هل سنقول وداعاً لغسيل وزراعة الكلى؟
مقالات مختارة | بقلم : خالد منتصر
الاثنين ١٢ فبراير ٢٠١٨
ماكينة العلم الجبارة لا تهدأ، وساقية العلم تأتى لنا بالخير والنعم من أعمق الآبار كل يوم، ومنذ أن صار المنهج العلمى هو منهج التفكير لمن يريد التحضر، ومنذ أن انقسم العالم إلى معسكرين، الأول يفكر بالعلم وينتج وينجز ويصدر منجزاته التكنولوجية، والثانى ينام ويشخر ويحسد ويشتم ويستهلك ويحقد ويلعب فى أصابعه ويستمتع بخرافاته، منذ ذلك الوقت صار هناك مخترع الآلة وصار هناك المستهلك العالة!، من ضمن تلك الإنجازات العلمية فى مجال الطب، إنجازان حديثان فى مجال أبحاث الكلى، الإنجازان من صناعة الإنجليز أحفاد نيوتن وداروين،
تلك الإنجازات الثورية ستجعلنا أمام عالم يتجاوز حدود خيالنا، ستختفى الصيدليات وتصبح العلاجات قص ولزق واستنساخ وخلايا جذعية تحت الطلب، هى ماكيتات لأعضاء وأنسجة جديدة، وسيصبح غسيل الكلى وزراعتها حدثاً تاريخياً يشاهده السياح فى المتاحف، الخبر الأول من جامعة مانشستر حيث زرعت خلية جذعية تحت جلد فأر وتم العمل على تطويرها إلى نسيج كلى، فالخلية الجذعية ببساطة بيت كبير فيه كل الحجرات مغلقة بمفاتيح، من الممكن أن تفتح تلك الحجرة وتدع الباقى مغلقاً، فى تلك الحالة فتحنا غرفة الكلى، كان باحثون آخرون من قبل توصلوا إلى مرحلة تصنيع أصغر وحدة فى الكلى وهى ما يسمى glomeruli، لكن فى تلك التجربة وبعد 12 أسبوعاً فقط تم نمو ما هو أكبر وهى مرحلة الـnephron وهى الوحدة الأكبر، بالإضافة إلى شبكة أوعية دموية، ثم فى النهاية كانت المفاجأة أن تلك الوحدات الكلوية المخلقة أفرزت ما يشبه البول!، الإنجاز الثانى لم يتم فى فأر بل تم فى أنبوبة اختبار، الخلية الجذعية فى تلك المرة كانت من أذن بقرة وتم وضعها فى محيط تنمية كيميائى معين لتتحول إلى نسيج كلى، الخلية الجلدية التى أخذت من أذن البقرة تم لحمها ووضعها فى بويضة البقرة بعد تفريغ البويضة من الـ«دى إن إيه»، وهى بصمة الحياة ومادة الوراثة الأولية، نسيج الكلى البدائى يتم تكوينه بواسطة تلك الطريقة التى ساعدت فيها جامعة هارفارد إلى جانب العلماء الإنجليز بنصيب كبير، المهم أن كل تلك الأبحاث المعملية أقرأ عنها فى نفس الوقت الذى أجد فيه مناخ الإعلام المصرى واهتمامات المصريين على السوشيال ميديا غارقة فى مناقشة التفاهات، فى وقت طباعة الأنسجة والأعضاء بالـ«ثرى دى» والـ«فور دى» والسوفت وير، نجد أن كل همنا ينصب على الأندروير!!، هل كانت ترتديه الراقصة فلانة التى هزت الأمن القومى المصرى؟!، تلك المساخر عندما أكتب عنها وأسخر منها أحس أنها الكوميديا السوداء المغموسة فى ملح الدمع الباكى على وطن فقد عقله.
نقلا عن الوطن