الإخوان و المرأة
بقلم: عبد الرØيم علي
لا يؤمن الإخوان المسلمون بأي Øقوق طبيعية للمرأة، على عكس كل علماء المسلمين المستنيرين، بدءاً من ØÙ‚ العمل مروراً بØÙ‚ تولي المناصب الكبرى ÙÙŠ الدولة، وانتهاءً بØÙ‚ الاختلاط المبرأ عن الهوى ÙÙŠ مواقع العمل وأماكن تلقي العلم. يقول الإخوان هذا صراØØ© ÙÙŠ Ùتاواهم التي يدرسونها سراً لكوادرهم وأعضائهم من الشباب والÙتيات، لكنهم عندما يضطرون إلى مخاطبة الرأي العام يتبنون خطاباً براجماتيًّا يؤكد على جواز ØªØ±Ø´ÙŠØ Ø§Ù„Ù…Ø±Ø£Ø© ÙÙŠ المجالس النيابية، وجواز المشاركة ÙÙŠ عملية الاختيار (الانتخاب)ØŒ وذلك من أجل توسيع دائرة المصوتين للجماعة ÙÙŠ أي انتخابات تشريعية أو نقابية، ولكنهم يقÙون موق٠الرÙض – غير المبرر – من كاÙØ© الØقوق الأخرى، ومنها ØÙ‚ المرأة ÙÙŠ تولي القضاء، والمناصب العليا ÙÙŠ الدولة، بما ÙÙŠ ذلك منصب الرئاسة. أما بالنسبة للبنية التنظيمية للجماعة Ùهم يرÙضون تمثيل المرأة ÙÙŠ أي مستوى تنظيمي، سواء كان مجلس شورى الجماعة أو مكتب إرشادها، بل وصلت المÙارقة إلى اختيار رجل على رأس قسم المرأة، يقوم بالتعامل مع النساء عن طريق زوجته.
ولكن السؤال الذي ÙŠØ·Ø±Ø Ù†Ùسه بإلØØ§Ø Ø¨Ø¹Ø¯ Ù…Øاولات الإخوان العديدة ØŒÙÙŠ الÙترة الأخيرة، مغازلة الصوت النسائي من أجل Øزمة الإنتخابات القادمة . ما الموقع الذى تØتله المرأة ÙÙ‰ كتابات ومØاضرات مؤسس Øركة الإخوان المسلمين ومرشدها الأول الشيخ Øسن البنا ØŸ. وما الإضاÙØ© التى تمثلها كتابات وآراء أبرز Ù…Ùكرى الإخوان وأكثرهم تأثيرا، سيد قطب ØŸ!. وإلى أى Øد تتواÙÙ‚ الÙتاوى الإخوانية المنشورة ÙÙ‰ مجلة " الدعوة " عن المرأة ØŒ بإشرا٠الشيخ Ù…Øمد عبد الله الخطيب ØŒ المسئول عن الÙتوى ÙÙ‰ الجماعة ØŒ مع كتابات البنا وقطب ØŸ
لماذا، وكيÙØŒ ينشغل الإخوان بمسئولية المرأة، دون الرجل، عن الÙساد والإنهيار الأخلاقى، ويركزون على الأمور الشكلية المتعلقة بالزى والمظهر ØŒ كأنها جوهر العقيدة الإسلامية ØŒ ويØرمون تنظيم الأسرة على اعتبار أنه مؤامرة صليبية تستهد٠الإسلام والمسلمين ØŸ!.
كي٠نÙسر الرؤية المختلÙØ© التى قدمها المستشار مأمون الهضيبى – رØمه الله – عام 1994 . وهل هى تعبير أصيل عن تغيير ÙÙ‰ الموق٠القديم، أما أنها Øيلة سياسية تستهد٠جمهورا مختلÙا ØŸ!.
كي٠تتØول Ùتاوى الإخوان المنشورة إلى Ø£Ùضل رد على ما قاله المستشار الهضيبى ØŒ ويزعم الإخوان أنه رأيهم المتÙÙ‚ عليه ØŸ!.
