الأقباط متحدون - حوار مع الكاتب المصرى مصطفى الشيمى
  • ٠٦:١٩
  • الخميس , ١٤ ديسمبر ٢٠١٧
English version

حوار مع الكاتب المصرى مصطفى الشيمى

سامح سليمان

حوارات وتحقيقات

٢٠: ٠٩ ص +02:00 EET

الخميس ١٤ ديسمبر ٢٠١٧

مصطفي الشيمي
مصطفي الشيمي
 قام باجراء الحوار و إعداد الأسئلة سامح سليمان 
 
 
نرجو تعريف القارئ بشخصكم الكريم ورحلتك مع الكتابة وأهم أعمالك؟
 
أنا مصطفي الشيمي، روائي وقاص مصري، بدأت رحلتي مع الكتابة منذ عشر سنوات،فزت فيها بالعديد من الجوائز الأدبية في مصر والوطن العربي، مثل جائزة دبي الثقافية، وجائزة أخبار الأدب، وجائزة أخبار اليوم، وجائزة المجلس الأعلى للثقافة، وجائزة المركزية لقصور الثقافة. صدر لي مجموعتان قصصيتان "بنت حلوة وعود"، و"مصيدة الفراشات"، وروايتان "حي"، و"سورة الأفعى". لا أعتقد أنني يمكنني تحديد أهم الأعمال من بينها، فكل عمل يعبر عن تجربة، تؤكد على فكرة اللعب بالكتابة، وتقنيات السرد واللغة، وكسر السائد، وإذا كان لابد من ذلك، فأعتقد أن سورة الأفعى هي أقرب أعمالي إلى قلبي، أعتقد أنني ولدت بعد كتابة هذا العمل.
 
هل المثقف العربي عنصر فعال ومؤثر أم ألعوبة في يد من يملك المال؟
 
لا أعتقد أن للثقافة تأثير قوي على مستوى الجموع، وإنما يظهر تأثيرها بشكل فردي، على كل قارئ على حدة، تغيّر وعي  المتلقي وتكسّر النمط المعتاد، تجعله يرى من منظور آخر، تصير الأفعال – الأخلاقية أو غير الأخلاقية – مبررة ما دامت في سياق يجعلها كذلك. لكن إذا كنا نتحدث عن المثقف باعتباره عنصر فعال في المجتمع، فأعتقد أننا نضع على ظهره حملا ثقيلا، قد يكون المثقفون كذلك، لا المثقف الواحد، شرط أن تكون الثقافة فعل مؤسسي، ولا أعتقد أنها كذلك في أغلب المجتمعات العربية، هي فعل فردي، وجهد ضائع. رأس المال يأكل كالدود كل شيء، الثقافة والمثقفين والناس العاديين، كلنا تروس بصورة ما في هذه الآلة الجائعة.
 
ما هي أهم قضايا المرأة العربية وكيف يمكن حلها؟
 
المرأة العربية مستعبدة، منذ تاريخ طويل يقودنا إلى الصحراء. وفي ظل مجتمعاتنا التي تضيق الخناق على الحريات، فإن الأقوى يقهر فيها القوى، والقوي يقهر فيها الأضعف. والمرأة في هذه السلسلة هي الحلقة الأضعف وعليها يقع كل القهر. لا يمكن لوم الرجال على ذلك، فكثيرًا ما تكون المرأة عدوة لنفسها، عبدة لقناعات مجتمعها، للرواسب المورثة. أعتقد أن تغيير الوعي، وطريقة التفكير، هي الحل الأفضل لذلك، لكن الجهود الفردية – كما أسلفنا – لن تقوم بذلك، لابد للعمل المؤسسي، وبطريقة ما لا أعتقد أن تحرير المرأة يشغل كثيرًا الحكومات ، لأن وجود حلقة أضعف في السلسلة، يعد وسيلة جيدة لتفريغ الكبت.
 
هل توجد علاقة بين الأدب والعلوم الإنسانية؟
 
توجد علاقة بين الأدب وكل العلوم، الأمر لا يقتصر فقط على العلوم الإنسانية، كتاب الخيال العلمي لابد أن يكونوا على إطلاع قوي بعلوم الفيزياء والكيمياء. وربما يمكننا تفسير تأخر الأدب العربي مقارنة بالأداب الأخرى نظراً إلى قلة هذه المصادر والأبحاث والترجمة، فالترجمات تصلنا بعد خمسين عامًا من موت مؤلفها، حتى تصير حقوقها متاحة للجميع. قلة هذه المصادر والترجمات، مع قلة الأبحاث العربية التي تتناول مناطق لم يتم تناولها تؤثر على مكانة الأدب العربي. الحديث ليس مقصورًا على علوم دون أخرى، الأدب يأخذ ويهبّ، وقد يضيف على هذه العلوم مثلما فعلت رواية الجريمة والعقاب للروائي العظيم دوستويفسكى الذي أهدى إلى علم النفس الجنائي وعلم النفس فكرة أن البطل يحوم حول مكان الجريمة، وقد سبق بذلك علماء النفس والخبراء في مجالهم. وكذلك فإن فكرة التحليق كان الخيال هو موطنها الأول، وإلى اليوم لا يزال الإنسان يحلم بترياق للخلود أو آلة للزمن.
 
ما هي أهم الأعمال التي أثرت في رؤيتك الفكرية والأدبية؟
 
هذا السؤال صعب، فأنا كثير النسيان، وكثيرًا ما يحضرني مقولة باتريك زوسكيند "الثقافة هي ما يتبقى في عقولنا حين ننسى كل شيء"، أعتقد أن تأثير الكتب يأتي من تفاعل الأفكار مع بعضها البعض، وبعد مرور وقت. أذكر أنني في صغري واجهت صعوبة كبيرة في تقبل نقد صنع الله إبراهيم للتراث الإسلامي في رواية "أمريكانلي"، وبعد ذلك تقبلت هذه الأفكار، واقتنعت بأدلتها. كذلك فإن أعمال باتريك زوسكيند مثل العطر والحمامة، وأعمال "ماركيز" مثل مئة عام من العزلة، وأعمال "نجيب محفوظ" مثل الحرافيش قد تركت أثرًا في روحي لن ينسى.
 
ما تقييمك لما يسمى بالرواية الشبابية مثل أعمال أحمد مراد ومحمد صادق وأيضًا يجب أن لا ننسى مؤلفات زاب ثروت، وبماذا تفسر ما قد حصدوه من انتشار وشعبية؟
 
لا يمكن قصر الرواية الشبابية  على أحمد مراد ومحمد صادق، فأنا شاب، وقد حازت أعمالي على العديد من الجوائز الأدبية، واحتفى بها النقاد، وهناك غيري كثيرون. يمكننا أن نطلق على كتابات أحمد مراد ومحمد صادق وغيرهم، الكتابة الرائجة، باعتبارها الأكثر مبيعًا. ولست ضد هذا النوع من الكتابة، من الجيد أن يكون هناك كتاب يربحون شرائح كبيرة من القراء، الشباب والمراهقين، الذين لم يقرأوا من قبل، فهؤلاء  القراء يصعدون سلم القراءة، خطوة بعد أخرى، وربما يقرأون بعد ذلك أعمال جادة، حتى وإن لم تكن من الأعمال الرائجة. هل من الأفضل أن يقرأ هؤلاء القراء كتبًا خفيفًا أم لا يقرأون على الأطلاق؟ إجابة هذا السؤال ستجعلنا نتقبل وجود هذا النوع من الكتابات.
 
هل أنت مع الكتابة بالعامية؟ ولماذا؟
 
قديما، دار خلاف حول لغة الحوار، عامية أم فصحى، واليوم صار السؤال حول السرد أيضًا، هل يمكن كتابة عمل أدبي باللغة العامية، من حيث السرد والحوار. في الحقيقة أنا أكتبُ الحوار بالفصحى، ولم أجرب من قبل كتابة عمل بالعامية سواء من حيث السرد أو الحوار. أحبُّ اكتشاف اللغة، أحاول استخدامها بشكل حيّ، توظيف الألفاظ بطريقة مغايرة بعيدًا عن الإكليشهات والقوالب الجاهزة. لا أقف جدارًا أمام المولعين مثلي بالتجديد، وإن كنت مولعًا باللغة واكتشافها. لا أعتقد أن الكتابة بالعامية هدم للغة، الشاعر أحمد فؤاد نجم كان يملك معجمًا من المفردات، ابنة الشارع، لا يملكها غيره، أما مفردات فؤاد حداد فكانت أكثر رهافة وشاعرية. العامية هي لغة الحياة اليومية، وهي لغة حيّة، تولد بها الكلمات وتتردد أمامها الفصحى قبل أن تتقبلها، وإذا لم أجرب الكتابة بالعامية من قبل، فهذا لا يعني أنني أقف ضد ذلك. المعيار عندي سهل، فنية وجمالية هذا الفعل.
 
هل أنت مع أم ضد مصطلح الأدب النسوي؟ وما رأيك في المنتج الصادر عن الأقلام النسائية في الوطن العربي؟
 
لا أحبّ هذا المصطلح، في ظني أن المرأة تعرف كيف تكتب في الوطن العربي، الأمثلة كثيرة مثل رضوى عاشور، سحر الموجي، منصورة عز الدين، منى الشيمي. الفيصل هو جودة العمل الأدبي، أما الأعمال التي تقوم على المباشرة، والوعظ، حول وضع المرأة في المجتمعات الشرقية، فهي أعمال تكشف عن ضعف الوعي والخبرة، ويمكننا أن نطلق عليها الكتابة الرديئة، فيندرج فيها أية كتابة رديئة كان الرجل كاتبها أو المرأة.
 
كيف يمكن إقامة جسر بين النخبة المثقفة وبسطاء الناس؟
 
هذا سؤال صعب، ولا أعتقد أنني أملك إجابة. لا أعتقد أن المبدع يملك إجابات كثيرة، حول أي شيء، بقدر ما يملك أسئلة. الآن سأسأل، كيف؟ ومتى؟ ولماذا؟ وأين؟ وأنا لا أعرف شيئًا. قد تجعلني أكتبُ عملا أدبيًا يدور حول هذا السؤال، مثلما فعل يحي حقي في قنديل أم هاشم، اضطر أن يضع لهؤلاء البسطاء من الناس، الدواء في السم، لا السم في العسل. أنا لا أعرف إذا كان هذا هو الحل الأفضل. رأسي ثقيلة بالأسئلة، إذا خرجت في عمل أدبي، سيساعدني القارئ في حلها.
 
هل أنت مع أم ضد تحويل الأعمال الأدبية إلى أعمال سينمائية ومسرحية؟
 
بالطبع أوافق، هذا يضيف للعمل الأدبي، يحقق فكرة التشظي الذي تحدث عنها أدونيس في الثابت والمتحول فينتج منتجًا فنيًا جديدًا، لا يجوز المقارنة بين الاثنين، فلكل روح غير الأخرى. وإن كان سيظل للعمل الأدبي جمالا خاصًا، فهو ملك خيال القارئ.