حياتنا تافهة جدا!!

إنها جمل لا تعكس بالضرورة نجاحا أو اجتهادا.. إنما تعكس بؤسا ملحوظا بدأ يتوغل فى حياة المصريين!!!

 

انعدام القدرة على التوازن ما بين الحياة العملية والحياة الأسرية والخاصة بما تشمله من رياضة، ثقافة، فن، تطوع!! تلك الأشياء التى من شأنها أن تبقينا.. أحياء!!

 

وحتى يكون قصدى أكثر وضوحا، أنا لا أناقش هنا المشكلة الاقتصادية التى تضطر البعض للعمل بأكثر من وظيفة حتى يكفى ضروريات الحياة وهوامشها- فذلك بؤس آخر ناقشناه كثيرا وسنناقشه- إنما أتحدث هنا عمن يشغلون مواقع معقولة وكبيرة! من يعمل بوظيفة ثابتة ومن يعمل بوظيفة حرة..المدير والمرؤوس.

 

هذه الكذبة الكبرى التى نعيشها كل يوم (أن ثمة أمورا خطيرة سوف يتوقف العالم إذا لم نفعلها!!!) وهى فى الحقيقة ليست سوى مجموعة من الالتزامات التافهة والاجتماعات المطولة بلا جدوى والأحاديث المكررة فى الغرف المغلقة والمناصب الوهمية التى لا تضيف لأصحابها ولا للعالم شيئا يُذكر! إذن لماذا نتصارع.. لماذا ننفق ساعات طويلة من أعمارنا فى انشغالات بغير معنى أو هدف؟!

 

بينما كل الأمور العظيمة والمهمة يقوم بها أصحابها فى وقت محدد يعرفون متى يبدأ ومتى يستطيعون إنهاءه.. أما هذه الحالة من انعدام التوازن التى تحدث حاليا فى سوق العمل فهى خطيرة ويجب الالتفات إليها.

 

بعض الناس يتباهون- لا إراديا- بذلك.. وكل صاحب مهنة أو رب عمل يعتقد أن عدم قدرة الموظفين على ممارسة أى شىء سوى أعمالهم هو نوع من التفانى يستحق التقدير!! وربُّ العمل (الغلس) الذى يقول لموظفيه: عندنا مواعيد حضور لكن ماعندناش مواعيد انصراف!!!

 

هو نموذج ليس للسخافة فقط لكن للجهل.. فمعظم الأعمال فى جيل الألفية تقاس بالإنجاز.. سيختفى من العالم مفهوم ساعات العمل والدوام بشكلها المعروف.. وستصبح معظم الأعمال والشركات تعتمد على عمالة بسيطة ثابتة وعدد كبير ممن يعملون بدوام حر.. والأصل فى ذلك اقتصادى بحت.. لكنه ينعكس على شكل الحياة وجودتها!

 

الأمر بائس وتافه إلى أقصى درجة ويحتاج لحالة من اليقظة حتى نفهم أنه من غير الطبيعى أن يستمر اجتماع لأكثر من ساعة! ولا حوار جانبيا فى العمل لأكثر من ٥ ق! الطبيعى أن يعرف كل شخص دوره ويقوم به بهدوء، الطبيعى أن يحركنا الإنجاز لا ساعات العمل المطولة!!

 

نقطة نظام مطلوبة من الجميع.. لنقاتل أن تكون لدينا (حياة) نعمل لأجل تحسينها!

 

لنقاتل أن نحترم العمل وقيمته ووقته ونحترم بيوتنا وأسرنا ووقتنا الخاص.. لأن المجتمع كله تأثر بسبب هذا المعيار البائس الذى لم ينتج سوى أشخاص أقل كفاءة فى حياتهم العملية وتعساء فى حياتهم الشخصية.

 

فأياً كانت أهمية ما نفعله فحياتنا تافهة جدا.. وفيروس صغير لا يُرى بالعين المجردة قد يقلبها رأسا على عقب.. فلنتجهد أن تصبح على الأقل.. سعيدة أو على أقل تقدير.. متوازنة!.