البحث عن " سميكة " العصر
مدحت بشاي
١٠:
٠٢
م +02:00 EET
السبت ١٣ يناير ٢٠١٨
مدحت بشاي
كتبت كثيراً وتحدثت في العديد من المناسبات ، وفعل الأمر نفسه كثيرون مثلي للدعوة لإعادة النظر في كتابة حقب التاريخ المسيحى ومعالجة أمر ذلك الإهمال الغريب من جانب وزارة التربية والتعليم لتضمين مناهج التاريخ والتربية الاجتماعية والوطنية أحداث ستة قرون عاشها الإنسان المصري على أرضنا الطيبة التي شهدت زخماً هائلاً من الأحداث والتفاعلات الإنسانية والحضارية على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي..
وعلى مدى عهود رؤساء وحكومات كانت المطالبات تتوالى عبر الندوات والمؤتمرات ووسائل الإعلام و لكن كان للأسف رد الفعل اللا فعل !!!
و لكن على مستوى أهل الفكر والإبداع والتأريخ كانت هناك إسهامات رائعة في مجال توثيق أحداث تلك الفترة وكتابة البحوث والمقالات والكتب وإقامة المعاهد ومراكز البحث المسيحية الكنسية والأكاديمية ..
وعليه ، ألا يستحق الأمر أن تدعو الكنيسة المصرية الوطنية والمركز الثقافي القبطي من جديد أهل الاختصاص في كتابة التاريخ ورصد التراث وعلماء الآثار من الخبراء والأكاديميين لتشكيل لجنة قومية يكون مهمتها إعداد سلسلة مؤلفات بصياغات ذات مستويات مختلفة .. سلسلة لإعانة أهل البحث والعمل الأكاديمي لدفعهم لاستكمال حلقات أخرى وفي مناطق قد يرون أنها تحتاج المزيد من العمل البحثي المدقق ، وسلسلة أخرى من الإصدارات المبسطة اللغة والرصد وتكون بطبعات شعبية مدعمة للأطفال والشباب لسد الفجوة المعرفية حول تلك الفترة ..
ولدينا في مصر من العلماء والباحثين من نفخر بأدوارهم في ذلك المجال ونذكرهم كقدوة لشبابنا ، ولعل أبرزهم ذلك المصري الرائع " مرقس سميكة باشا " الذي ولد عام 1864م فى عائلة قبطية عريقة تضم رجال دين ورجال قضاء ، وبعد الإنتهاء من تعليمه عمل فى منصب مرموق فى مصلحة السكك الحديدية المصرية ثم أعتزل خدمتها فى عام 1907م . ولما كانت جهوده موضع تقدير ورعاية فقد أنعم عليه بالبكوية ، وبالنيشان العثمانى ، كما أنعم عليه برتبة " المتمايز" ثم برتبة الباشاوية .
وقد عمل " سميكة باشا بعد ذلك بالآثار القبطية حتى وفاته ، ويروى فى مذكراته أن سبب إهتمامه بشكل خاص بدراسة آثار العصر القبطى نشأ عن قراءاته وأعمال بتلر ، سترزيكوفسكى ، كلارك . وكان عضواً فى مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية والجمعية التشريعية ومجلس المعارف الأعلى والجمعية الملكية الجغرافية ومجلس أعلى دار الآثار العربية وعضو مجلس الأثريين فى لندن وعضو مجلس إدارة جمعية الآثار القبطية بالقاهرة .
لقد ذكرت جريدة الكتيبة الطيبية العدد (65) منتصف يناير 2008 م في مقال بعنوان [ مرقس سميكة باشا مؤسس المتحف القبطى بمصر القديمة القاهرة 1864 - 1944م ] المعلومات التالية ..
كان مرقس سميكة باشا عضواً بالمجلس الملى الثالث والرابع عامى 1892 و 1906م وقد تقدم بإقتراح للبابا يؤانس التاسع عشر البطريرك الـ 113 بتنظيم مكتبات الأديرة وعمل سجلات وفهارس لمحتوياتها وحفظها فى دواليب خاصة ، وقد وافق البابا على الإقتراح . وقام الأستاذ يسى عبد المسيح بهذه المهمة الشاقة وبالفعل وضع سجلاً وافياً لكل مكتبة من مكتبات الأديرة القبطية .
مؤلفاته :
** دليل المتحف القبطى والكنائس الأثرية فى مجلدين باللغتين العربية والإنجليزية
** وضع فهارس المخطوطات العربية والقبطية الموجودة بالمتحف القبطى. وبالرغم من أن هذه المؤلفات عبارة عن أعمال تسجيلية إلا أنها من الأهمية أنها ظلت تستعمل منذ كتاباتها وحتى اليوم ولم تكن كتابتها سهله لأنها عبارة عن عمل شاق ومضنى ، وقد كان مرقس سميكة باشا يجيد اللغات الإنجليزية والفرنسية والإيطالية ، وتأسف لأنه لم يكن يعرف اللغة الألمانية وتمنى أنه يجد الوقت لكى يدرسها ليقرأ على ما كتبه علماء الآثار الألمان عن ألاثار القبطية .
تأسيسه المتحف القبطي : كان اول من أهتم بجمع الاثار القبطية العالم الآثرى الشهير ماسبيرو ، فقد أنشأ فى المتحف المصرى قسماً خاصاً بها ووضع ما عثر عليه من آثار فيه . وفى عام 1908م قام مرقس سميكة باشا بتأسيس المتحف القبطى الذى يقع فى منطقة مصر القديمة أمام محطة مترو الأنفاق المواجهة لكنيسة مار جرجس الرومانى ، وقد أفتتح هذا المتحف رسمياً عام 1910م وقد كان الغرض من إنشائه أن تجمع فيه كل الاثار والوثائق التى تساعد على كشف الستار عن دراسة غوامض تاريخ العصر المسيحى فى وادى النيل ، وقد قام بجمع المال اللازم لهذا المشروع من التبرعات العامة التى تقدم بها كثير من أعيان الشعب القبطى ونخبة كبيرة من محبى الفنون والآثار ، وقد أنشأت المبانى الأولى لهذا المتحف على جزء من الأرض تابع لأوقاف الكنيسة القبطية تفضل بتقديمها البابا كيرلس الخامس البطريرك 112 ، وقد سمح أيضاً بنقل جميع التحف والأدوات القبطية الأثرية : كالمشربيات والسقوف والأعمدة الرخامية والنوافذ واللوحات والحشوات الخشبية المنقوشة والأبواب المطعمة والآرائك وقطع القيشانى التى كانت فى المنازل القديمة المتداعية التى كان الأقباط يملكها إلى هذا المتحف الناشئ .