الأقباط متحدون - لماذا يعشق الأطفال الشاحنات والديناصورات والسيارات والفضاء؟
  • ١٦:٤٢
  • الاثنين , ١ يناير ٢٠١٨
English version

لماذا يعشق الأطفال الشاحنات والديناصورات والسيارات والفضاء؟

منوعات | رصيف 22

٠٠: ١٢ م +02:00 EET

الاثنين ١ يناير ٢٠١٨

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

"طفلي يعشق نماذج الشاحنات".

"طفلي مهتم أكثر بكتب الفضاء".

"أتعجب من عشق ابني للديناصورات"

جمل عدة نرددها حين يسألنا شخص ما عن اللعب أو المواضيع المفضلة لأطفالنا.

لكن هل سألتم أنفسكم من قبل ما الذي يجعل الطفل يهتم بموضوع معين ويطلب منا أن نشتري له قصصاً أو لعب تجسد هذا الاهتمام؟

لو دخلتكم إلى موقع أمازون لمشاهدة الكتب الأكثر مبيعاً ستجدون القصة المصورة الكلاسيكية التي تحمل عنوان "كتاب الشاحنات" (كتبها هاري ماكنوت عام 1978) تتربع على عرش كتب الأطفال الأكثر مبيعاً في مجال السيارات والشاحنات.

لا يختلف الأمر كثيراً في عالمنا العربي، فلو ذهبتم إلى أي مكتبة متخصصة في كتب الأطفال ستجدون الكتب التي تحكي عن السيارات تباع أكثر من كتب أخرى.

ففي مصر مثلاً يحقق كتاب مصور أصدرته دار نهضة مصر مترجم للعربية عن ديزني وهو Cars مبيعات كبيرة. كما أن الفيلم نفسه المدبلج للعربية والذي حمل نفس الإسم حقق نجاحاً كبيراً حين عرض في عالمنا العربي.

سنجد أيضاً أن ألعاب السيارات والشاحنات تحقق مبيعات غير قليلة في كل محلات لعب الأطفال، حتى في عالمنا العربي، وهو ما يبرر ازدحام كل محلات ألعاب الأطفال بهذا النوع من الألعاب.

يظهر الأمر أن عشق السيارات والشاحنات موجود بقوة لدى العديد من أطفال العالم بغض النظر عن الدولة التي يعيشون فيها.

في البداية دعونا نوضح إننا لا نتحدث عن السيارات والشاحنات فقط، فالأمر يتكرر مع أشياء أخرى، فهناك أطفال لا يفضلون موضوع الشاحنات وفي المقابل يعشقون الديناصورات مثلاً أو كل ما يتعلق بعالم الفضاء، أو حيوانات الغابة، وغيرها من الموضوعات.

في مقال حديث كتبته بيري كلاس لصالح موقع The New York Times أرادت من خلاله أن تبسط للقراء السبب الذي يجعل الطفل يتعلق بلعبة ما دون غيرها، فقد كان لها طفل يحب أن تقص له حكايات عن الشاحنات ومنها الكتاب المصور "بيرني يقود شاحنة ".

ولكن من هي هذه الكاتبة؟ ولماذا يجب أن نتعامل بجدية مع مقالها؟ هي مؤلفة وطبيبة أطفال أمريكية شهيرة مهتمة بنشر ثقافة القراءة بصوت عال لأطفالنا بهدف تشجيعهم على حب القراءة، كتبت كلاس مجموعة ناجحة من كتب الخيال العلمي والروايات القصصية، وتكتب باستمرار مقالات صحافية كما إنها أستاذ الصحافة وطب الأطفال في جامعة نيويورك. إذاً فنحن نتحدث عن نموذج مؤهل لمناقشة الأمر بشكل علمي.

أقوال جاهزة
عشق السيارات والشاحنات موجود بقوة لدى العديد من أطفال العالم بغض النظر عن الدولة التي يعيشون فيها

"اشتري لي كتب ديناصورات يا أمي.. عن تعلق أطفالنا بمواضيع معينة دون غيرها

تقول كلاس إنها لم تشجع طفلها أبداً بشكل مباشر أو غير مباشر على حب كتب السيارات والشاحنات، كان يطلب ذلك بنفسه، على الرغم من وجود كتب أخرى في مكتبة المنزل منها كتب كثيرة حول عالم القراصنة وهو الموضوع الذي كان يشغل طفلها الأكبر في طفولته.

الأمر الذي أثار اهتمام كلاس أثار قبلها اهتمام العلماء في مجال علم الأعصاب، الذين لا تتوقف محاولاتهم عن البحث عن الأسباب التي تجعل عقول أطفالنا ترتبط بأشياء معينة وتحبها، وما الذي يجعل الطفل يطلب منا مثلاً أن نحكي له قصصاً في مجال معين دون غيره، بينما طفل آخر يطلب قصصاً في موضوع مختلف، وهكذا.

رغم أن علم الأعصاب لم يصل لإجابة محددة تفسر هذا التعلق ويمكن اعتبارها إجابة نموذجية إلا أن كلاس لديها تفسير خاص لحب طفلها للشاحنات تطلق عليه مصطلح "جين حب الشاحنات" وتعتبر أن طفلها ولد به.

تقصد الطبيبة الأمريكية أن هناك جينات وراثية داخل كل طفل، تجعله يهتم بموضوعات معينة دون غيرها.

يعبر الأمر عن الذوق الخاص، الذي يبدأ بشكل مبكر جداً لدى البشر، الأمر أشبه بحقيقة أن كل البشر يتشابهون في بحثهم عن طعام حين يشعرون بالجوع، لكن ذوقهم يختلف حين يحددون صنف الطعام الذي سيأكلونه، فهناك من يحب نوع معين من الطعام ومن يحب نوع آخر.

قد تتعجبون حين تعلمون أن بعض الأطفال مثلاً لديهم ما يمكن أن نطلق عليه "جينات الحشرة"، وهو ما يجعلهم يحبون عض زملائهم مثلما تعضنا أي حشرة تماماً.

دعونا نتخيل إننا سنقوم بتجربة عملية، لو كنا مثلاً في غرفة مليئة بالأطفال في الفئة العمرية من ثلاثة وحتى خمسة سنوات، وتحدثنا معهم في موضوع الديناصورات، أغلبهم سيهتم بالموضوع بشكل أو بآخر، لكن سيكون هناك طفل أو اثنين متحمسين أكثر للموضوع، ينصتون له بتركيز شديد وبشغف أقرب للهوس بالموضوع.

لا يعني هذا الأمر أن هؤلاء الأطفال بالضرورة سيصبحون في الكبر علماء حفريات، لكن ربما يكون بعضهم كذلك، يشبه الأمر عشق بعض الأطفال لكل ما يتعلق بالفضاء مثلاً، ليس شرطاً أنهم سيصبحون في المستقبل رواد فضاء لكن الموضوع نفسه يثيرهم مقارنة بأي موضوع آخر.

اهتمامنا بمواضيع معينة يبدأ منذ طفولتنا حتى لو كان عمرنا سنتين فقط ويستمر هذا الاهتمام معنا للأبد، فلن ننس أبداً الموضوعات التي كانت تهمنا، والأسماء التي حفظناها حين كنا أطفالاً، فحتى حين نكبر ستظل أسماء الديناصورات التي كنا نرددها حين كنا صغاراً محفورة في ذاكرتنا.

يعلمنا ذلك إن اهتمامات أطفالنا تعبر عن أن لهم شخصية وذوق مختلف عنا، فهم ليس نسخة منا، ورؤيتنا للأشياء مختلفة تماماً عن رؤيتهم لها.

فلو كنا مثلاً كوالدين نخاف من الديناصورات ونعتبر أفلامها مرعبة فطفلنا قد ينظر لها بشكل مختلف إذا كان يحبها، هي أقرب لعالم من السحر بالنسبة له. أصواتها وأسماءها وحتى أشكالها المختلفة تعني له الكثير.

نحتاج لأن نتعلم كيف نتأقلم مع هوس أطفالنا بموضوع معين ولا نعتبر ذلك حملاً علينا، فحين يحب طفلنا مثلاً الديناصورات سيبدأ في طرح أسئلة عدة علينا، منها لماذا انقرضت الديناصورات، هل سينجح العلماء فعلا في إعادة تخليقها؟ هل كان حجمها أكبر أم منزلنا أكبر؟ وهكذا وكلما اهتتمنا بالإجابة على أسئلته كلما شعر إننا نحترم ذوقه واهتماماته.