جملة من الأسئلة نتوق٠عندها ØŒ مستهدÙين أن نقدم صورة واÙية عن الموق٠الØقيقى للإخوان من المرأة .
• المرأة ÙÙ‰ كتابات البنا
لا تØظى المرأة باهتمام خاص ÙÙŠ خطاب الشيخ Øسن البنا، ولا يولي أهمية لقضاياها، وهو ما يتسق مع النظر إليها ÙÙŠ إطار التبعية للرجل من ناØية، وعلى اعتبار أنها مصدر للÙتنة والÙساد الأخلاقي من ناØية أخرى.
عندما يتØدث البنا عن "منهاج القرآن الكريم ÙÙŠ Ø§Ù„Ø¥ØµÙ„Ø§Ø Ø§Ù„Ø§Ø¬ØªÙ…Ø§Ø¹ÙŠ"ØŒ يجمع بين الرجل والمرأة ÙÙŠ إطار عام ÙضÙاض:
• النهوض بالرجل والمرأة جميعا، وإعلان التكاÙÙ„ والمساواة بينهما، وتØديد مهمة كل منهما تØديداً دقيقاً. (1)
ما الذي تعنيه المساواة بينهما، وكي٠تØدد المهام بدقة؟!. هذا ما لا يجيب عنه الشيخ، قانعا بالشعار العام الذي ÙŠØتمل تأويلات شتى.
ÙˆÙÙŠ ندائه للشباب، يستمر البنا ÙÙŠ خطابه العام البعيد عن Ø§Ù„ÙˆØ¶ÙˆØ ÙˆØ§Ù„ØªØديد والØسم البيت هو المملكة الØقيقية للمرأة، والدور الأسري وظيÙتها المنشودة، وما خلا ذلك يبدو الأمر Ù…ØÙÙˆÙاً بالمخاطر الأخلاقية. المرأة عند البنا جزء من منظمة الÙساد التي جلبها الأوربيون إلى بلادنا.
الجدير بالاهتمام هنا هو ما يقوله الشيخ Øسن البنا ÙÙŠ "Ù†ØÙˆ النور"ØŒ Ùبعد أن يطالب بعلاج قضية المرأة علاجا يجمع بين الرقي بها والمØاÙظة عليها، يقدم مجموعة من الاقتراØات التي تنم عن موق٠سلبي متعنت، وتكش٠عن طبيعة المساواة التي يطالب بها:
• مقاومة التبرج والخلاعة وإرشاد السيدات إلى ما يجب أن يكون، والتشديد ÙÙŠ ذلك بخاصة على المدرسات والتلميذات والطبيبات والطالبات ومن ÙÙŠ Øكمهن.
• إعادة النظر ÙÙŠ مناهج تعليم البنات ووجوب التÙريق بينها وبين مناهج تعليم الصبيان ÙÙŠ كثير من مراØÙ„ التعليم.
• منع الاختلاط بين الطلبة والطالبات، واعتبار خلوة أي رجل بامرأة لا تØÙ„ له جريمة يؤخذان لها.(2)
Ø§Ù„Ø§Ù‚ØªØ±Ø§Ø Ø§Ù„Ø£ÙˆÙ„ أخلاقي متشدد، وصياغته توØÙŠ بالمÙهوم المتسع للخلاعة، Ùهي معطوÙØ© على التبرج، وكأن كل متبرجة خليعة!.
وخطورة Ø§Ù„Ø§Ù‚ØªØ±Ø§Ø Ø§Ù„Ø«Ø§Ù†ÙŠ أنه يضرب Ùكرة المساواة ÙÙŠ الصميم، Ùهو يطالب بمناهج خاصة للبنات، وكأن ÙÙŠ العلم ما لا يجوز للمرأة، أن تدرسه وتعرÙÙ‡!ØŒ وهو لا ÙŠØدد مراØÙ„ التعليم والمناهج التي يقصدها، ÙÙŠÙØªØ Ø§Ù„Ø¨Ø§Ø¨ واسعا أمام العبث العلمي الذي يمارسه غير المتخصصين، وبخاصة أن الاختلاط ÙÙŠ معاهد العلم "خلوة" غير شرعية تستوجب العقاب، Ùˆ"جريمة" يؤخذ عليها!.
• الأنوثة والمؤامرة
ÙÙŠ كتابات سيد قطب المبكرة، قبل الانتقال إلي الطور الثاني من Øياته الØاÙلة بالتناقضات، ما يكش٠عن موق٠سلبي من المرأة، ÙÙÙŠ مجلة "الشئون الاجتماعية"ØŒ أبريل 1940ØŒ نشر قطب مقالاً عنوانه "ثقاÙØ© المرأة المصرية يجب أن تخضع لوظيÙتها الطبيعية والاجتماعية"ØŒ وأكثر ما يلÙت النظر ÙÙŠ المقال هو المطالبة بأن يكون تعليم المرأة مختلÙًا عن التعليم الذي يتلقاه الرجل، وهي الÙكرة Ù†Ùسها التي يدعو إليها Øسن البنا خلال المرØلة التاريخية!. ليس للمرأة من وظيÙØ©ØŒ عند سيد قطب، إلا رعاية الأسرة والاهتمام بالأطÙال، ومثل هذا العمل ÙŠØتاج إلي نوعية معينة من التعليم والثقاÙØ©: "معلومات عامة، الطÙÙ„ وغرائزه، صØØ© الطÙÙ„ والØامل، أدب الأطÙال، التربية الجنسية، ترويض الرجال، التدبر المنزلي"!.(3)
ويØذر قطب من تعليم المرأة على مثال الرجل، Ùالمساواة بينهما ÙÙŠ مجال التعليم ليست إلا نوعا من "الشذوذ"!ØŒ وانقياد لنمط الثقاÙØ© الأوربية الدخيلة، Ùضلا عن Ø¥Ùساد طبيعة الأنثى!.
كي٠تÙسد طبيعة الأنثى إذا تعلمت ما يتعلمه الرجل؟. هذا ما لا ينشغل به سيد قطب، مكتÙيا بضرورة التمييز، ÙˆØتمية التركيز على أنواع بعينها من العلوم والمعارÙ. ماذا عن التاريخ والجغراÙيا والÙلسÙØ© وعلم النÙس واللغة والأدب؟ وماذا عن الكيمياء والÙيزياء والرياضيات؟. أي "شذوذ" ÙÙŠ دراسة الÙتاة المسلمة للعلوم السابقة؟!.
هذا ما لا يجيب عنه سيد قطب!.
وتتصاعد Øملة المÙكر الإخواني، ÙÙŠ الجزء الثاني من كتاب "ÙÙŠ ظلال القرآن"ØŒ Øيث يؤكد أن الأنظمة العلمانية العميلة للغرب الاستعماري، ÙÙŠ البلدان العربية والإسلامية، بدءًا من تجربة الزعيم التركي مصطÙÙŠ كمال أتاتورك، تنÙØ° توصيات وتعليمات المؤتمرات التبشيرية، وتسير على خطي بروتوكلات "Øكماء صهيون"ØŒ والعنصر الأول والأهم من "المؤامرة"ØŒ يتمثل ÙÙŠ تدمير وإزاØØ© القيم والأخلاق الإسلامية، وإخراج المرأة إلي الشارع، وجعلها Ùتنة للمجتمع، وتيسير وسائل الانØلال:" كل ذلك وهي تزعم أنها مسلمة وتØترم العقيدة"!.(4)
مثل هذا التصور المتطر٠عن وجود "مؤامرة" عالمية Ù…Øكمة، يهودية صليبية، لمØاربة الإسلام وتدمير مبادئه، يصل إلي أن المرأة عنصر Ùاعل، ومن تجليات Ùاعليتها "الخروج إلي الشارع"ØŒ وعرض Ù…Ùاتنها للإغراء، والمشاركة ÙÙŠ منظومة الانØلال والÙساد!.
ويذهب الباØØ« المتميز شري٠يونس، ÙÙŠ دراسته المهمة "سيد قطب والأصولية الإسلامية"ØŒ إلي أن المرأة قد نالت اهتمامًا خاصًا ÙÙŠ كتابات سيد قطب بشكل عام: "ÙÙŠØدد وضعيتها العامة باعتبارها داخلة مع الرجل ÙÙŠ نوع من تقسيم العمل الجنسي يهد٠إلي إنتاج النسل ورعايته، ÙÙŠ إطار علاقة تقوم على الواجب، لا على اللذة أو الهوى، يقوم Ùيها الرجل بدور القائد. أما ÙÙŠ المجتمع المدني، Ùلا دور لها، وعملها غير مرغوب Ùيه، على أساس تعارضه مع واجب الأمومة. Ùنواب الله ÙÙŠ الأرض – خارج البيت – هم الذكور".(5)
ويعلق الباØØ« على هذا التوجه بقوله: "وهنا ØªØªØ¶Ø Ø§Ù„Ù†Ø²Ø¹Ø© المØاÙظة شديدة التخل٠التي تعد Ø£Øد أهم الدواÙع المباشرة للاتجاه الإسلامي بمجمله".(6)
هل من إهانة للمرأة تÙوق التعامل معها على إنها "كائن بيولوجي"ØŒ ومن منطلق أن وظيÙتها الأسمى هي المشاركة ÙÙŠ العملية الجنسية، دون عاطÙØ© أو لذة، لإنتاج النسل ورعايته؟!. وماذا عن المرأة خارج نطاق هذه العملية؟، وماذا عن دورها عندما تصل إلي مرØلة تق٠Ùيها خارج عملية "إنتاج النسل" هذه؟!. هل ÙŠØكم عليها بالقبوع ÙÙŠ انتظار الموت؟!.
قد يكون صØÙŠØًا أن الرÙض الصارم لعمل المرأة ليس بالشىء الجديد، Ùهو سائد عند الاتجاهات الإسلامية التقليدية المجاÙية Ù„Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ø¹ØµØ±ØŒ لكن الجديد الذي ÙŠÙ„Ø Ø¹Ù„ÙŠÙ‡ سيد قطب هو التعارض بين العمل والأمومة من ناØية، والخروج إلي الشارع وطبيعة الأنوثة من ناØية أخري، Ùضلا عن التأكيد، غير المبرر وغير المنطقي، بأن الرجال – دون النساء – هم "نواب الله" على الأرض، وكأن المرأة شىء هامشي المعني الوØيد لوجوده لا يتجاوز السياق الجنسي، وأداء بعض الخدمات والمهام المنزلية!.
المرأة ÙÙŠ Ùتاوى الإخوان:
تمثل الأسئلة المتعلقة بقضايا المرأة مادة مهمة وغزيرة ÙÙŠ باب الإÙتاء الذي تقدمه مجلة "الدعوة"ØŒ Ùهي تÙوق ÙÙŠ نسبتها العددية كل الÙتاوى الأخرى التي تتعلق بالأقباط والسياسة والÙÙ†. ويمكن التمييز هنا بين نمطين أساسين ÙÙŠ تلك الÙتاوى: النمط الأول يتعلق بقضايا ذات طابع أنثوي لا يؤثر ولا يتأثر بالشأن العام، مثل Øكم المشاركة ÙÙŠ الرضاعة وتأثيره على الزواج، ويمين الظهار، وأØكام المواريث، والطلاق، وما إلى ذلك من القضايا التي يتÙÙ‚ ÙÙŠ Øكمها الإخوان مع عدد كبير من الØركات الإسلامية أو المجامع الÙقهية المعتر٠بها ÙÙŠ العالمين العربي والإسلامي على Øد سواء. أما النمط الثاني، الذي نهتم به هنا، Ùهو ما يتعلق بوضعية المرأة المعاصرة اجتماعيا، وما يترتب على ذلك من Øقوق وواجبات تØتمها متغيرات الØياة وتطور العصر، Ùضلا عن مجموعة من الهموم المستجدة ÙÙŠ ظل النظام الأسرى الجديد وإقبال المرأة على العمل، وصولا إلى مشاركتها السياسية وانشغالها بالشأن العام، ÙˆØقها ÙÙŠ تقلد المناصب الرÙيعة بالدولة.
