الأقباط متحدون | أحداث "إمبابة" والكارثة التي تهدد المجتمع المصري
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٦:١٠ | الجمعة ١٣ مايو ٢٠١١ | ٥ بشنس ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٩٢ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

أحداث "إمبابة" والكارثة التي تهدد المجتمع المصري

الجمعة ١٣ مايو ٢٠١١ - ٥٧: ٠١ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: شاكر فريد حسن

تابعت -كغيري- أحداث تفجير كنيسة "إمبابة" المصرية وما تلاها من اشتباكات وصدامات دموية، وتألمت كثيرًا لما لهذه الأحداث من انعكاسات سلبية وآثار ضارّة ومدمرة على النسيج الاجتماعي، وعلى العلاقات بين الأطياف والأديان. إنها أحداث تنذر بحريق كبير وهائل سيحرق الأخضر واليابس، ويدمر المجتمع المصري ويذكي نار الفتنة الطائفية القاتلة.

وفي حقيقة الأمر إن ما يجري في مصر -من إحراق الكنائس في الإسكندرية وطنطا وتفجير كنيسة إمبابة- ليس صراعًا بين المسلمين والمسيحيين، بل هو صراع فكري بين توجهين وتيارين فكريين على طرفي نقيض، الأول الفكر العلماني التنوري والتقدمي المعني بالحضارة والتقدم ومواكبة العصر والعلم والمساواة في المجتمع، والذي يرى في الدين عقيدة ورحابة صدر وسماحة وعدالة ورأفة ورحمة ومحبة بين الناس، وانفتاح على الديانات السماوية والثقافات المعاصرة المختلفة، ويدعو إلى الاجتهاد والجدل و"فصل الدين عن الدولة". والآخر هو الفكر السلفي الظلامي الرجعي الأخواني المتعصب، الذي تتبناه الجماعات الأصولية المتأسلمة وتيارات "الإسلام السياسي" التي ترى في الدين أيديولوجيا وتعمل على تسييسه وتستغله لخدمة أهدافها المبيتة، وترفع السيوف وتطلق الرصاص في وجه كل من يخالفها الرأي والإيمان والعقيدة، وترمي أي معارض ومناهض لتوجهاتها وأفكارها بالكفر والإلحاد والمروق. كما تعتدي على الحريات وتقمع الفكر والوعي النقدي وتحرّم الاجتهاد وتحرق المسارح وتصادر الكتب وتحجب أهداب النور، وتغتال أصحاب الفكر العلماني الحر، مثلما فعلت مع "فرج فودة"، الذي كان يحذر بشدة من اشتعال الفتنة الطائفية والدينية، وخاض المعارك الفكرية الشرسة والعنيفة ضد هذه القوى، التي تهدد المجتمع المصري والعربي، وتشكل خطرًا داهمًا على مستقبل مصر والوطن العربي.

ورغم أن مصر مرّت في أكثر من مائة وعشرين عامًا من التنوير، لكن الواقع الثقافي والفكري فيها مختلف ومتخلّف عما كان عليه قبل نصف قرن ونيّف. فالأسئلة التي طرحت أمام أئمة النهضة ورواد الفكر الإصلاحي التنويري النقدي والعقلاني في عصر النهضة ووضعوا الأجوبة عنها، لا تزال تطرح من جديد وعلى المستوى نفسه. وعليه فإن مصر اليوم تحتاج لطرح "سعد زغلول" الذي بلوره بخصوص الوحدة الوطنية أن "الدين لله والوطن للجميع"، دون أن يمس ذلك المشاعر الدينية. وبحاجة إلى فكر الإصلاح والتجديد والاجتهاد الديني المتنور، كما جاء في فكر وطروحات وأدبيات الشيخ "محمد عبده" وزملائه. وأيضًا بحاجة إلى "قاسم أمين" لتحرير المرأة، دون الدخول في متاهات وسفسطات فقهية أو فلسفية أو فكرية. وغني عن القول، أن ممارسات ومسلكيات القوى الدينية السلفية المتطرفة والمتشددة، تشوه جوهر الدين الإسلامي الحقيقي وصورته الزاهية. وهذه القوى لا تقدم برنامجًا أو مشروعًا اجتماعيًا واقتصاديًا حين تطرح تطبيق الشريعة وإقامة الدولة الدينية على أساس "الإسلام هو الحل". وأنه يجب عدم المزج بين الدين والسياسة حتى لا تتحول العقيدة الى أيديولوجيا، فالإصلاح الحقيقي والإحياء الفعال لروح الاسلام يبدأ بالفصل بين الدين والسياسة. والسبيل للحياة المشتركة بين جميع الأديان والطوائف هو تأسيس دولة مدنية عصرية وحضارية وديمقراطية، تحترم التعددية وتنتصر للعقلانية والعدالة الاجتماعية.

وفي الإجمال، اننا أمام اتجاهين وخطين وطرحين متناقضين، ومن حق كل اتجاه أو طرف أن يطرح ما يشاء من مواقف ورؤى وأفكار واجتهادات وأحلام وأوهام، لكن بدون إرهاب فكري قمعي بالسكين والرصاصة وفوهة البندقية، وإنما بالسجال والجدل الحضاري، واحترام وجهات النظر المغايرة، وحرية الفكر والخلاف والاختلاف والتنوع والمعتقد الديني. وواجب كل المتنورين والتقدميين والعقلانيين والمثقفين النخبويين في المجتمع المصري الوقوف في وجه الطائفية وإخمادها ووأدها وهي في المهد، ولعن الله مشعلي الفتن وهي نائمة.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :