المسيحية وفنون النغم الجميل
مدحت بشاي
١١:
١١
ص +02:00 EET
السبت ٢ ديسمبر ٢٠١٧
مدحت بشاي
الموسيقى في الكتاب المقدس بحث طريف للدكتور صابر جبره ـ صيدلي أول قصر العيني ، أستأذن قاري موقعنا الرائع الأقباط متحدون للإشارة إلى بعض نتائجه .. الطريف أن البحث تم نشره في يناير 1947 ..
يكتب الصيدلاني صابر :
تغلغلت الموسيقى في حياة العبرانيين الخاصة والعامة حتى أن أرميا النبي يقول " وأبيد منهم صوت الطرب وصوت الفرح .. " إصحاح 25 عدد 10 .
وفي حزقيال يقول " وأبطل صوت أغانيك وصوت أعوادك لن يُسمع بعد " .
وقد كانت كل ولائمهم سحراً وموسيقى وأغاني ، إذ يقول أشعياء إصحاح 5 عدد 13 " وصار العود والرباب والدف والناي والخمر ولائمهم وإلى فعل الرب لا ينظرون " .
وفي عاموس إصحاح 6 عدد 5 يقول " الهاذرون من صوت الرباب ، المخترعون لأنفسهم آلات الغناء كداود ـ الشاربون من كؤوس الخمر ... " ويعتبر داود النبي من كبار الموسيقيين في العالم ، اسمع إلى داود في آخر مزمور إذ يقول " هللويا ـ سبحوا الله في قدسه ، سبحوه في فلك قوته ، سبحوه على قواته ، سبحوه حسب كثرة عظمته ، سبحوه بصوت الصور ، سبحوه برباب وعود ، سبحوه بدف ورقص ، سبحوه بأوتار ومزمار ، سبحوه بصنوج التصويت ، سبحوه بصنوج الهتاف ، كل نسمة فلتسبح الرب ـ هللويا " . مزمور 150 .
ولقد ذكرته التوراة بهذا الوصف ، وسُميت صلواته وتسابيحه باسم الآلة التي كانت تصحبه في الصلاة ، ومن الآية السابقة يظهر أن داود كان يستعمل قليلاً من الخمر حتى ترق أعصابه وتسبح قليلاً في عالم الموسيقى ، وقد كان من كبار المخترعين لآلات الموسيقى ، وكانوا يعقدون حفلات الرقص على صوت الطرب والموسيقى إذ يقول لوقا البشير في الإصحاح 15 العدد 25 عن الغني الذي وجد ابنه الضال " فلما جاء وقرب من البيت سمع صوت آلات طرب ورقص " .
وقد كانت آلات الطرب والموسيقى من الآلات التي استعملها شعب إسرائيل من أقدم الأزمان في العبادة وطقوس الصلاة ، ولهم حق في ذلك ، فالموسيقى تسبح بالإنسان إلى عالم السموات وترقق شعوره وتوجد فيها انسجاماً كاملاً ، وفي ذلك جاء في صموئيل الثاني إصحاح 6 عدد 5 " وكان أخيو يسير أمام التابوت ، وداود وكل بيت إسرائيل يلعبون أمام الرب بكل أنواع الآلات ، من خشب السرو ، بالعيدان والرباب والدفوف وبالجندوك والصنوج " .
وفي مواقف النصر والحروب كانوا يستعملون الموسيقى كما جاء في سفر القضاة إصحاح 11 عدد 34 " وإذ كانت بنت يفتاح خارجة للقائه بدفوف ورقص ... " ، وفي الحفلات الجنائزية كانوا يستعملون الموسيقى كما جاء في إنجيل متى إصحاح 9 عدد 23 " إذ لما جاء يسوع إلى بيت الرئيس ونظر المزمرين والجمع يضجون ، قال لهم تنحوا فإن الصبية لم تمت ولكنها نائمة " .
وقد كان تخت الموسيقى وآلات الطرب والمغنين من ألزم حاجات بلاط داود وسليمان إذ يقول في صموئيل الثاني إصحاح 19 عدد 35 " وهل أسمع أيضاً أصوات المغنين والمغنيات ... " .