ولا شك أن تشكيل رؤية Øول هذه القضايا لا تØكمها وجهة النظر الدينية أو الÙقهية Ùقط، وإنما تتدخل Ùيها عوامل عديدة أهمها الموق٠السياسي والÙكري والاجتماعي من قضايا المرأة، وهو ما Ù†Øاول رصده ÙÙŠ هذا الÙصل. والقارئ Ù„Ùتاوى الإخوان المسلمين – Ùيما يتعلق بهذه القضية – لا بد أن يستنبط عددا مهما من الركائز الÙكرية التي تØكم موقÙهم من المرأة ورؤيتهم لدورها.
أولى هذه الركائز أن المرأة عند الإخوان المسلمين مسئولة عن الÙساد والانهيار الأخلاقي للمجتمع، Ùهم يرون ÙÙŠ سÙورها واختلاطها سببا ÙˆØيدا لهذا الانهيار الذي يسيطر على السلوك العام، وكأنهم بذلك الÙهم القاصر لا يرون أن الرجل شريك لها ومسئول متضامن معها، Ùهو دائما – عند الإخوان - "ضØية" للإغراء الشيطاني الذي تمارسه Øواء، وليس Ùاعلا Ùيه. ÙˆÙÙŠ هذا السياق، يبدو منطقيا تعنت الإخوان المسلمون تجاه المرأة؛ Ùهي عنصر تابع ÙÙŠ المجتمع، مسلوبة الØقوق والإرادة، ممنوعة من المشاركة الإيجابية الجادة، Ù…Øرومة من تقلد المناصب الرÙيعة ÙÙŠ الدولة. البيت هو مستقرها، والÙساد مسئوليتها، وإغراء الشباب المسلم يقع على عاتقها، والعذاب ÙÙŠ الآخرة مصيرها، ومناصب الدولة Ù…Øجوبة عنها!.
1- يجور الإخوان المسلمون كثيرا على الØقوق الاجتماعية الإنسانية للمرأة: موقعها ÙÙŠ المؤسسة الزوجية، متعتها الجنسية، صØتها البدنية والنÙسية، زيها الذي ترتديه، العمل الذي قد تØتاج إليه ولا تستطيع الاستغناء عنه. إنهم لا يرون لها Øقا واجبا، ويÙرضون عليها واجبات غير Ù…Øدودة. ولا ينÙصل التصور الإخواني الجامد المتØجر لقضية المرأة ÙÙŠ العصر الØديث عن عموم رؤاهم، Ùهم يقمعون الأقليات الدينية، ويؤمنون باØتكار السلطة السياسية، ويوغلون ÙÙŠ رÙضهم للÙنون الإنسانية الراقية المهذبة Ù„Ù„Ø±ÙˆØ ÙˆØ§Ù„ÙˆØ¬Ø¯Ø§Ù†ØŒ Ùمن المنطقي ألا تنجو المرأة مما يتعرض له الجميع.
