الأقباط متحدون | الإخوان و المرأة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٩:٢٥ | الاربعاء ٢٧ ابريل ٢٠١١ | ١٩ برمودة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٧٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الإخوان و المرأة

الاربعاء ٢٧ ابريل ٢٠١١ - ٤٣: ٠٢ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: عبد الرحيم علي
لا يؤمن الإخوان المسلمون بأي حقوق طبيعية للمرأة، على عكس كل علماء المسلمين المستنيرين، بدءاً من حق العمل مروراً بحق تولي المناصب الكبرى في الدولة، وانتهاءً بحق الاختلاط المبرأ عن الهوى في مواقع العمل وأماكن تلقي العلم. يقول الإخوان هذا صراحة في فتاواهم التي يدرسونها سراً لكوادرهم وأعضائهم من الشباب والفتيات، لكنهم عندما يضطرون إلى مخاطبة الرأي العام يتبنون خطاباً براجماتيًّا يؤكد على جواز ترشيح المرأة في المجالس النيابية، وجواز المشاركة في عملية الاختيار (الانتخاب)، وذلك من أجل توسيع دائرة المصوتين للجماعة في أي انتخابات تشريعية أو نقابية، ولكنهم يقفون موقف الرفض – غير المبرر – من كافة الحقوق الأخرى، ومنها حق المرأة في تولي القضاء، والمناصب العليا في الدولة، بما في ذلك منصب الرئاسة. أما بالنسبة للبنية التنظيمية للجماعة فهم يرفضون تمثيل المرأة في أي مستوى تنظيمي، سواء كان مجلس شورى الجماعة أو مكتب إرشادها، بل وصلت المفارقة إلى اختيار رجل على رأس قسم المرأة، يقوم بالتعامل مع النساء عن طريق زوجته.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح بعد محاولات الإخوان العديدة ،في الفترة الأخيرة، مغازلة الصوت النسائي من أجل حزمة الإنتخابات القادمة . ما الموقع الذى تحتله المرأة فى كتابات ومحاضرات مؤسس حركة الإخوان المسلمين ومرشدها الأول الشيخ حسن البنا ؟. وما الإضافة التى تمثلها كتابات وآراء أبرز مفكرى الإخوان وأكثرهم تأثيرا، سيد قطب ؟!. وإلى أى حد تتوافق الفتاوى الإخوانية المنشورة فى مجلة " الدعوة " عن المرأة ، بإشراف الشيخ محمد عبد الله الخطيب ، المسئول عن الفتوى فى الجماعة ، مع كتابات البنا وقطب ؟
لماذا، وكيف، ينشغل الإخوان بمسئولية المرأة، دون الرجل، عن الفساد والإنهيار الأخلاقى، ويركزون على الأمور الشكلية المتعلقة بالزى والمظهر ، كأنها جوهر العقيدة الإسلامية ، ويحرمون تنظيم الأسرة على اعتبار أنه مؤامرة صليبية تستهدف الإسلام والمسلمين ؟!.
كيف نفسر الرؤية المختلفة التى قدمها المستشار مأمون الهضيبى – رحمه الله – عام 1994 . وهل هى تعبير أصيل عن تغيير فى الموقف القديم، أما أنها حيلة سياسية تستهدف جمهورا مختلفا ؟!.
كيف تتحول فتاوى الإخوان المنشورة إلى أفضل رد على ما قاله المستشار الهضيبى ، ويزعم الإخوان أنه رأيهم المتفق عليه ؟!.

جملة من الأسئلة نتوقف عندها ، مستهدفين أن نقدم صورة وافية عن الموقف الحقيقى للإخوان من المرأة .
المرأة فى كتابات البنا

لا تحظى المرأة باهتمام خاص في خطاب الشيخ حسن البنا، ولا يولي أهمية لقضاياها، وهو ما يتسق مع النظر إليها في إطار التبعية للرجل من ناحية، وعلى اعتبار أنها مصدر للفتنة والفساد الأخلاقي من ناحية أخرى.

عندما يتحدث البنا عن "منهاج القرآن الكريم في الإصلاح الاجتماعي"، يجمع بين الرجل والمرأة في إطار عام فضفاض:
• النهوض بالرجل والمرأة جميعا، وإعلان التكافل والمساواة بينهما، وتحديد مهمة كل منهما تحديداً دقيقاً. (1)
ما الذي تعنيه المساواة بينهما، وكيف تحدد المهام بدقة؟!. هذا ما لا يجيب عنه الشيخ، قانعا بالشعار العام الذي يحتمل تأويلات شتى.
وفي ندائه للشباب، يستمر البنا في خطابه العام البعيد عن الوضوح والتحديد والحسم البيت هو المملكة الحقيقية للمرأة، والدور الأسري وظيفتها المنشودة، وما خلا ذلك يبدو الأمر محفوفاً بالمخاطر الأخلاقية. المرأة عند البنا جزء من منظمة الفساد التي جلبها الأوربيون إلى بلادنا.
الجدير بالاهتمام هنا هو ما يقوله الشيخ حسن البنا في "نحو النور"، فبعد أن يطالب بعلاج قضية المرأة علاجا يجمع بين الرقي بها والمحافظة عليها، يقدم مجموعة من الاقتراحات التي تنم عن موقف سلبي متعنت، وتكشف عن طبيعة المساواة التي يطالب بها:
• مقاومة التبرج والخلاعة وإرشاد السيدات إلى ما يجب أن يكون، والتشديد في ذلك بخاصة على المدرسات والتلميذات والطبيبات والطالبات ومن في حكمهن.
• إعادة النظر في مناهج تعليم البنات ووجوب التفريق بينها وبين مناهج تعليم الصبيان في كثير من مراحل التعليم.
• منع الاختلاط بين الطلبة والطالبات، واعتبار خلوة أي رجل بامرأة لا تحل له جريمة يؤخذان لها.(2)
الاقتراح الأول أخلاقي متشدد، وصياغته توحي بالمفهوم المتسع للخلاعة، فهي معطوفة على التبرج، وكأن كل متبرجة خليعة!.
وخطورة الاقتراح الثاني أنه يضرب فكرة المساواة في الصميم، فهو يطالب بمناهج خاصة للبنات، وكأن في العلم ما لا يجوز للمرأة، أن تدرسه وتعرفه!، وهو لا يحدد مراحل التعليم والمناهج التي يقصدها، فيفتح الباب واسعا أمام العبث العلمي الذي يمارسه غير المتخصصين، وبخاصة أن الاختلاط في معاهد العلم "خلوة" غير شرعية تستوجب العقاب، و"جريمة" يؤخذ عليها!.
• الأنوثة والمؤامرة

في كتابات سيد قطب المبكرة، قبل الانتقال إلي الطور الثاني من حياته الحافلة بالتناقضات، ما يكشف عن موقف سلبي من المرأة، ففي مجلة "الشئون الاجتماعية"، أبريل 1940، نشر قطب مقالاً عنوانه "ثقافة المرأة المصرية يجب أن تخضع لوظيفتها الطبيعية والاجتماعية"، وأكثر ما يلفت النظر في المقال هو المطالبة بأن يكون تعليم المرأة مختلفًا عن التعليم الذي يتلقاه الرجل، وهي الفكرة نفسها التي يدعو إليها حسن البنا خلال المرحلة التاريخية!. ليس للمرأة من وظيفة، عند سيد قطب، إلا رعاية الأسرة والاهتمام بالأطفال، ومثل هذا العمل يحتاج إلي نوعية معينة من التعليم والثقافة: "معلومات عامة، الطفل وغرائزه، صحة الطفل والحامل، أدب الأطفال، التربية الجنسية، ترويض الرجال، التدبر المنزلي"!.(3)
ويحذر قطب من تعليم المرأة على مثال الرجل، فالمساواة بينهما في مجال التعليم ليست إلا نوعا من "الشذوذ"!، وانقياد لنمط الثقافة الأوربية الدخيلة، فضلا عن إفساد طبيعة الأنثى!.
كيف تفسد طبيعة الأنثى إذا تعلمت ما يتعلمه الرجل؟. هذا ما لا ينشغل به سيد قطب، مكتفيا بضرورة التمييز، وحتمية التركيز على أنواع بعينها من العلوم والمعارف. ماذا عن التاريخ والجغرافيا والفلسفة وعلم النفس واللغة والأدب؟ وماذا عن الكيمياء والفيزياء والرياضيات؟. أي "شذوذ" في دراسة الفتاة المسلمة للعلوم السابقة؟!.

