استديو تحليلى لجلسات البرلمان!
مقالات مختارة | بقلم حمدي رزق
السبت ١٣ يناير ٢٠١٨
تقول العرب العاربة: ردَّم كلامَه، بمعنى تتبَّعه حتَّى أَصلحه وسَدَّ خللَه، ورئيس مجلس النواب، الدكتور على عبدالعال، يجتهد فى ردم ما يصدر عن النواب من كلام لا يرضاه ولا يرضى عنه، وسَدّ خلل الخطاب البرلمانى بتعيين الدكتور صلاح حسب الله متحدثا إعلاميا باسم مجلس النواب.
الهوة التى تتسع بين الشارع والبرلمان، والتى يستشعرها الدكتور عبدالعال من منصته العالية والمطرقة فى يمينه، لن يردمها تعيين متحدث رسمى ذرب اللسان مفوه بليغ، الأفضل أن يتحدث البرلمان، يتحدث عن نفسه، ونوابه يتحدثون مباشرة إلى الشعب وهم تحت قبة البرلمان بحرية وشفافية، الحَجْر المزمع من المزاعم يوفر بيئة تنمو فيها الشائعات، فيصبح ما يصدر عن البرلمان نميمة برلمانية وليس وقائع برلمانية.
من هنا تصح المطالبات بإذاعة وقائع جلسات البرلمان على الهواء مباشرة، على الأقل المهم منها جماهيرياً، المتماسّ منها مع قضايا تشغل الرأى العام، مع استديو تحليلى يعقب هذه الجلسات لشرح ما يجرى فى مجلس مهمته التشريع والرقابة للناس الذين انتخبوا البرلمان، على سبيل الثقافة البرلمانية والرقابة الشعبية.
هذا عين الشفافية التى نترجاها، ما يُنشر عن البرلمان حالياً مجرد حكايات عن وقائع لا تسمن ولا تغنى من جوع إلى المناقشات الحقيقية التى تتناول الشأن العام، عادة تُنشر الوقائع الساخنة، الخناقات والانسحابات والاعتراضات التى تثير لعاب صفحات النميمة وبرامج الليل وآخره.
مناقشات البرلمان عمل سياسى بامتياز قبل أن يكون منظرة ولعب أدوار على مسرح الفضائيات، إذاعة مناقشة قانون مثل التأمين الصحى هل كانت تضير البرلمان فى شىء؟.. مناقشة حق الرؤية بعد الطلاق لماذا تُحجب عن الرأى العام؟.. قانون الإيجارات القديمة كيف يناقش محجوباً عن الرأى العام؟
ما يستصحب ذلك من شائعات ضارة جداً بالأمن والسلام الاجتماعى، وهلم جرا من قوانين تستأهل شفافية تامة لا تتحقق إلا بإذاعة طرف من هذه الجلسات والتوفر عليها تحليلاً من خبراء ومتخصصين يتعاطون مع الشارع فى مثل هذه القضايا الملتبسة نتيجة العنعنات المتحورة عن النقل الانتقائى والمجتزأ والمحرّف والملون لمجريات المناقشات داخل البرلمان.
إذاعة الجلسات ستضيف إلى الأداء البرلمانى، لن تخصم منه، ستزيد من حماسة النواب للمناقشات، ستُنهى ظاهرة «أبوالهول»، وهى ظاهرة معروفة برلمانياً تنمو فى ظل الحجب، كيف يحاسب الناخبون نوابهم وهم لا يرون منهم إلا حضور العزاءات وأفراح الأنجال، ولا يرون منهم ممارسات سياسية، أو استخداما رشيدا لما تحت أيديهم من أدوات برلمانية تُعنى بالرقابة والتشريع، وهذه مهمة البرلمان الأصلية، حتى قبل الحصول على موافقات الصرف الصحى ومياه الشرب لترضى عنه عائلات الدائرة.
لا أزعم علماً بإذاعة الجلسات فى البرلمانات من حول العالم، ولكن فى مصر الأمر يحتاج إلى مراجعة قرار الحجب جزئياً على الأقل، البرلمان بالحجب يبتعد بمسافة عن الشارع، الناس تسمع عن البرلمان، لا ترى البرلمان، وبمرور الوقت عزفت عما يجرى فى البرلمان، ومهما اجتهد البرلمان فى خدمة المصالح الجماهيرية، فلن نرى شيئاً، ولا نسمع إلا كل ما هو مفارقات برلمانية تنقلها أخبار كالوشايات أو النميمة السياسية وليس أعمالاً سياسية رصينة فى برلمان يُفترض أنه يمثل الشعب المصرى لا يمثل عليه.
أقول قولى هذا وأعلم قائمة الاعتراضات التى ترتبت على البث التجريبى لجلسات البرلمان الأولى قبل توفر الخبرة البرلمانية لكثير من النواب الجدد، وميل البعض للاستعراض وتسجيل مواقف فى فيديوهات يرجع بها إلى أهل الدايرة.. مع تحياتى.. نائبكم فى البرلمان.
نقلا عن المصري اليوم