الأقباط متحدون - متى يشمر الفلسطينيون عن سواعدهم وينطلقوا نحو ثورة شاملة مسلحة لا مجرد انتفاضة؟
  • ٠٦:٠١
  • الاربعاء , ٢٧ ديسمبر ٢٠١٧
English version

متى يشمر الفلسطينيون عن سواعدهم وينطلقوا نحو ثورة شاملة مسلحة لا مجرد انتفاضة؟

ميشيل حنا حاج

مساحة رأي

٠١: ٠١ م +02:00 EET

الاربعاء ٢٧ ديسمبر ٢٠١٧

 محمود عباس
محمود عباس

بقلم : ميشيل حنا الحاج 

الحرب الأميركية االترامبية أعلنت على محمود عباس، لا بل على كافة الفلسطينيين الرافضين لصفقة القرن الغامضة، والتي لا يفترض بها ان تسمى صفقة القرن، بل صفقة كوشنر الذي يسعى لأن يحقق لاسرائيل أكثر مما سعى روتشيلد لأن يحققه، وما وعد بلفور به، لكن هذه المرة على نطاق أوسع كثيرا تجاوز توقعات روتشيلد ووعود بلفور.

ومن هنا لا ينبغي ان يكتفى الفسطينيون بعد الآن بمجرد انتفاضة لا ينكر أحد أهميتها، ذلك أن العقل الفلسطيني الواعي لحقائق الأمور، أصبح يدرك أن المطلوب بات أكبر من ذلك كثيرا. فالمطلوب بات يتجاوز الانتفاضة، وحجب التعاون أو التنسيق الأمني مع الاسرائيليين ، بل والغاء اتفاقية أوسلو والالتزام بأي من بنودها، كما يتجاوز مجرد المقاطعة للمنتوجات الاسرائيلية والاميركية.... فالمطلوب الآن هو ثورة....ثورة دامية وليكن ما يكون.

فاذا كانت اتفاقية اوسلو قد سعت لتنفيس الثورة الفلسطينية وامتصاص عنفوانها، فان صفقة القرن تسعى لوأدها تحت اعماق الثرى. وها هو الرئيس ترامب، الذي شكل عهده المهتز تحت ضغوط العديد من الاتهامات الموجهة له، وأبرزها التحرشات الجنسية التي اعترف هو نفسه على فيديو مسجل... بارتكابها، كما قال السناتور بيرني ساندرز في لقاء له مع سي ان ان.... شكل عهدا غير مسبوق بطيشه وتهوره في تاريخ الولايات المتحدة . 

اذ قرر فرض عقوبات شديدة على السلطة الوطنية الفلسطينية، وهي عقوبات أشد خطرا من تلك التي فرضها على كوريا الشمالية. فكوريا الشمالية دولة مستقلة ولديها امكانياتها، كما أنه هناك حلفاء لها كالصين وروسيا اللذين لن يتخليا عنها. أما بالنسبة للسلطة الوطنية الفلسطينية، فان تلك العقوبات المفروضة على الفلسطينيين، وبشكل مباشر على الرئيس محمود عباس كوسيلة للضغط عليه وعليها... لم تكن عقوبات ترعاها الولايات المتحدة فحسب، اذ أنها قد امتدت لتشمل مراعاتها حتى من دول الخليج التي يفترض بها ان تكون حليفة أو داعمة... ماليا على الاقل، للسلطة الوطنية الفلسطينية ممثلة بالرئيس ابو مازن. 

ويقول موقع سبوتنيك الروسي، أن عباس قد أصيب بصدمة ازاء العقوبات الأميركية الخليجية التي فرضت عليه وعلى الفلسطينيين، والتي كشفها موقع ديبكا الاستخباراتي الاسرائيلي، قائلا أنها قد فرضت "بسبب تعنته (أي تعنت عباس) في قضية القدس، ولعدم قبوله بأي نصائح من عواصم القرار الخليجية للموافقة على خطة السلام الأمريكية الجديدة". 

وتتضمن العقوبات حجب المساعدات المالية عن السلطة الوطنية، وقطع الاتصالات معها، وعدم استقبال أي من اعضائها في البيت الأبيض أو في أي من المحافل الأميركية، بل واغلاق مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن اغلاقا نهائيا، اضافة الى البحث عن بديل لمحمود عباس، وقد يكون دحلان هو البديل المحتمل بينما تردد بعض الأنباء قياجدة جماعية ااكون من صائب عريقات وماجد فرج وحسام زملط. والأدهى من ذلك أنها ستوقف دعمها المالي لمنطمة أونروا والبالغة مليار دولار سنويا، وذلك ليس تنفيذا لتهديدات نيكي هيلي في كلمتها أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة فحسب، بل نكاية باللاجئين الفلسطينيين، فهم المستفيد الأكبر من اعانات واغاثات الاونروا. 

ولمزيد من الضغوط على الجانب الفلسطيني، كشفت اسرائيل بأنها ستخطو خطوات عملية في هذا الشأن، اذ شرعت، كما تقول قناة RT، في "وضع مخططات فعلية لبناء ثلاثمائة الف وحدة سكنية في القدس الشرقية"، تأكيدا ليهوديتها ولعدم العودة عن الاعتراف بالقدس بشقيها عاصمة لاسرائيل. أي أنها ستسعى لهودنة القدس الشرقية، لتغمرها بالطابع اليهودي الصرف الذي سيغطي تدريجيا على الطابع العربي الفلسطيني فيها. 

وتقول المصادر لـ"ديبكا"، إن المسؤولين الفلسطينيين في رام الله "أصيبوا بصدمة شديدة بسبب الأنباء عن القطع المفاجئ للمصادر الرئيسية لإيرادات السلطة الفلسطينية. حتى أمير قطر، الذي زاره عباس الأسبوع الماضي كملجأ أخير لإنقاذ السلطة الفلسطينية من الانهيار الاقتصادي والمالي، رفض إعطاءه المال المطلوب". وهذا يعني أن عملية الضغط على الرئيس الفلسطيني، عملية محبوكة جدا طالما أنه حتى قطر التي هي في نزاع مع السعودية، قد امتنعت عن مد يد العون للفلسطينيين.

ولكن بعض دول الخليج، قد تناست وجود دول نفطية أخرى قد تمد الفلسطينيين ببعض المال. صحيح أن الأردن غير قادر على ذلك، لكونه ليس دولة نفطية، كما أنه يعاني ضائقة مالية كبرى، خصوصا وأن العون المالي السعودي له قد بات شحيحا. كما أن الأردن ذاته يواجه أزمة في علاقاته مع السعودية التي تريده التخلي عن موقفه كحام للأماكن المقدسة في القدس، خصوصا وأن نتانياهو قد أعلن نفسه حاميا لها. أما مصر، فهي أيضا تعاني من مشاكل اقتصادية، واتفاقية كامب ديفيد قد تحد من قدرتها ولو نسبيا عن الحركة. 

غير أنه هناك الجزائر، التي هي بدورها دولة نفطية. صحيح أنها ليست بثراء السعودية، ولكن من المرجح أن تكون قادرة على تقديم بعض العون المالي للفلسطينيين، خصوصا وأنها مدينة بعض الشيء للفلسطينيين. فالثورة المصرية عام 1952 كان من ابرز الدوافع لوقوعها، الهزيمة التي مني بها العرب، وبينهم الجيش المصري، في حرب 1948. والمعروف أن قيادة الثورة في مصر، كانت من أهم العوامل التي ساعدت على انطلاق الثورة الجزائرية، كما أن مصر الثورة قد ساهمت كثيرا في تسليحها وتشجيعها.

وهناك النفط الليبي الذي يعاني الآن من خسائر بسبب حالة التفكك التي تمر بها ليبيا. لكن حالة التفكك هذه لن تدوم الى الأبد، وبالتالي ستكون ليبيا النفطية، قادرة بمجرد التقاط أنفاسها، على تقديم بعض العون المالي للفلسطينيين.

وهناك دولة نفطية أخرى في المنطقة قد تكون راغبة في تقديم عون مالي كهذا للفلسطينيين. وتلك هي ايران. والواقع أن توجه الفلسطينيين نحو ايران، سيشكل ضربة معلم توجه لبعض دول الخليج التي لا تكن الود للدولة الفارسية. بل ان مجرد التلويح بخطوة كهذه، قد يضطر دول الخليج للتلكوء قليلا، وربما لاعادة النظر في موقفهم المتصلب تجاه السلطة الفلسطينية.

ومع ذلك فان الرد الحقيقي والفعال على كل من الولايات المتحدة واسرائيل وبعض دول الخليج، لن يتحقق الا بأمرين: أولهما شد الأحزمة على البطون، وثانيهما الشروع بالثورة المسلحة على الاستعمار الاسرائيلي. وبطبيعة الحال فان الثورة المسلحة تحتاج الى تمويل والى تسليح. ولكنه لا يحتاج الى الكثير من السلاح والمال. فالحرب الشعبية لن تستخدم المدافع أو قاذفات الصواريخ، بل ستستخدم الخنجر وعمليات الدهس وأسلحة نارية خفيفة كالمسدسات وبعض الرشاشات. وهذه يسهل الحصول عليها حتى من الداخل الاسرائيلي حيث توجد سوق سوداء يقودها اسرائيليون يبيعون أسلحة خفيفة كهذه. كما أن مصر رغم اتفاقية كامب ديفيد، قد تكون قادرة على مد الفلسطينيين بأسلحة خفيفة، خصوصا وأنهم قد يكونون قادرين على تمريرها تحت غطاء السلام الباهت والمكروه من الشعب المصري، وربما من الحكومة المصرية ذاتها.

واذا كانت الذئاب المنفردة قادرة على تنفيذ عمليات بسيطة لكن موجعة كما في فرنسا والمانيا وبريطانيا واميركا، عن طريق الدهس بالسيارة أو باستخدام الخنجر أو المسدس، فلما يعجز الفلسطينيون عن ذلك. بل وهناك وسائل أخرى بمكن التوسع بها وقابلة للتنفيذ، ومنها مهاجمة القطارات الاسرائيلية مستخدمين المسدس والخنجر. فلن تستطيع القوات الاسرائيلية أن تضع جنودا داخل كل مقطورة من مقطورات القطار المتعددة. بل وهناك وسائل أخرى تتعلق بالقطارات. والأمر هنا لا يحتلج لاستخدام سكين أو مسدس، بل نزع بعض القضبان من سكة الحديد في منطقة نائية يمر بها القطار، حيث لا يوجد رقيب عليهم. وهذا سيؤدي في أغلب الأحيان الى تدهور القطار. ويستحسن أن يتم ذلك في القطارات المتنقلة بين منطقة يهودية صرفة وأخرى مثلها. كما الحال... ربما... في القطار الذي يربط تل ابيب بحيفا حيث غالبية الركاب سيكونون من الاسرائيليين.

وهناك بطبيعة الحال وسائل أخرى لن يعجز العقل الفلسطيني الجبار ابتكارها وتنفيذها بيسر وسهولة.

 

خلاصة القول: لا يحك جلدك الا ظفرك، وعلى اخوتي الفلسطينيين أن يدركوا ذلك. فلا أميركا ولا دول الخليج ستعيد الحقوق السليبة للشعب الفلسطيني، فما يعيدها حقا هو ذراعهم فحسب، وتضحياتهم، ونضالهم، وكفاحهم المسلح....لا شيء آخر غير ذلك.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع