الكاتب: المهندس يوسف سيدهم
تتوجه غدا أسرة التحرير في وطني إلي صندوق الاقتراع للاستفتاء علي استمرار رئيس التحرير في عمله أو تركه الموقع الذي يشغله, وذلك استيفاء للتقليد السنوي المتبع في الجريدة منذ عام 2011 وهو الاستحقاق الذي حصلت عليه أسرة التحرير في أعقاب ثورة 25 يناير عندما انفجرت براكين الغضب وثار المصريون علي السلطة وطالبوا بالتغيير, وكان لذلك تداعياته التي ترددت أصداؤها في معظم المؤسسات حيث استفحلت روح التمرد والغضب والاحتجاج مقرونة بالتظاهر والإضراب عن العمل والمطالبة بتحسين الأوضاع.
وقد يقول قائل: وما شأن تداعيات الثورة بموقع رئيس التحرير وهو المنصب الذي يتم شغله بقرارات رسمية سيادية بالنسبة للصحف القومية بينما يتم شغله بقرارات من مجالس الإدارات في الصحف الخاصة؟… لكني أقول -وهذا عينه ما مررت به في مثل هذه الأيام عام 2011- إن التحصن بقرار مجلس الإدارة وحده لا يكفي لاعتماد رئيس التحرير لدي المجموعات التحريرية التي يرأسها بل يتحتم اكتساب قناعة ورضي هذه المجموعات أيضا لضمان حسن سير وتناغم العمل وحتي تكون الصحيفة مثل الأوركسترا التي لا يمكن أن تبدع في عزفها إلا بالتفاهم والقبول المتبادل بين قائدها وأعضائها.
كل رئيس تحرير في موقعه يلتزم باتباع سياسات تحريرية تتفق مع مواثيق الشرق الصحفية واللوائح والقوانين المنظمة للمهنة علاوة علي منظومة من السياسات والأهداف الخاصة للصحيفة التي يرأس تحريرها, ويضاف علي ذلك ما يضخه هو نفسه من رؤي وتوجهات ومسارات في العمل… وفي سبيل إنجاح وإدراك تلك السياسات والرؤي يكون في مسيس الحاجة إلي فريق من الصحفيين يشاركه الأهداف والوسائل ليعمل جاهدا علي تحقيقها.
لكن الواقع يشهد أن قبل يناير 2011 كان يكفي رئيس التحرير أن يعتمد علي خضوع مرؤوسيه لسياساته وتعليماته ولا يعنيه كثيرا رضاؤهم عنها…أما ما فرض نفسه علي ذلك الواقع في أعقاب يناير 2011 -وقرأته أنا جيدا- هو احتياج رئيس التحرير لآلية يستطيع من خلالها قياس موقع مجموعته التحريرية بين الرفض والقبول وبين الخضوع والقناعة… وهنا برزت فكرة الاستفتاء حول بقاء رئيس التحرير أو ذهابه بغض النظر عن مشروعية وجوده التي تضفيها عليه القرارات الإدارية.
وإذا كانت أسرة وطني قد شرفتني عبر السنوات الماضية بالانحياز بالأغلبية نحو عدم تغيير رئيس التحرير طبقا للاقتراع السري ونتائج فرز الأصوات بواسطة لجنة مستقلة مشرفة علي الاستفتاء, فإن الحرص علي استمرار هذا التقليد السنوي وعدم التفريط فيه هو تأكيد علي حق أسرة التحرير في منح الاعتماد المهني لقائدها أو سحبه عنه… وفي تلك الحالة يتوجب عليه إذا فقد الثقة الممنوحة له أن يرجع إلي السلطة التي أصدرت قرار تعيينه لتتدبر أمرها فيما يلزم اتخاذه من قرارات لتعيين آخر يحل محله.
أرجو أن يترسخ في وطني هذا الاستفتاء السنوي كتقليد محترم لا تفرضه قوانين أو لوائح وليس ليكون تمثيلية ترفية يزهو بنتائجها رئيس التحرير الفائز بثقة مرؤوسيه, ولكن لتأكيد حق أسرة التحرير في إزاحة رئيس التحرير الذي يفشل في التناغم معهم كقائد وأعضاء أوركسترا.