ديكتاتورية الأقلية
مقالات مختارة | نيوتن
الجمعة ١٢ يناير ٢٠١٨
تفاصيل كثيرة عطَّلت خروج إنجلترا من السوق الأوروبية. قرارٌ قامَرَ فيه ديفيد كاميرون. بثقة غير مبررة فى نفسه وفى سياساته. تلقَّف السقطة مجموعة شعبوية. الدليل أن 20% من الناخبين فقط هم الذين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع. متحمسين لخروج بريطانيا من السوق الأوروبية. لتعود إمبراطورية فى خيالهم فوق الجميع. مع كل هذا نسبة مَنْ رجَّحوا القرار جاءت بالكاد 52% مقابل 48% مع البقاء فى الاتحاد الأوروبى. أى أن 0.4% (أقل من نصف فى المائة) فقط من كل التعداد البريطانى هم الذين رجَّحوا الخروج من الاتحاد الأوروبى. هم الذين تحكَّموا فى علاقة بريطانيا بالسوق الأوروبية كلها. بكل ما لها وما عليها. لم يضعوا فى الاعتبار الشركات الكبرى التى كانت مراكزها فى بريطانيا. قررت الهجرة إلى دول أخرى فى الاتحاد الأوروبى. لم يحسبوا الأعباء الجمركية الجديدة فى الاستيراد والتصدير. وغيرها من الجوانب الاقتصادية.
كان هناك اعتراض على نوعية المهاجرين إلى بريطانيا. من باقى دول السوق الأوروبية. خاصة دول أوروبا الشرقية. لم يكن لبريطانيا رأى أو قرار فيهم. حتى لو كانوا لا يتمتعون بكفاءات. الكثير منهم ينتهى بهم الأمر إلى التسوُّل فى الشوارع. فمهاراتهم لم تسمح لهم بالانخراط فى سوق العمل.
بريطانيا لها فرصة اليوم مع الاتحاد الأوروبى لتعديل هذا الشرط.
القرارات الفاصلة فى حياة الشعوب يجب أن يتم التصويت عليها بنسبة معتبرة. هذا هو المفروض.
إذا ذهبنا إلى الاستفتاء الذى أجراه الرئيس الفرنسى الأسبق شارل ديجول. على مجموعة قرارات اتخذها بهدف توسيع نطاق اللامركزية فى بلده. قال: «إذا لم أفز بشكل حاسم. سأستقيل وأعتزل الحياة السياسية». وكان عند كلمته. اشترط ضد نفسه أن يكون التأييد لا يقل عن نسبة معينة. لم تتحقق له النسبة التى اشترطها. ترك الحكم واعتزل السياسة. أقام فى قريته «كولومبيه لى دوزيغليز». انصرف لكتابة مذكراته إلى أن توفى بعد واقعة الاستفتاء بعام.
الديمقراطية فى بريطانيا معروف أنه يُضرب بها المثل. مع ذلك تحكَّمت مجموعة أقل من نصف فى المائة من التعداد البريطانى فى تحديد مصير الدولة.
فالقرارات المصيرية يجب أن يشارك فى الاستفتاء عليها نسبة معتبرة ممن لهم حق التصويت. قياساً على ما سبق. ثم بعد ذلك يجب تحديد نسبة معينة واضحة لترجيح قرار الأغلبية. فلا يتم تمرير القرارات المهمة والمصيرية بمجرد الأغلبية المطلقة.
نقلا عن المصري اليوم