هذا ما لا يجيب عنه سيد قطب!.
وتتصاعد حملة المفكر الإخواني، في الجزء الثاني من كتاب "في ظلال القرآن"، حيث يؤكد أن الأنظمة العلمانية العميلة للغرب الاستعماري، في البلدان العربية والإسلامية، بدءًا من تجربة الزعيم التركي مصطفي كمال أتاتورك، تنفذ توصيات وتعليمات المؤتمرات التبشيرية، وتسير على خطي بروتوكلات "حكماء صهيون"، والعنصر الأول والأهم من "المؤامرة"، يتمثل في تدمير وإزاحة القيم والأخلاق الإسلامية، وإخراج المرأة إلي الشارع، وجعلها فتنة للمجتمع، وتيسير وسائل الانحلال:" كل ذلك وهي تزعم أنها مسلمة وتحترم العقيدة"!.(4)
مثل هذا التصور المتطرف عن وجود "مؤامرة" عالمية محكمة، يهودية صليبية، لمحاربة الإسلام وتدمير مبادئه، يصل إلي أن المرأة عنصر فاعل، ومن تجليات فاعليتها "الخروج إلي الشارع"، وعرض مفاتنها للإغراء، والمشاركة في منظومة الانحلال والفساد!.
ويذهب الباحث المتميز شريف يونس، في دراسته المهمة "سيد قطب والأصولية الإسلامية"، إلي أن المرأة قد نالت اهتمامًا خاصًا في كتابات سيد قطب بشكل عام: "فيحدد وضعيتها العامة باعتبارها داخلة مع الرجل في نوع من تقسيم العمل الجنسي يهدف إلي إنتاج النسل ورعايته، في إطار علاقة تقوم على الواجب، لا على اللذة أو الهوى، يقوم فيها الرجل بدور القائد. أما في المجتمع المدني، فلا دور لها، وعملها غير مرغوب فيه، على أساس تعارضه مع واجب الأمومة. فنواب الله في الأرض – خارج البيت – هم الذكور".(5)
ويعلق الباحث على هذا التوجه بقوله: "وهنا تتضح النزعة المحافظة شديدة التخلف التي تعد أحد أهم الدوافع المباشرة للاتجاه الإسلامي بمجمله".(6)
هل من إهانة للمرأة تفوق التعامل معها على إنها "كائن بيولوجي"، ومن منطلق أن وظيفتها الأسمى هي المشاركة في العملية الجنسية، دون عاطفة أو لذة، لإنتاج النسل ورعايته؟!. وماذا عن المرأة خارج نطاق هذه العملية؟، وماذا عن دورها عندما تصل إلي مرحلة تقف فيها خارج عملية "إنتاج النسل" هذه؟!. هل يحكم عليها بالقبوع في انتظار الموت؟!.
قد يكون صحيحًا أن الرفض الصارم لعمل المرأة ليس بالشىء الجديد، فهو سائد عند الاتجاهات الإسلامية التقليدية المجافية لروح العصر، لكن الجديد الذي يلح عليه سيد قطب هو التعارض بين العمل والأمومة من ناحية، والخروج إلي الشارع وطبيعة الأنوثة من ناحية أخري، فضلا عن التأكيد، غير المبرر وغير المنطقي، بأن الرجال – دون النساء – هم "نواب الله" على الأرض، وكأن المرأة شىء هامشي المعني الوحيد لوجوده لا يتجاوز السياق الجنسي، وأداء بعض الخدمات والمهام المنزلية!.
المرأة في فتاوى الإخوان:

تمثل الأسئلة المتعلقة بقضايا المرأة مادة مهمة وغزيرة في باب الإفتاء الذي تقدمه مجلة "الدعوة"، فهي تفوق في نسبتها العددية كل الفتاوى الأخرى التي تتعلق بالأقباط والسياسة والفن. ويمكن التمييز هنا بين نمطين أساسين في تلك الفتاوى: النمط الأول يتعلق بقضايا ذات طابع أنثوي لا يؤثر ولا يتأثر بالشأن العام، مثل حكم المشاركة في الرضاعة وتأثيره على الزواج، ويمين الظهار، وأحكام المواريث، والطلاق، وما إلى ذلك من القضايا التي يتفق في حكمها الإخوان مع عدد كبير من الحركات الإسلامية أو المجامع الفقهية المعترف بها في العالمين العربي والإسلامي على حد سواء. أما النمط الثاني، الذي نهتم به هنا، فهو ما يتعلق بوضعية المرأة المعاصرة اجتماعيا، وما يترتب على ذلك من حقوق وواجبات تحتمها متغيرات الحياة وتطور العصر، فضلا عن مجموعة من الهموم المستجدة في ظل النظام الأسرى الجديد وإقبال المرأة على العمل، وصولا إلى مشاركتها السياسية وانشغالها بالشأن العام، وحقها في تقلد المناصب الرفيعة بالدولة.