وكانت حفلات الموسيقى تُقام في ليالي السفر والوداع إذ يقول لابان ليعقوب " لماذا هربت خفية وخدعتني ولم تخبرني حتى أشيعك بالفرح والأغاني بالدف والعود " .
ولم يذكر لنا الكتاب كثيراً عن أشكال آلاتهم الموسيقية ، وهذا لا يعنينا كثيراً ، إنما المهم أنهم استعملوا الموسيقى في جميع نواحي حياتهم وهذا دليل قاطع على رقة طباعهم واستعدادهم لظهور الأنبياء بينهم .
ويُظن أن أغلب آلاتهم تشبه آلات قدماء المصريين ، ويقول بذلك بعض المؤرخين ، وخاصة بعد خروجهم من مصر ، إذ يذكر سفر الخروج إصحاح 32 أن هذا الشعب بعد خروجه من مصر وصعود موسى لتلقي وحي الشريعة ، نزل فوجدهم حول العجل في غناء ورقص وموسيقى ، ولا شك في أن هذا تقليد ورثوه من مصر ، فقد كان المصريون يشركون الموسيقى والغناء في كل طقوس عبادتهم ، وعبادة العجل خاصة من أهم عبادات قدماء المصريين ، ومن أخص ما نقله عنهم هذا الشعب بعد خروجه مباشرة .
وقد كان الأنبياء جميعهم يستعملون الموسيقى ، إذ ؤجاء في سفر صموئيل الأول إصحاح 10 عدد 5 " ويكون عند مجيئك إلى هناك إلى المدينة أنك تصادف زمرة من الأنبياء نازلين من المرتفعة ، وأمامهم رباب ودف وناي وعود وهم يتنبأون ، فتحل عليك روح الرب فتتنبأ معهم وتتحول إلىت رجل آخر " .
ويقول إليشع النبي في سفر الملوك الثاني إصحاح 3 عدد 15 " حي هو الرب ، والآن فأتوني بعوّاد ، ولما ضرب العوّاد بالعود كانت عليه يد الرب " ، وهذه الطريقة هي أقصى ما وصلت إليه معاهد بحوث علوم ما وراء الطبيعة في الاتصال بالأرواح ، إذ يستعملون الموسيقى الصامتة لتجعلهم في حالة انسجام تام ، وتقرب اتصالهم بها ، وتقوي تلك السيالات الروحية التي تنبثق بينهم وبين العالم غير المنظور .
وقد أبدع هؤلاء الأنبياء في إتقانهم فنون الموسيقى حتى اخترعوا الكثير من آلاتها ، ويُعتبر داود النبي على رأس هؤلاء الموسيقيين الفطاحل المخترعين .
ودخل على هذه الآلات الموسيقية كثير من التعديل والتحوير في العهد الجديد ، وذلك بحكم اتصالهم بالثقافة اليونانية ، وقد جاء ذكر كثير من هذه الآلات التي لم يرد ذكرها في العهد القديم كالقيثار ، إذ جاء في رسالة بولس الرسولي الأولى إلى أهل كورنثوس إصحاح 14 عدد 7 " الأشياء العادمة النفوس التي تعطي صوتاً ، مزمار أو قيثارة مع ذلك إن لم تُعطِ فرقاً للنغمات فكيف يُعرف ما زمر أو ما عزف به " .
وجاء ذكر القيثار في سفر الرؤيا إصحاح 5 عدد 8 إذ يقول يوحنا " ولهم كل واحد قيثارات ... "
هذه هي الموسيقى لازمت شعب الله المختار منذ إبراهيم حتى العهد الجديد بل أكثر من ذلك ، يصفها يوحنا المرائي في ملكوت الله ... فالموسيقى لحن من ألحان الله الخالدة وفيها شفاء للنفوس ، وترويح للمرضى والمتعبين ، وفيها قوة انسجام لا بأس بها ... فلماذا لا تكون في كنائسنا .