• الÙساد والقهر:
ÙÙŠ العدد رقم ”59" من مجلة "الدعوة"ØŒ الصادر ÙÙŠ شهر مارس 1981ØŒ يسأل قارئ مجهول الاسم من السودان: "بعض الشباب ÙŠÙهم أن Øكم الإسلام ÙÙŠ المرأة ألا تخرج من البيت ولا ترى Ø£Øدا ولا يراها Ø£Øد Ùهل هذا صØÙŠØØŸ وتأتى الإجابة:
لا يجوز أن ÙŠÙتي ÙÙŠ هذا الدين أي إنسان قليل الخبرة أو الإØاطة بالمرويات. . ولقد وضع العلماء مواصÙات لمن يتعرض للÙتوى منها العلم بأسباب النزول، والإØاطة بالمتقدم والمتأخر، والناسخ والمنسوخ، والمناسبة التي قيل Ùيها الØديث، والعلم باللغة العربية، . والتجرد والإخلاص، ومن المجمع عليه بين الأمة ÙˆÙقهائها أن البيت هو المكان الطبيعي للمرأة "وقرن ÙÙŠ بيوتكن"ØŒ Ùالبيت هو الأصل وهو المقر الدائم. ولكن ليس معنى هذا الأمر ملازمة البيوت Ùلا يخرجن منها إطلاقا. بل هناك استثناءات طارئة، مقيد بالØاجة والضرورة وهى تقدر بقدرها. أما غير هذه الضرورة Ùإن خروج المرأة لعنة تدمر كل شيء. ولقد كان النساء على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يخرجن للصلاة غير ممنوعات شرعا. وكانت المرأة تخرج إلى الصلاة متلÙعة لا يعرÙها Ø£Øد، ومع هذا كرهت السيدة عائشة لهن أن يخرجن بعد ÙˆÙاة رسول الله صلى الله علية وسلم، ÙÙÙŠ الصØÙŠØين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت "كان نساء المؤمنين يشهدن الÙجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- ثم يرجعن متلÙعات بمورطهن ما يعرÙÙ† من الÙلس". ÙˆÙÙŠ الصØÙŠØين أيضا أنها قالت: لو أدرك رسول الله-ما Ø£Øدث النساء لمنعهن من المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل. . . ÙˆØين نقرر Øكم الإسلام ÙÙŠ وضع المرأة المسلمة ينبغي ألا نتأثر بأوضاع المجتمعات القائمة وما Ùيها من Ùوضى وتقليد وتشويه وانØراÙ. Ùنضيق واسعا أو نتشدد ÙÙŠ إصدار Øكم؛ لأن المرأة المسلمة ÙÙŠ المجتمع الإسلامي لها شخصيتها المØكومة بالإسلام، Ùهي لا تخرج إلا للضرورة ولا تتØرك إلا من خلال مرضاة ربها، جاء ÙÙŠ صØÙŠØ Ø§Ù„Ø¨Ø®Ø§Ø±ÙŠ تØت عنوان "باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال" عن أنس رضي الله عنه قال "لما كان يوم Ø£Øد انهزم الناس عن النبي. قال: ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر، وأم سليم. وإنهما لمشمرتان أرى خدم سوقهما تنقلان القرب على متونهما-مهورهما- ثم تÙرغانه - الماء- ÙÙŠ Ø£Ùواه القوم. ثم ترجعان Ùتملأهما. ثم تجيئان ÙتÙرغهما ÙÙŠ Ø£Ùواه القوم"ØŒ وذكر البخاري أيضا تØت عنوان "مداواة النساء الجرØÙ‰ ÙÙŠ الغزو" عن الربيع بنت معوذ قالت "كنا مع النبي نسقي ونداوي الجرØÙ‰ ونرد القتلى إلى المدينة".
هذا جانب من مهمة المرأة ÙÙŠ الإسلام Øين تخرج من البيت تجاهد ÙÙŠ سبيل الله وتشد أزر المؤمنين. وتداوي جراØهم. وتسقي الماء للمجاهدين. وما Øديث ابنة "ملØان" منا ببعيد وقد رواه البخاري أيضا، عن أنس رضي الله عنه يقول: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على "ابنة ملØان" Ùاتكأ عندها ثم ضØÙƒ. Ùقالت: لم تضØÙƒ يا رسول الله؟ Ùقال: ناس من أمتي يركبون البØر ÙÙŠ سبيل الله مثلهم مثل الملوك على الأسرة. Ùقالت يا رسول الله ادع أن يجعلني منهم قال: اللهم اجعلها منهم، ثم عاد ÙضØÙƒ.. Ùقالت له، مما ذلك؟ Ùقال لها مثل ذلك؟ Ùقالت ادع الله أن يجعلني منهم؟ قال: أنت من الأولين ولست من الآخرين. قال أنس: Ùتزوجت عبادة بن الصامت Ùركبت البØر مع بنت قرظة، Ùلما Ù‚Ùلت ركبت دابتها Ùوقعت بها Ùسقطت عنها Ùماتت. . هذا بعض دور المرأة ÙÙŠ الإسلام والغرض من وراء خروجها، أما الخروج للتهتك والابتذال والÙوضى، Ùهذه ليست معنا. إنما يخاطب الإسلام المرأة المؤمنة التقية العابدة الملتزمة بإسلامها.(7)
يا لهم من شباب أرعن متطر٠جاهل مغرور ÙŠÙتي بغير علم!ØŒ أما الØكمة والعقل والاعتدال والعلم والتواضع Ùتجده عند الإخوان ÙˆØدهم، Øيث يبدأ صاØب الÙتوى بتقديم درس عن شروط الإÙتاء، وتتوالى بعدها الأÙكار الغريبة التي تؤكد أن الإخوان يعيشون خارج أسوار العصر الØديث، وأنهم يعتبرون المرأة كائنا دونيا لا وزن له.
ما الذي يتÙضل به الإخوان المسلمون لتصØÙŠØ Ø§Ù„Ù…Ùاهيم الخاطئة عند الشباب؟!:
1-يجمع Ùقهاء الأمة على أن البيت هو المكان "الطبيعي" للمرأة، Ùلا يجوز أن تغادره لأنه "المقر الدائم"ØŒ هذه هي Øدود Ùهمهم للآية القرآنية الكريمة التي نزلت بالمناسبة ÙÙŠ نساء النبي، ولم تكن تشريعا يخص النساء جميعا، إذ المعرو٠أن نساء النبي لسن كأØد من النساء ÙˆÙقا للنص القرآني Ù†Ùسه "يا نساء النبي لستن كأØد من النساء".
2-هناك"استثناء طارئ" قد ÙŠØ³Ù…Ø Ù„Ù‡Ø§ بالخروج، وقد لا يسمØØŒ Ùالأمر رهين بالضرورة الخطيرة غير المØددة، وماعدا ذلك خروج المرأة، دون نظر إلى نيتها من هذا الخروج وسلوكها خارج البيت، بمثابة "لعنة تدمر كل شيء"!.
3-خروج النساء للصلاة، ÙˆÙÙ‰ عصر الرسول عليه الصلاة والسلام ÙˆÙÙ‰ صدر الإسلام، يبدو مكروها غير مستساغ، Ùكي٠الØال إذن ÙÙŠ الØياة المعاصرة وقد عم الÙساد وانتشر؟. الØديث النبوي الصØÙŠØ ØµØ±ÙŠØ ÙÙŠ الأمر بألا تمنع النساء عن الصلاة "لا تمنعن إماء الله مساجد الله"ØŒ لكن الإخوان لا يواÙقون على ذلك! إذن ما الذي يأخذه الإخوان على "بعض الشباب"ØŸ!. أليس هم من ÙŠØرمون خروج المرأة من منزلها، ويؤكدون أن البيت هو ملاذها الدائم، وأنه Øتى الصلاة لا يمكن استثناؤها من هذا الØكم!. ÙˆÙÙ‰ Ù…Øاولة لسد الطريق أمام الأصوات التي يمكن أن تتØدث عن العصر وما طرأ عليه من تغيير يبادر الإخوان المستنيرون المعتدلون إلى "مصادرة" مبدأ المقارنة، مؤكدين أن المجتمعات العصرية ليست نموذجا ÙŠØتذى، Ùهي مليئة بالÙوضى والتقليد والتشويه والانØراÙ! المثير للدهشة أن الشيخ الإخواني ينقل عن البخاري ما ذكر ÙÙŠ باب "غزو النساء وقتالهن مع الرجال"ØŒ ولكنه يعجز – ÙÙŠ Ù†Ùس الوقت - عن استنباط المغزى الإيجابي المنص٠للمرأة Ùيما ينقله، وغاية ما يدركه ويؤكد عليه هو أن "الجهاد"-بالمعنى العسكري- هو الضرورة الاستثنائية الطارئة التي ØªØ¨ÙŠØ Ø®Ø±ÙˆØ¬ المرأة، وكأن التعليم والعمل وزيادة الإنتاج والمشاركة ÙÙŠ اتخاذ القرارات المصيرية لا تعتبر جهادا عصريا ضروريا، لمن يريدون أن يستمروا ÙÙŠ الØياة التي تضيق بالكسالى ولا تتسع للعاجزين. وتنتهي الÙتوى بالتأكيد على تØريم خروج المرأة Øيث التهتك والابتذال والÙوضى، وكأن الخروج لا يكون إلا لمثل هذه الممارسات السلبية، وكأن ملايين النساء المسلمات العاملات لا هد٠لهن إلا الÙساد والإÙساد. والعلاج الوØيد بالطبع هو الØكم بعدم مغادرة المرأة للبيت Øتى تستقيم الأØوال الأخلاقية للمجتمع المسلم!.
يتجلى ذلك Ø¨ÙˆØ¶ÙˆØ ÙÙŠ العدد رقم"13"ØŒ ديسمبر 1978ØŒ ÙˆÙيه تسأل الأخت المسلمة "س. Ø" المعيدة بكلية العلوم سوهاج:
تصرخ Ùيها من Øال الشباب وأخلاقه التي انØدرت إلى الهاوية وصار لا هم لهم إلا المجون. . وتقول هل أنا مخطئة ÙÙŠ ثورتي هذه. . أريد أن يطمئن قلبي. ويأتي التعليق الإخوانى ليكش٠عن Øقيقة رؤيتهم:
كل كلمة ÙÙŠ رسالتك ØÙ‚ وهي تدل على الخير الكثير والعقيدة الصØÙŠØØ© والغيرة الكريمة على أخلاق جيلنا التي وصلت إلى درجة خطيرة. والمسئولية على الآباء وعلى المدرسة وعلى المجتمع وراء هذا الاختلاط والسÙور. وكل هذه عوامل أدت إلى هذا الخلل الخطير. ومسئولية الأمر بالمعرو٠والنهي عن المنكر وإقامة Øدود الله ÙÙŠ الأرض يشترك Ùيها المجتمع "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته". بارك الله Ùيك وأكثر من أمثالك وجعلك قدوة كريمة لجيل كريم، ومجلة الدعوة تقوم بواجبها ما أمكنها تجاه المسلمين جميعا تذكر وتبين ÙˆØªÙ†ØµØ Øتى يأتي أمر الله.(8)
الشكوى ÙÙŠ الرسالة من هاوية المجون التي سقط Ùيها الشباب، والإجابة تواÙÙ‚ على الظاهرة بلا تØÙظ أو تردد، وتسارع بإلقاء المسئولية على الاختلاط والسÙور ÙÙŠ المقام الأول، Ùاختلاط النساء مع الرجال وسÙورهن هو ما يؤدي إلى هيمنة الخلل الخطير، وكأن المجتمعات القديمة والØديثة التي Øجبت المرأة كانت تخلو من العلل الأخلاقية!.
لا شك أن الإخوان المسلمين يعرÙون جيدا، بالقراءة التاريخية والملاØظة الواقعية، شيوع الÙساد وانتشاره بدرجات متباينة ÙÙŠ كل مكان وزمان، Ùلماذا تتØمل المرأة ÙˆØدها مسئولية الأزمة التي يشترك الجميع ÙÙŠ صناعتها؟!. ولقد نجØت الأÙكار والممارسات الإخوانية المستشرية خلال العقدين الأخيرين ÙÙŠ التقليل من Øجم الاختلاط..
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :