الأقباط متحدون - مصر تستغيث ... رجعوا أبنائي!
  • ٠٤:١٤
  • الاثنين , ١٥ يناير ٢٠١٨
English version

مصر تستغيث ... رجعوا أبنائي!

نبيل المقدس

مساحة رأي

١٨: ١٠ ص +02:00 EET

الاثنين ١٥ يناير ٢٠١٨

صور_أرشيفية
صور_أرشيفية
بقلم – نبيل المقدس
  كانت مباريات كرة القدم في الخمسينات حتي أواخر السبعينات لها طقوس محترمة , وتبث الفرحة والبهجة في حياتنا .. فقد كانت مواعيدها دقيقة جدا , حيث يتم قيام المباريات يومي الجمعة والأحد فقط من كل اسبوع   في تمام الساعة الثالثة إلا ربع , فقد كان يومي الجمعة والأحد  الأجازة الأسبوعية , ففيهما تكون مصر كلها في حالة استرخاء بعد عمل جاد لجميع الشعب منهم الطلبة وموظفي المصالج الحكومية . حتي الصحف وقتها كانت تنشر كل ما يحيط بالمباريات في هذين اليومين. لم يكن في هذا الوقت صحف خاصة لكل نادي .. حتي الصحف والمجلات العامة كانت تنشر اخبار الرياضة بدون تحيّز أو تعصب لنادي معين .. لذلك كنا لا ندرك معني كلمة تعصب في قاموس لعتنا الكروية.. حتي معلقي المباريات كانوا أصحاب لزمات يستخدمونها في وصف المباريات كانت تخرج هذه اللزمات من أفواه المعلقين عفوية وطبيعية , وما يؤسفني بل من المضحك طبقا بما سمعته أن معلقي المباريات الحاليين يستأجرون متخصصين في إكتشاف اللزمات التي تناسب كل معلق وكله بحسابه . 
 
 اتذكر في اواخر الخمسينات حتي  قبل ظهور التليفزيون , أننا تعودنا عند سماع المباريات أن نحضر ورقة وقلم ونرسم عليها مستطيل وكأنه هو الملعب ونقسم المستطيل ثمانية مربعات ومرقمة من الشمال إلي اليمين علي نصفين , وكنا نتتبع حركة الكرة ونقلها بين ارجل اللاعبين من مربع إلي مربع أخر طبقا لما يقوله المعلق .. والغريب أننا كنا نتمتع بالمباريات وكأننا في الإستاد .. وهذا ما جعل مننا جيل صاحب رؤية وتخيل وإبداع ورواد وعلماء امثال الدكتور مجدي يعقوب والدكتور احمد زويل . أما الأن فأصبح مواعيد المباريات مشكلة المشكلات في الشارع المصري قبل وبعد المباراة . كذلك نجد أن الإستمرار في إقامة المباريات بطول الأسبوع تقريبا غير مراعين مواعيد المدارس او المؤسسات الحكومية هي أم الكوارث , لأن اغلب الطلبة والموظفين يتركون مدارسهم ومكاتبهم لكي يهيئوا انفسهم لمشاهدة التليفزيون إما في المنزل أو علي المقاهي حيث يكون الشباب الصغير دعائم مصر في المستقبل هم الاكثر تعرضا  للمخدرات ... فيضطر الشاب أن يتوجه إلي اعمال غير سوية مثل التجارة في الممنوع أو يبيع نفسه إلي أصحاب التكاتك لكي يستطيع أن يدفع لزوم مشروبات المقهي لمشاهدة المباريات في التليفزيون . 
 
الغريب أن جميع دول العالم تتخذ مباريات كرة القدم وسيلة للفرح والإبتهاج وتفريغ كل ما في جُعب المواطن من مشاكل وهموم الحياة التي يجتازها طيلة الأسبوع . لا شك ان كثرة ممارسة المباريات اكثر من يومين في الأسبوع يسبب في تعطيل التقدم , وهذا ما يبتغيه الأعداء المتربصين للمصر.
     
  هناك مشكلة أخري أكثر خطورة ألا وهي توجه الأطفال والصبيان إلي قيادة هذه الحشرة التي إتبلت بها مصر من شمالها إلي جنوبها ومن شرقها إلي غربها , فقد إنتشر التوك توك في كل شبر من ارض مصر , حاملا معه قنبلة موقوتة لا ندري ميقات إنفجارها .. والمشكلة بقدر مساوئها نجد أن التوك توك قدم حلولاً عملية وغير مكلفة لعدد من المشكلات التى تعانى منها مصر، ولا ننكر بأنه وفر فرص عمل ومصادر دخل للكثير من المواطنين، ولا نتغاضي أنه أسهم فى حل جزء من مشكلة المواصلات فى كثير من مناطق مصر وخاصة القرى والمدن الصغيرة ، حتي أنه أصبح وسيلة مواصلات أساسية يعتمد عليها أكثر من 30 مليون مواطن يومياً. خسب إحصائيات مركز الإحصاء والتعداد مشاركة مع هيئة المرور وقطاع الجمارك . فقد تأكد تماما وجود ما لا يقل عن 600ألف «توك توك»، ومع افتراض أن كلاً منها يعمل 3 ورديات فى اليوم، فهذا يعنى أن هناك 1.8 مليون شخص يعملون على «التوك توك»، إضافة إلى توفيره حوالي 300الف فرص عمل غير مباشر أمثال الفنيين وتجار قطع الغيار وغيره . 
 
  لكن ما يؤسفني أن العاملين علي تسيير التكاتك هم ابناء المدارس , تتجاوز أعمارهم مابين 13 سنة و18 سنة .. أغلبهم يتركون المدارس كلية .. والمصيبة الأكبر أن الكثير من الأباء يشجعون أبنائهم بالتوقف عن تكملة دراستهم .. وواضح أنّ تقنين أوضاع الـ"توك توك" ليس بسبب ما تسببه من ارتباك مروريّ فقط، ولكن بسبب تداعياتها الخطيرة على الأمن العام، إذ تتمتّع بقدرة كبيرة على المراوغة والسير في الأزقّة الضيّقة، مما أدّى إلى استخدامها في عمليّات السرقة والخطف والاغتصاب. كما أنّ ليس للـ"توك توك" رخصة يمكن تتبّعها، وبالتّالي معرفة من يملكها، ثمّ تحديد المسؤول عن الجرائم الّتي ترتكب من خلالها. 
 
     مصر لها زمان تبحث عن فلذات كبدها .. مصر تبكي لفقدان شبابها , الذي يكاد يفقد هويته المصرية .. إلي متي نتركها لقمة سهلة لأعداء الوطن ؟ .. إلي متي مصر تصبر علي غيبوبة أبنائها ؟ .. إلي متي يرجع ابنائها إلي كنفها مرة أخري واعيين اصحاء . مبدعين اكفاء كأجدادهم القدماء ؟
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع