . لعلنا يجب علينا أن نعود ونقرأ من جديد كلمات الدكتور طه حسين وهو يتعجب ( فيما أظن أن قوام الحياة العقلية فى اوربا (اليونانية) انما هو اتصالها بالشرق ( مصر) عن طريق البحر الأبيض المتوسط . ويتسأل استاذنا ونحن معه ( فما بال هذا البحر ينشئ فى الغرب عقلا ممتازا متفوقا ’ ويترك الشرق بلا عقل ’ أو ينشئ فيه عقلا منحطا ضعيفا ’ ونستسمح استاذنا الدكتور ونضيف ’ عقلا لا يقوم على الفعل بل على يحتمى برد الفعل ؟ ويستطرد الدكتور طه حسين ويصحح الموقف قائلا ( كلا ليس بين الشعوب التى نشأت حول بحر الروم ’ وتأثرت به ’ فرق عقلى أو ثقافى . وانما هى ظروف السياسة والاقتصاد (والتى أمتطت حصان طروادة الدينى واللاهوتى ! )تديل من أهل هذا الساحل لأهل ذلك الساحل ’ مواتية هذا الفريق ’ ومعادية ذلك الفريق ) ويرسل الاستاذ رسالة الى كل المصريين ( فلا ينبغى أن يفهم المصرى أن بينه وبين الاوربى فرقا عقليا قويا أو ضعيفا . ولا ينبغى أن يفهم المصرى أن الشرق الذى ذكره كيبلنج فى بيته المشهور (الشرق شرق ’ والغرب غرب ولن يلتقيا ) يصدق عليه أى على وطنه العزيز!) راجع طه حسين المجلد التاسع مستقبل الثقافة فى مصر ’ دار الكتاب اللبنانى ’ بيروت 1973 ص 34). الحوار اللاهوتى لا يعنى (خلط أبو قرش مع أبو قرشين !) ’ بل اعطاء كل ذى قرش حقه ’ فى ميزانية التطور التاريخى وخزانة الأرث الانسانى المشترك وتكاليف بناية العشرين طابق ’ كما سبق وأشرنا قديما . 
 
كيف نتحاور فى اللاهوت ’ ونحن لا نعرف من هو الانسان ’ والذى جعلته السماء فوق الملائكة وكللته بالمجد والكرامة ؟ وفى هذه الحالة يجب دراسة الانسان الهلليينى والانسان المصرى والانسان المصرى المتهللن والهيللينى المتمصرن ! هناك اقسام كبرى فى الجامعات الراقية والأمم الناهضة تتخصص فى دراسة (الأنثروبولوجيا الشعبوية) !أذكر أننى وفى بدايات مشوار التخصص فى علوم الباترولوجى فى جامعة السوربوس فى عاصمة النور باريس ’ أن قالت لى الاستاذة رئيسة قسم الدراسات الهليللينية (مارجريت هارل) بأنه يجب على أن أدرس ’ كبداية ’ فى معهد اللغة اليونانية وأدابها فى نفس الجامعة ’ قبل أن أبدأ فى التخصص فى اليارترولوجى ! فهمت بعدها أن لا لاهوت بدون لغة ’ ولا باترولوجى بدون انثروبولوجى ولا دين بلا دنيا ’ أليس هذا هو قصد ومغزى التجسد ’ تجسد الكلمة ؟! لعل الأصرار على تغييب الانسان من الحوار ’ سواء على المستوى الثقافى ’ او الحضارى أو التاريخى ’ قد شكل أول مسمار فى نعش الحوارات بين اللاهوتيين ’ الذين لم يذهبوا للحوارات ’ وهم يحملون هموم شعوب ’بل أوامر رؤساء أديان ! وأمراء طوائف ! ذهبوا وهم يدافعون عن مجد طائفة أو كرامة فرد أو نصرة رأى ’ مهما كانت استقامته ! لم يذهبوا بالشعب (ألا يدهشك أن معظم المتحاورون مطارنة ورهبان !!! مع كامل احتراماتنا !!! لا علاقة لهم بلقمة عيش الفقير وبلاهوت يسير على الأرض بين هموم الناس وأنينهم !!! ناهيك عن الغياب المأساوى للمرأة اللاهوتية وعالمة اللغة فى الحوارات ! أذكر مرة فى جنيف بسويسرا طالعتنا حسناء سويسرية وشقراء ! ’ قيل أنها سكرتيرة المونوسيور دمسكينوس مطران سويسرا للروم ’ وقتها اثارات دهشتنا الذكورية ! ) ’ تناسوا الشعب ! مع أن المسيحية هى ديانة شعبية بالدرجة الاولى وخاصة فى مصر واليونان .’ فنسيهم الشعب وشك فى مدى جدية حواراتهم ! ’ أليس الشعب هو أساس الليتورجيا ’ أليس الانسان هو مركز التجسد ! أليس الانسان هو سر الشكر كله ’ الا يذهلك كيف أن افلاطون قد قام بزيارة المعابد الفرعونية المصرية القديمة ’ ووقف أمامها مذهولا من هول الانجاز وفخامة العقل وعمق السر وجمال الانسان ! أينجح أفلاطون الذى يتشدق المؤرخون بوصفه (بالوثنى ) ويجد طريقه الى أسرارشخصية مصر ’ بينما يفشل أحفاده من اليونانيين والمصريين فى سبر غور حضارة مصر وشخصيتها وانسانها . ألأ يذهلك بأن المصريون الأوائل قد أنقذوا لغة مصر الهريوغليفية من الضياع ومعها ثقافة و شخصية مصر ’ وتفتقت قريحتهم الخصبة لكى ما ينقذوا لغة تموت بلغة أخرى حية ’ فى أروع زواج مدنى ولغوى فى التاريخ ’ وخرجوا على العالم باللغة المصرية الحديثة (القبطية) ! وبينما أولئك الفلاحون ’ كما يحب أن يسميهم مفكروا الصالونات ’ قد أنجزوا مثل هذا الانجاز ’ أتى من بعدهم من ينتمون الى حزب (تنابلة السلطان ’ وأهل الكهف ) ممن عجزوا عن ’ لا نقول عن أستثمار هذه الانجازات ’ بل الحفاظ على الوديعة ! ’ واكتفوا بوضعها فى مقابر التاريخ والجلوس بجوا رها وقد سلموا قيثارات الابداع الى أقدار اليأس المحتومة وأكتفوا بالنحيب والبكاء كلما تذكروها ! 
 
التاريخ حافل باللقأأت ـ الرائعة بين الحضارتين وبين الشعبين ’ وكلما أقتربا من بعضهما ’ كان هناك ولادات جديدة وابداعات وجمالات وأداب . هل سيصدق حدس علماء السوربون وهارفرد واكسفورد من العلمانيين الهيليينين حينما قالوا ( من يوم وما حط اللاهوتيون اياديهم فى العلاقة بين التراثين وتنكروا لجذورهما ’وقولوبوهما ’ وفرغوهم من مضمونهم الحضارى وغناهم الحضارى’ بدأت المشاكل ’ وضاعت الطاسة ! ). لهذا ’ والى اليوم ’لا تجد علماء الأداب واللغات والتاريخ المحترفين ’ يرتاحون كثيرا الى اللاهوتيين المحترفين ! هذه معركة قديمة الأيام بين أهل اللغة وأهل التأويل ! ولقد ظهرت فى مصر المعاصرة كثيرا !’ ما عدا قلة عزيزة حملت نير المصالحة بين ما هو من فوق وما هو من أسفل ’ فى ليتورجية الحب الالهى المتجسد ! 
 
الليتورجيا ’ اذن هى الحل ’ لأنها هى مكان انسكاب العقل فى القلب ومطرح سجود الثقافة ’ ومعمل استئثار كل فكر جامح وثائر وغاضب الى هدوء المسيح ولطفه ’ الى ذاك الذى هو وحده قادر أن يسكن عواصف الأهواء وجماح الأفكار ’ أى يسوع المسيح ’ ’ بأن يسكب عليها من هدوئه ولطفه ووداعته وموضوعيته .الانسان هو كائن ليتورجى بالدرجة الأولى . الليتورجيا هى معمودية كل ثقافة والذي من الثقافة لم تعمده الكنيسة أو أستعصى على رؤيتها الثاقبة ’ قد عمده رب الكنيسة وفكرها ولوغوسها النابض والرابض والكامن والنائم فى سفن الحضارات والثقافات ’ منتظرا من الخدام والمفكرين واللاهوتيين ومعهم كل الشعوب الجائعة الى العدل ’من يوقظه صارخا ’ أفنوتى نانى نان ’ يارب (أما يهمك ’ يا سيد كل كلمة ’ بأننا نهلك جوعا لا الى الخبز ’ بل الى كل كلمة وفكر وثقافة ولاهوت نازل من فوق ! ألا يهمك بأننا نهلك فى برية التيه العقلى ونغرق فى بحر الجهل وونختنق وسط صخب أبواق التجهيل ’ وكأننا نعانى ’ جميعا ’ من زهايمر حضارى فتاك !!!). ولعل التقاء الروم والقبط فى معية و مسيرة الصوم الاربعينى المقدس (وسنخصص مقال للمشترك فى مسيرة الصوم الكبير )’ تكون فرصة للصدق مع النفس والعودة الكبرى مع الابن الذى بدد ميراث الأباء فى الكورة البعيدة مع الزوانى وحشاشيين الفكر الساقط والرعاة ’ الذين لم يقوموا بواجبهم فى رعاية الخراف الوديعة والأدمية ’’ بل صاروا رعاة وأصدقاء شخصيين جدا للأغنياء من رعاة الخنازير الضالة والمتوحشة والتى تركب الخنزيرة وتمتطى الشبح وتأكل لقمة الفقير ! الفقير أخو الرب يسوع ! وتسمم له وعليه لقمته وتفخخ هدمته وتفجر كنيسته ومعبده ومسجده ! الفقير الذى لبس المسيح جسده الفقير ’ لكى يغنيه بالنعمة الغنية ! رباطية الكورة البعيدة ’ وكل كورة بعيدة أو قريبة ’ ’ سواء أكانت فى باريس أو فى واشنطن أو على ضفاف بركة جنيف أو على ضفاف ترع ومصارف المحروسة ’ حيث غسيل الأموال والرشاوى وتهريب البشر والمخدرات والمضاربة بقوت الفقراء من شعب الله ! ’ الكورة البعيدة ’ سواء أكانت هذه الكورة ’ كورة زوانى جسدانيات ومعاندات أو زوانى عقلانيات ومتعنجهات ! كله زنى وخيانات وخيابات ! ألعلها فرصة لكى يعود الجميع ليأكلوا من خبز الحياة الافخارستى ! ياكلوا خبز الفرح مخلوطا بدموع وهموم الفرقة وأشواق العودة ! ’ بعد أن ملوا من أكل الخرنوب العقلى ! 
 
الشئ المطمئن هو أن جميع علماء الليتورجيات فى العالم يؤكدون قناعتهم التامة بأن المصريون المسيحيون قد حافظوا على التراث الليتورجى خلال القرون الأولى ’ الى القرن السابع الميلادى وربما بعده بقليل ! الى بدايات اختفاء أية أمل فى الاتحاد ! وبدأت الاضافات التبريرية والدفاعية والعربية فى الظهور فى الليتورجيات القبطية ’ مع أنحسار اللغة القبطية شيئا فشيئا ! ’ وبعد بعد أن صار العدو الواحد ’ عدوان ’ العربى والبيزنطى ! وهذه قضية بحثية أخرى ! ’ وصارت الليتورجية لهم الزاد الوحيد فى سنوات القحط والتغريب عن الأخوة على الشاطئ الأخر وبعد أن فرقهم العرب بمكر شديد وذكاء منقطع النظير ! لقد أنقذت الليتورجيات الهوية القبطية من الضياع والاندثار ! يصاب القارئ لليتورجيات القبطية والنصوص القديمة ’ باللغة المصرية الحديثة ’ بالدهش من التقارب الشديد الذى يصل الى حد التطابق ’ بين النصوص والتضرعات والصلوأت ’ وخاصة الأفخارستية منها ! وكأنهم أى الروم والأقباط ’ حينما أنشغلوا بالالهيات والتسابيح فى صمت وهدوء وخشوع التقوا وأتحدوا ! وحينما انشغلوا بأنفسهم وفذلكاتهم وأستكبروا ’ كل على طريقته ! أختلفوا وأنقسموا !!! الليتورجية هى مطرح سجودنا ! سبق وكتبنا عن أن أحد أقطاب اللاهوت الأثوسى وهو الأب باسيليوس ’ وحينما زارنا فى منزلنا بأثينا ’ وقام بفتح الخولاجى القبطى (الكلمة الأصلية هى ايفغولوجيون ) 
Εύχολόγιον 
 
وهذه الكلمة هى دليل على التعايش والتلاحم الثقافى والروحى والليتورجى بين الروم والقبط ’ فقد أخذ القبط الكلمة اليونانية ’ ونطقوها بطريقتهم المستعربة ’ فصارت (الخولاجى ) . وهناك المئات من التعبيرات اليونانية التى دخلت اللغة القبطية ’ وتمصرت ’ وصارت أساسا لاهوتيا وليتورجيا قبطيا متينا ولا يمكن شرحها أو تفسيرها أو الأستمتاع بغناها دون الرجوع الى الأصول اليونانية أى التوبة اللغوية ! المأساة تكمن فى أن تعريب هذه التعبيرات وقطهعا عن الحبل السرى اليونانى ’ قد أفقرها ويتمها وزاد الفجوة وعمق الهوة ! الحل ليتورجى والليتورجية هى الحل ! العودة الى قرأة جديدة ومتعمقة للأصول الليتورجية المشتركة حتى نحفر الأبار الأبائية والتى ردمتها أو كادت سنوات الأهمال والتعصب والتجهيل .. نعود الى الأب باسيليوس والذى كان يصرخ كطفل اكتشف جديدا ( أنا أقرأ لغة يونانية ! ’ هذه نصوص مشابهة تماما لما نقرأ نحن ) . احقاقا للحق وتعميقا للايجابية ’ لابد من أن نذكر المحاولات الليتورجية الواعدة التى قام بها علماء أقباط ونذكر منهم الدكتور رشدى واصف والذى تخصص فى الليتورجيات مع واحد من أكبر علماء الليتورجيات فى العالم وهو الطيب الذكر يوأنس فوندوليس والذى ربط بين الدراسة لليتورجيات والسجود بالروح والحق فى تقوى العلماء وقدم رسالته عام 1997 (ليتورجية القديس باسيليوس الكبير الاسكندرانية فى أصولها وتراثها القبطيى). وعاد الدكتور رشدى الى المحروسة ’ وبذل من الجهد ما بذل ’ ولو كان قد توفر له ’ المناخ المناسب ’ فى سبيل اعداد كوادر من الليتورجيين الفهماء ’ لتغيرت الأحوال وضاقت المسافات مع التراث الليتورجى اليونانى ! والباحث الأخر هو الدكتور عاصم سامى (الأب افرايم سامى الكنيسة القبطية باليونان ) وقام بعمل رسالة دكتوراة ممتازة حول موضوع (الخرستولوجية القبطية حسب الليتورجيات القبطية ) ’ وقد حازت الاعجاب وكان يمكن أن تشكل حقلا علميا واعدا بالخيرات الليتورجية والافخارستية ’ لولا أن الرياح ’ كثيرا ’ ما تأتى بما لا تشتهيه سفن العلماء الأقباط !!!. تزداد أهمية هذه الأبحاث السابق ذكرها ’ أذا ما عرفنا أنه من أهم لجان الحوار اللاهوتى ’ الفرعية ’ نجد ’ لجنة الرعاية والليتورجية والتى ’ كانت ’ قد أوصت يوما وحسب البيان ’(بقبول جميع التقاليد الليتورجية المتنوعة طالما أنه لا تتعارض مع الايمان الارثوذكسى ’ بل ’ وقدمت اللجنة أيضا توصيات بخصوص القداس المشترك الذى سيلى التوقيع على اتفاقية الوحدة وطريقة ومكان أقامته وكيفية ذكر أسماء القديسين(ليتصور القارئ كانوا قد وصلوا الى تحديد قداس اعلان الوحدة المرتقبة !!! ) ’ (راجع : المركز القبطى للدراسات الاجتماعية ’ وحدة العمل المسكونى ’ الحوار اللاهوتى بين الكنيسة الارثوذكسية والكنائس الارثوذكسية الشرقية ’ 24 -7-1995 ’ اعداد د.جوزيف موريس فلتس ’ مسئول وحدة العمل المسكونى والسكرتير المساعد للجنة الحوار اللاهوتى ). نكتفى بهذا القدر على رجاء أن نعود فى دراسة خشوعية وليتورجية حول قرأأت وصلوات الصوم الكبير فى التراثين القبطى والرومى . صوم مقدس على الجميع .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع