هو الجيش هو ...... زَيّوُ مافيش زيو...!!!

نبيل المقدس
      أتذكر عندما كنت صبيا صغيرا .. أسمع أبي يقول لوالدتي " ده لولا الجيش نزل كان زمان القتلي يصل للعشرات ."  نحن نعلم جيدا أن الجيش هو الحل الأخير في  الكثير من مشاكل الأحداث المدنية .. أتذكر في منتصف خمسينات القرن الماضي أن هناك قطار سكة حديد خرج عن القضبان مما انقلبت عربيتان .. وعلي ما اتذكر أن قوة الإنقاذ التي تتبع مصلحة سكة الحديد قامت بمجهود جبار في رفع العربيتين لكنها فشلت طبقا لإمكانياتها , لذلك تم التواصل مع الجيش الذي كان مركزه في منقباد التي تبعد حوالي نصف ساعة من مدخل مديرية اسيوط والذي كان مسرحا للحادث . وفي ساعة واحدة تم رفع العربيتين وسط تهليل المتجمعين من الناس , ولا انسي منظر عربيات الإسعاف العسكرية كانت تتباري مع عربيات النجدة والإسعاف التي كانت تتبع الصليب الأحمر والهلال الأحمر . سارت الجماهير في شوارع اسيوط  تهتف " هُوّ الجيش هُوّ .... زَيّوُ مافيش زيو " .. ولأننا كنا في مديرية بالصعيد بعيدة عن الأضواء , إتخذ شعب اسيوط هذا الحادث وما قدمه الجيش من اعمال مبهرة لتلبية الإستغاثة  احاديث الساعة في البيوت وعلي المقاهي , وكانت فرصة لكل واحد أدي مدة تجنيده أن يحكي ذكرياته فيها , وكثيرا ما يأتي بذكري زميلا له أُستشهد في معركة  غير متكافئة , ولا يستحي القول أنه تعلم من الجيش حياة الرجولة والجدعنة , وتتشعب الأحاديث الي حكايات عن سيناء وغزة والعريش , والتي ما زلنا دائما نذكر هذه المناطق حتي الأن , فمنطقة سيناء مرتبطة إرتباطا وثيقا مع القوات المسلحة بجميع أسلحتها.

       إزدادعشقي بجيشنا العظيم ..  إلي أن وصلت إلي المرحلة الثانوية , وتم تطبيق التربية العسكرية أثر حرب 56 . وجدت نفسي منجذبا لهذه المادة الجديدة نظريا وعمليا . وكم كانت دهشتي أن المادة العسكرية ردت لنا الإحساس بهويتنا المصرية , فكانت أكثر تأثيرا وإقتناعا من المواد الأخري مثل التاريخ والجغرافيا , حتي صار هذا الجيل والذي أنتمي إليه متمسكا بهذه الهوية ومتشبثا بعقيدتها و بمبادئها .. فجيشنا له تاريخ عميق اكثر من 7 الف سنة .. وأصحاب معارك وفنون قتالية تُدرس حتي الأن في كثير من المعاهد العسكرية في العالم .

      أتذكر أنه كان يتم عمل إستعراض عسكري كل ثلاث شهور , ويتكون هذا العرض بممثلي من مدارس الثاوية البنين والبنات .. كان الإستعراض يجول شوارع اسيوط علي مارشات الموسيقي العسكرية .. كان شعب اسيوط يقف علي جاتبي الشوارع , ويهتفون بعبارات الحماس والتشجيع لنا .. ولا انسي أن منظر البنات وهن لابسات الزي العسكري أعطي طابور العرض جدية وجمالا في نفس الوقت .

      بعد توحيد الملك مينا لمصر تم إنشاء أول جيش نظامي في العالم في  حوالي سنة 3200 ق.م.  . فقبل ذلك العام كان لكل إقليم من الأقاليم المصرية جيش خاص به يحميه، ولكن بعد حرب التوحيد المصرية أصبح لمصر جيش موحد تحت إمرة ملك " فرعون " مصر. وقد كان الجيش المصري أقوى جيش في العالم وبفضله أنشأ المصريون أول إمبراطورية في العالم وهي الإمبراطورية المصرية الممتدة من تركيا شمالاً إلى الصومال جنوباً ومن العراق شرقاً إلى ليبيا غرباً، وقد كان ذلك هو العصر الذهبي للجيش المصري. 

    المصريون هم دائماً العنصر الأساسي في الجيش المصري. كان الجيش المصري يتكون فقط من أبنائها .. وهذا مبدأ تم إتخاذه منذ مصر القديمة . هذه المبدأ يعطي تماسكا بين افراده والشعب الذي هو منه .. مصر تشدد منذ إنشاء قواتها المسلحة والإمنية علي عامل الجنسية ,فهي تستبعد العناصر التي لها جذور غير مصرية , حتي ولو الرقم القومي يشير انه مصري .. وهذا اكيد يقوي القوات المسلحة والأمنية ويجعل افرادهم لهم هدف مصر اولا .

      الأن نجد مصر هي الدولة الوحيدة التي ما تزال قائمة أمام مشروع الشرق الأوسط الكبير , فأغلب الدول الداخلة في التقسيم إنهارت بسرعة بسبب إختلافات العرقية والجنسية بين عناصر قواتها المسلحة والأمنية ..  أما مصر فالله حباها بفكر عسكري وطني .. وبالرغم أن مصر محيطة بالإرهاب والإخوان والتكفيريين إلا أنها إستطاعت أن تصمد أمام كل هذه الكتل الإرهابية ,وأمام الدول العظمي بفضل جيشها العظيم ,وها هي تكمل عملها بالإشتراك مع القوات الأمنية ضد التكفيريين تحت إسم معركة " سينــــــــــاء 2018 .

      مبروك عليكي يا مصر جيشك العظيم ..ومبروك عليكي شعبك الوفي الكريم .