الأقباط متحدون - الأحزاب وغياب العقل السياسي
  • ١٣:٢٦
  • الأحد , ٢٨ يناير ٢٠١٨
English version

الأحزاب وغياب العقل السياسي

د. عايدة نصيف

مساحة رأي

٤٢: ١١ ص +02:00 EET

الأحد ٢٨ يناير ٢٠١٨

حزب الوفد
حزب الوفد
د/ عايدة نصيف
 
إن من يدرس المشهد بدقة الآن ويحلله بصورة نقدية يجد أن هناك غيابًا للعقل السياسي في مصر، ويتجلى ذلك بصورة واضحة أثناء الانتخابات، وإذا رجعنا إلى الوراء قليلا، أي من أربع سنوات تقريبًا سوف تجد عزيزي القارئ أن اختيارات الأحزاب لمن يخوضوا الانتخابات البرلمانية تخضع للعشوائية ولا ترتكز إلى المعايير والموضوعية ولا لبرنامج.. 
 
وللأسف وجدنا هذه العشوائية في بعض الجلسات التي رأيناها في المجلس لمناقشة قوانين مهمة وحيوية؛ لأن التربية السياسية للعقل تبدأ من العمل الحزبي؛ فالأحزاب هي مفرخة للعقل السياسي، وقد غابت هذه المفرخة ورأينا التناحر بين الأحزاب على عدد المقاعد البرلمانية، وليس التناحر على الفكر والرؤية الاقتصادية والسياسية والثقافية، وكنت أتمنى منذ تكوين البرلمان السابق أن تبدأ هذه الأحزاب لوضع برامج وخريطة للمساهمة في بناء العقل المصري.
 
ولكن في الواقع وجدنا برامج هذه الأحزاب في وادٍ والعمل السياسي ومشكلاته في وادٍ آخر كبعد المشرق عن المغرب، فالأحزاب الآن مسئولة مسئولية كبيرة وتشارك مشاركة كبيرة في غياب العقل السياسي؛ وذلك يظهر بصورة كبيرة الآن في مشهد الانتخابات الرئاسية، وإذا استمر حال الأحزاب عندنا بمصر هكذا على هذه الصورة من التباعد بينها وبين العمل السياسي وتفعيل العقول السياسية الوطنية، فستصل إلى حالة من الانهيار الكامل لا يعلم مداها إلا من يدرك.
 
وإذا دققنا بصورة أكثر لا نجد ثقافة فعالة ومؤثرة في كل حزب من الأحزاب، فلم أجد مثلا دور نشر ثقافية لأى حزب، ولا أجد برنامجًا اقتصاديًا ساهم في بناء الدولة، ولا برنامجًا اجتماعيًا للحد من الفقر أو الزيادة السكانية، ولم أجد كتلة برلمانية مؤثرة لحزب من الأحزاب داخل البرلمان.
 
إن البضاعة الجيدة تعلن عن نفسها، ولن يكون لحزب من الأحزاب احترامه عند الجماهير إلا إذا نظر إلى الجوانب السياسية والثقافية والاقتصادية، فالثقافة تشمل الوعي والتثقيف السياسي، فلم أجد حزبًا يهتم بالقضية الثقافية، أين برامج الأحزاب للنهوض بالثقافة والمساهمة في تكوين العقل للنهوض مع مؤسسات الدولة بالقضية الثقافية، وأين برامج الأحزاب من القضايا المحلية والعالمية، فالأحزاب للأسف لم تعُد قوة مؤثرة في المجتمع، فوظيفتها ليست مجرد التعبير عن بعض الواقع أو إعلان مواقف، بل السعي نحو واقع أفضل وأيديولوجية سياسية تساهم في التقدم والبناء.
 
وأقول في نهاية مقالي: إن الأحزاب في مصر لو استمرت على هذه الصورة من الابتعاد، وتغييب العقل السياسي عن جوانب عديدة؛ فستظل أحزابًا جوفاء، أحزابًا كالطبل الأجوف.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد