بغض النظر عن دموع العالم .. مصر تخوض معركتها ضد الإرهاب منفردة!!
يوسف سيدهم
السبت ٢ ديسمبر ٢٠١٧
بقلم: يوسف سيدهم
310 شهداء و128 مصابا حصيلة الجريمة الإرهابية البشعة التي أقشعر أمامها ضمير مصر والعالم الجمعة قبل الماضي… جريمة انهارت أمامها كل الاعتبارات الأخلاقية والمثل والقيم والشرف… عندما يعجز الإرهاب عن كسر شوكة جيش مصر وشرطتها وبعدما يجد أقباطها بعيدي المنال بعد تسلح كنائسهم بالحراسة والحذر, فتسول له نفسه الخسيسة أن يضرب مسلميها وهم يصلون في المسجد… مواطنون أبرياء ساجدين خاشعين شاخصين بعيونهم وقلوبهم ورافعين أياديهم يبتهلون إلي الله وإذ فجأة تباغتهم من الخلف رصاصات الغدر بلا تمييز لتسقط من تسقط وتصيب من تصيب ثم إمعانا في الإجرام والتنكيل يفجر الملاعين باب الخروج الذي تندفع نحوه الجموع بعفوية للنجاة حتي قبل أن تدرك ماذا حدث.
كشف الإرهاب عن عورته وسقطت عنه ورقة التوت الأخيرة فلم يعد هناك مجال للتشدق بالدين ولا العقيدة ولم تعد هناك ذريعة للتمسح في الإسلام ولا حتي لادعاء قتل الكفار… كفروا الجيش والشرطة ووصموهم بمحاربة الإسلام, وكفروا الأقباط لأنهم مشركون بالله, فماذا الآن؟… ماذا يقولون في مسلمين أبرياء لا ناقة لهم ولا جمل, هل استباحوا إهدار دمائهم وتشريد أسرهم انتقاما من السلطة التي عجزوا عن مواجهتها؟… هل باتت مصر كلها معرضة للعقاب لأنها رفضت التطرف والأصولية ولفظت العنف والإرهاب؟… نعم, يجب أن نعترف بذلك ونتكاتف في حربنا ضد الإرهاب… إنها معركة لعينة تسمو أمامها كل معارك الجيوش والمواجهات العسكرية التي تلتزم بمعايير نزيهة شريفة تنأي بالمدنيين والعزل عن الترويع والأذي, هي معركة كريهة لكنها للأسف معركة كتب علي مصر أن تخوضها… وتخوضها وحدها.
أتعرفون لماذا هي معركة تخوضها مصر وحدها؟… لقد قالها الرئيس السيسي في كلمته لشعب مصر عقب تلك الجريمة النكراء التي وقعت بمسجد قرية الروضة في بئر العبد بشمال سيناء… قال ضمن كلمته: … كل ما يتم هو محاولة لعرقلة جهود مواجهة الإرهاب وتحطيم إرادة المصريين التي تهدف لوقف المخطط الإجرامي الرهيب الذي يسعي لتدمير ما تبقي من المنطقة…. نعم, هذا هو مربط الفرس, فمصر هي المستهدفة بشراسة لأنها استعصت علي مؤامرات الإسقاط والتفتيت… مصر حماها الله من المصير البائس الذي حاق بكل الدول المحيطة بها… مصر أنقذها الوعاء الوطني الذي انصهر فيه شعبها مع قيادتها وجيشها وشرطتها.
أتعرفون أيضا لماذا هي معركة تخوضها مصر وحدها؟… لأن الأفاعي الشريرة التي تتآمر علي مصر وتمول أذنابها الذين يتسللون عبر الحدود والأنفاق لضرب مصر ولا يتورعون عن التشدق زيفا باحترام سيادة الدول… تلك الأفاعي معروفة لكافة القوي في الأسرة العالمية ولكافة الدول التي تعاني من الإرهاب وتدعي مساندتها لمصر في معركتها ضد الإرهاب, لكن تلك الدول -والتي تلصق ببعضها اتهامات خلق الإرهاب وتمويله والسكوت علي جرائمه- لا تفعل شيئا سوي تقديم الكلام المعسول للتضامن مع مصر… تلك الدول تحركها مصالحها الاستراتيجية ولا تستحي أن تجلس مع أباطرة الإرهاب وتسكت عن مصادر تمويله وتوفر الملاذ الآمن لقياداته, ثم تمطر مصر بعبارات الإدانة الجوفاء وتذرف الدموع وتدعي المساندة كلما وجه الإرهاب صنيعها ضرباته لشعب مصر… وإليكم الأمثلة علي ذلك:
- مجلس الأمن الدولي يدين الاعتداء الإرهابي ويعرب أعضاؤه -الذين من بينهم حماة الإرهاب- عن خالص تعازيهم لأسر الضحايا وللحكومة المصرية مؤكدين علي أن ظاهرة الإرهاب تشكل واحدة من أشد الأخطار التي تهدد السلم والأمن الدوليين… ويبدو أن مجلس الأمن الدولي قد أصبح هو الآخر ظاهرة صوتية ولا حول له ولا قوة… وأرجو أن تلتقطوا مدلول كلمة هو الآخر!!!
- وفي واشنطن أعرب الرئيس الأمريكي عن حزنه العميق (!!!) إزاء الحادث الإرهابي الذي وصفه بالرهيب والجبان, وقال إنه لا يمكن للعالم أن يتسامح مع الإرهاب, وأنه لابد من هزيمته عسكريا… هذا هو الرئيس الأمريكي الذي ورث سياسات أمريكية ضالعة في تفتيت العراق وسوريا وليبيا والذي مازال وزير خارجيته يتهاون مع قطر ويدللها!!!
- وفي لندن أكدت رئيسة الوزراء تيريزا ماي شجبها للاعتداء الذي وصفته بالمقزز (!!) وأعربت عن تعازيها ومواساتها للشعب المصري في اتصال هاتفي بالرئيس السيسي… لكنها لم تقل شيئا عن توحش وتمركز قيادات جماعة الإخوان الإرهابية في بلادها ونشاطاتهم الضالعة في الإرهاب!!!
- وفي موسكو أرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برقية عزاء للرئيس السيسي مؤكدا استعداد بلاده لزيادة التعاون مع مصر لمحاربة الإرهاب والتطرف… لكنه نسي أو تناسي أنه قد فرغ للتو من قمة جمعته مع الرئيسين الإيراني والتركي لم تخل من الإشارة إلي المصالح المشتركة والتنسيق دون الخوض في تقليم أظافر إيران وتركيا الضالعة في رعاية الإرهاب وتصديره إلي بلادنا ومنطقتنا.
- كما أدان أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية بأشد العبارات الهجوم الإرهابي معربا عن عميق تعازيه لمصر قيادة وشعبا, لكنه لم يفعل شيئا قد يجرح مشاعر قطر أو منظمة حماس… هل أدركتم لماذا وصفت مجلس الأمن بالظاهرة الصوتية هو الآخر؟
*** ليكن واضحا للمصريين أن حربهم ضد الإرهاب يخوضونها وحدهم… ووحدهم فقط!!