ولا شك أن تشكيل رؤية حول هذه القضايا لا تحكمها وجهة النظر الدينية أو الفقهية فقط، وإنما تتدخل فيها عوامل عديدة أهمها الموقف السياسي والفكري والاجتماعي من قضايا المرأة، وهو ما نحاول رصده في هذا الفصل. والقارئ لفتاوى الإخوان المسلمين – فيما يتعلق بهذه القضية – لا بد أن يستنبط عددا مهما من الركائز الفكرية التي تحكم موقفهم من المرأة ورؤيتهم لدورها.

أولى هذه الركائز أن المرأة عند الإخوان المسلمين مسئولة عن الفساد والانهيار الأخلاقي للمجتمع، فهم يرون في سفورها واختلاطها سببا وحيدا لهذا الانهيار الذي يسيطر على السلوك العام، وكأنهم بذلك الفهم القاصر لا يرون أن الرجل شريك لها ومسئول متضامن معها، فهو دائما – عند الإخوان - "ضحية" للإغراء الشيطاني الذي تمارسه حواء، وليس فاعلا فيه. وفي هذا السياق، يبدو منطقيا تعنت الإخوان المسلمون تجاه المرأة؛ فهي عنصر تابع في المجتمع، مسلوبة الحقوق والإرادة، ممنوعة من المشاركة الإيجابية الجادة، محرومة من تقلد المناصب الرفيعة في الدولة. البيت هو مستقرها، والفساد مسئوليتها، وإغراء الشباب المسلم يقع على عاتقها، والعذاب في الآخرة مصيرها، ومناصب الدولة محجوبة عنها!.
1- يجور الإخوان المسلمون كثيرا على الحقوق الاجتماعية الإنسانية للمرأة: موقعها في المؤسسة الزوجية، متعتها الجنسية، صحتها البدنية والنفسية، زيها الذي ترتديه، العمل الذي قد تحتاج إليه ولا تستطيع الاستغناء عنه. إنهم لا يرون لها حقا واجبا، ويفرضون عليها واجبات غير محدودة. ولا ينفصل التصور الإخواني الجامد المتحجر لقضية المرأة في العصر الحديث عن عموم رؤاهم، فهم يقمعون الأقليات الدينية، ويؤمنون باحتكار السلطة السياسية، ويوغلون في رفضهم للفنون الإنسانية الراقية المهذبة للروح والوجدان، فمن المنطقي ألا تنجو المرأة مما يتعرض له الجميع.
• الفساد والقهر:
في العدد رقم ”59" من مجلة "الدعوة"، الصادر في شهر مارس 1981، يسأل قارئ مجهول الاسم من السودان: "بعض الشباب يفهم أن حكم الإسلام في المرأة ألا تخرج من البيت ولا ترى أحدا ولا يراها أحد فهل هذا صحيح؟ وتأتى الإجابة:

لا يجوز أن يفتي في هذا الدين أي إنسان قليل الخبرة أو الإحاطة بالمرويات. . ولقد وضع العلماء مواصفات لمن يتعرض للفتوى منها العلم بأسباب النزول، والإحاطة بالمتقدم والمتأخر، والناسخ والمنسوخ، والمناسبة التي قيل فيها الحديث، والعلم باللغة العربية، . والتجرد والإخلاص، ومن المجمع عليه بين الأمة وفقهائها أن البيت هو المكان الطبيعي للمرأة "وقرن في بيوتكن"، فالبيت هو الأصل وهو المقر الدائم. ولكن ليس معنى هذا الأمر ملازمة البيوت فلا يخرجن منها إطلاقا. بل هناك استثناءات طارئة، مقيد بالحاجة والضرورة وهى تقدر بقدرها. أما غير هذه الضرورة فإن خروج المرأة لعنة تدمر كل شيء. ولقد كان النساء على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يخرجن للصلاة غير ممنوعات شرعا. وكانت المرأة تخرج إلى الصلاة متلفعة لا يعرفها أحد، ومع هذا كرهت السيدة عائشة لهن أن يخرجن بعد وفاة رسول الله صلى الله علية وسلم، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت "كان نساء المؤمنين يشهدن الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- ثم يرجعن متلفعات بمورطهن ما يعرفن من الفلس". وفي الصحيحين أيضا أنها قالت: لو أدرك رسول الله-ما أحدث النساء لمنعهن من المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل. . . وحين نقرر حكم الإسلام في وضع المرأة المسلمة ينبغي ألا نتأثر بأوضاع المجتمعات القائمة وما فيها من فوضى وتقليد وتشويه وانحراف. فنضيق واسعا أو نتشدد في إصدار حكم؛ لأن المرأة المسلمة في المجتمع الإسلامي لها شخصيتها المحكومة بالإسلام، فهي لا تخرج إلا للضرورة ولا تتحرك إلا من خلال مرضاة ربها، جاء في صحيح البخاري تحت عنوان "باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال" عن أنس رضي الله عنه قال "لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي. قال: ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر، وأم سليم. وإنهما لمشمرتان أرى خدم سوقهما تنقلان القرب على متونهما-مهورهما- ثم تفرغانه - الماء- في أفواه القوم. ثم ترجعان فتملأهما. ثم تجيئان فتفرغهما في أفواه القوم"، وذكر البخاري أيضا تحت عنوان "مداواة النساء الجرحى في الغزو" عن الربيع بنت معوذ قالت "كنا مع النبي نسقي ونداوي الجرحى ونرد القتلى إلى المدينة".

هذا جانب من مهمة المرأة في الإسلام حين تخرج من البيت تجاهد في سبيل الله وتشد أزر المؤمنين. وتداوي جراحهم. وتسقي الماء للمجاهدين. وما حديث ابنة "ملحان" منا ببعيد وقد رواه البخاري أيضا، عن أنس رضي الله عنه يقول: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على "ابنة ملحان" فاتكأ عندها ثم ضحك. فقالت: لم تضحك يا رسول الله؟ فقال: ناس من أمتي يركبون البحر في سبيل الله مثلهم مثل الملوك على الأسرة. فقالت يا رسول الله ادع أن يجعلني منهم قال: اللهم اجعلها منهم، ثم عاد فضحك.. فقالت له، مما ذلك؟ فقال لها مثل ذلك؟ فقالت ادع الله أن يجعلني منهم؟ قال: أنت من الأولين ولست من الآخرين. قال أنس: فتزوجت عبادة بن الصامت فركبت البحر مع بنت قرظة، فلما قفلت ركبت دابتها فوقعت بها فسقطت عنها فماتت. . هذا بعض دور المرأة في الإسلام والغرض من وراء خروجها، أما الخروج للتهتك والابتذال والفوضى، فهذه ليست معنا. إنما يخاطب الإسلام المرأة المؤمنة التقية العابدة الملتزمة بإسلامها.(7)

يا لهم من شباب أرعن متطرف جاهل مغرور يفتي بغير علم!، أما الحكمة والعقل والاعتدال والعلم والتواضع فتجده عند الإخوان وحدهم، حيث يبدأ صاحب الفتوى بتقديم درس عن شروط الإفتاء، وتتوالى بعدها الأفكار الغريبة التي تؤكد أن الإخوان يعيشون خارج أسوار العصر الحديث، وأنهم يعتبرون المرأة كائنا دونيا لا وزن له.
ما الذي يتفضل به الإخوان المسلمون لتصحيح المفاهيم الخاطئة عند الشباب؟!:
1-يجمع فقهاء الأمة على أن البيت هو المكان "الطبيعي" للمرأة، فلا يجوز أن تغادره لأنه "المقر الدائم"، هذه هي حدود فهمهم للآية القرآنية الكريمة التي نزلت بالمناسبة في نساء النبي، ولم تكن تشريعا يخص النساء جميعا، إذ المعروف أن نساء النبي لسن كأحد من النساء وفقا للنص القرآني نفسه "يا نساء النبي لستن كأحد من النساء".
2-هناك"استثناء طارئ" قد يسمح لها بالخروج، وقد لا يسمح، فالأمر رهين بالضرورة الخطيرة غير المحددة، وماعدا ذلك خروج المرأة، دون نظر إلى نيتها من هذا الخروج وسلوكها خارج البيت، بمثابة "لعنة تدمر كل شيء"!.
3-خروج النساء للصلاة، وفى عصر الرسول عليه الصلاة والسلام وفى صدر الإسلام، يبدو مكروها غير مستساغ، فكيف الحال إذن في الحياة المعاصرة وقد عم الفساد وانتشر؟. الحديث النبوي الصحيح صريح في الأمر بألا تمنع النساء عن الصلاة "لا تمنعن إماء الله مساجد الله"، لكن الإخوان لا يوافقون على ذلك! إذن ما الذي يأخذه الإخوان على "بعض الشباب"؟!. أليس هم من يحرمون خروج المرأة من منزلها، ويؤكدون أن البيت هو ملاذها الدائم، وأنه حتى الصلاة لا يمكن استثناؤها من هذا الحكم!. وفى محاولة لسد الطريق أمام الأصوات التي يمكن أن تتحدث عن العصر وما طرأ عليه من تغيير يبادر الإخوان المستنيرون المعتدلون إلى "مصادرة" مبدأ المقارنة، مؤكدين أن المجتمعات العصرية ليست نموذجا يحتذى، فهي مليئة بالفوضى والتقليد والتشويه والانحراف! المثير للدهشة أن الشيخ الإخواني ينقل عن البخاري ما ذكر في باب "غزو النساء وقتالهن مع الرجال"، ولكنه يعجز – في نفس الوقت - عن استنباط المغزى الإيجابي المنصف للمرأة فيما ينقله، وغاية ما يدركه ويؤكد عليه هو أن "الجهاد"-بالمعنى العسكري- هو الضرورة الاستثنائية الطارئة التي تبيح خروج المرأة، وكأن التعليم والعمل وزيادة الإنتاج والمشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية لا تعتبر جهادا عصريا ضروريا، لمن يريدون أن يستمروا في الحياة التي تضيق بالكسالى ولا تتسع للعاجزين. وتنتهي الفتوى بالتأكيد على تحريم خروج المرأة حيث التهتك والابتذال والفوضى، وكأن الخروج لا يكون إلا لمثل هذه الممارسات السلبية، وكأن ملايين النساء المسلمات العاملات لا هدف لهن إلا الفساد والإفساد. والعلاج الوحيد بالطبع هو الحكم بعدم مغادرة المرأة للبيت حتى تستقيم الأحوال الأخلاقية للمجتمع المسلم!.

يتجلى ذلك بوضوح في العدد رقم"13"، ديسمبر 1978، وفيه تسأل الأخت المسلمة "س. ح" المعيدة بكلية العلوم سوهاج:
تصرخ فيها من حال الشباب وأخلاقه التي انحدرت إلى الهاوية وصار لا هم لهم إلا المجون. . وتقول هل أنا مخطئة في ثورتي هذه. . أريد أن يطمئن قلبي. ويأتي التعليق الإخوانى ليكشف عن حقيقة رؤيتهم:

كل كلمة في رسالتك حق وهي تدل على الخير الكثير والعقيدة الصحيحة والغيرة الكريمة على أخلاق جيلنا التي وصلت إلى درجة خطيرة. والمسئولية على الآباء وعلى المدرسة وعلى المجتمع وراء هذا الاختلاط والسفور. وكل هذه عوامل أدت إلى هذا الخلل الخطير. ومسئولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة حدود الله في الأرض يشترك فيها المجتمع "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته". بارك الله فيك وأكثر من أمثالك وجعلك قدوة كريمة لجيل كريم، ومجلة الدعوة تقوم بواجبها ما أمكنها تجاه المسلمين جميعا تذكر وتبين وتنصح حتى يأتي أمر الله.(8)

الشكوى في الرسالة من هاوية المجون التي سقط فيها الشباب، والإجابة توافق على الظاهرة بلا تحفظ أو تردد، وتسارع بإلقاء المسئولية على الاختلاط والسفور في المقام الأول، فاختلاط النساء مع الرجال وسفورهن هو ما يؤدي إلى هيمنة الخلل الخطير، وكأن المجتمعات القديمة والحديثة التي حجبت المرأة كانت تخلو من العلل الأخلاقية!.
لا شك أن الإخوان المسلمين يعرفون جيدا، بالقراءة التاريخية والملاحظة الواقعية، شيوع الفساد وانتشاره بدرجات متباينة في كل مكان وزمان، فلماذا تتحمل المرأة وحدها مسئولية الأزمة التي يشترك الجميع في صناعتها؟!. ولقد نجحت الأفكار والممارسات الإخوانية المستشرية خلال العقدين الأخيرين في التقليل من حجم الاختلاط..




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :