هدم الكنائس في العصور الإسلامية
لطيف شاكر
الخميس ٣٠ نوفمبر ٢٠١٧
لطيف شاكر
عندما غزا العرب مصر وضع عمر بن الخطاب شروطا تعسفيا بشأن التضييق علي الأقباط وألزم الحكام بتنفيذها فكانت بمثابة اصل من اصول الشريعة الإسلامية ووفقا لروح الدين الإسلامي لحث الأقباط علي أسلمتهم فأمعنت في ظلم الأقباط واضطهادهم في وطنهم ,قد ورد ضمن هذه الشروط موضوع الكنائس ويمكننا توضيح اثر هذه المعاهدة في كل العصور وما اتفق عليه مجمل الفقهاء المسلمين فيما يتعلق بهذه المسألة نقلا عن كتاب أحكام أهل الذمة لابن القيم , وقد نفذها الحكام المسلمين فيما بعد وعدم مخالفتها ووضعوا شروطا قاسية لمنع بناء الكنائس كالشروط العشرة التي وضعها وكيل وزارة الداخلية ورغم انه قرار اداري الا ان السادات حقق هذه الشروط , علما بأن الخط الهمايوني كانت شروطه ايسر وصدرت لكل دور العبادة ولكل الاديان في كل بلاد التابعة للخلافة العثمانية .
وتنص الشروط العمرية بالنسبة للكنائس كالأتي:
أيما مصر فتحه المسلمون فليس لأهل الذمة أن يبنوا فيه كنيسة ولا يضربوا فيه ناقوسا.
ولا يجدِدوا ما خرِب
ولا يُظهِروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم في شيءٍ من طرق المسلمين
ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفيفاً
ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين
ويعني هذا أن كل كنيسة فى مصر والقاهرة والكوفة والبصرة وبغداد ونحوها من الأمصار التى مصرها المسلمون بأرض العنوة فإنه يجب إزالتها إما بالهدم أو غيره بحيث لا يبقى لهم معبد وفى مصر مصره المسلمون بأرض العنوة, وسواء كانت تلك المعابد قديمة قبل الفتح أو محدثة لأن القديم منها يجوز أخذه ويجب عنه المفسدة وقد نهى النبى أن تجتمع قبلتان بأرض, فلا يجوز للمسلمين أن يمكنوا أن يكون بمدائن الإسلام قبلتان .
وأما الكنائس التى بالصعيد وبر الشام ونحوها من أرض العنوة فما كان منها محدثا وجب هدمه وإذا اشتبه المحدث بالقديم وجب هدمهما .
وأما ما كان لهم بصلح قبل الفتح مثل ما فى داخل مدينة دمشق ونحوها فلا يجوز أخذه ما داموا موفين بالعهد إلا بمعاوضة أو طيب أنفسهم.
وحين تظلم النصارى من هدم كنائسهم أفتى ابن تيمية مستندا لمجمل “العلماء” كالآتى: ” الرد على دعوى أن المسلمين ظلموهم بإغلاق كنائسهم: الجواب: الحمد للـه رب العالمين، أما دعواهم أن المسلمين ظلموهم فى إغلاقها فهذا كذب مخالف لأهل العلم. فإن علماء المسلمين من أهل المذاهب الأربعة: مذهب أبى حنيفة، ومالك، والشافعى، وأحمد، وغيرهم من الأئمة، كسفيان الثورى، والأوزاعى، والليث ابن سعد، وغيرهم، ومن قبلهم من الصحابة والتابعين، متفقون على أن الإمام لو هدم كل كنيسة بأرض العنوة كأرض مصر والسواد بالعراق، وبر الشام ونحو ذلك، مجتهدا فى ذلك، ومتبعا فى ذلك لمن يرى ذلك، لم يكن ذلك ظلماً منه، بل تجب طاعته فى ذلك. وإن امتنعوا عن حكم المسلمين لهم، كانوا ناقضين العهد، وحلت بذلك دماؤهم وأموالهم . وخلاصة كلامه أن المسلمين لم يظلموهم لأن خاصتهم رأوا هذا الرأي
واكد ان هذا هو راى الشرع فى بناء الكنائس وان كل بيت فى بلاد المسلمين يعد للعبادة على غير دين الاسلام فهو بيت كفر وضلال سواء كانت كنيسة او غيرها نافيا ان يكون السماح والرضا بانشاء الكنائس والمعابد الكفرية او تخصيص مكان لها فى اى بلد من بلاد الاسلام انما هو من اشد الاثام ومن اعظم الاعانة على الكفر ومن اعان على الكفر فهو كافر عائذين بالله من ذلك
وقال الامام الحسن البصرى انه من السنة هدم الكنائس التى فى بلاد المسلمين الحديث منها والقديم ، بالاضافة الي قول الامام ممد بن الحسن صاحب وتلميذ ابى حنيفة قال لا ينبغى ان يترك فى بلاد المسلمين كنيسة او معبد قديم ولا يستحدث فيها جديد وايضا الامام مالك قال اكره ان يترك فى بلاد المسلمين كنيسة قديمة ويجب ان تهدم ولا يبنى جديد ، كاشفا عن الامام الشافعى قال لا يبنوا فى بلا المسلمين كنيسة ولا مجتمعا لصلواتهم ، بالاضافة الي ان الامام احمد بن حنبل قال ليس لليهود ةلا للنصارى ان يبنوا فى بلد من بلاد المسلمين بيعة ولا كنيسة ولا يضربؤا فيها بناقوس ، كما دعي الي قول الامام ابو الحسن الاشعرى قال ارادة الكفر كفر وبناء كنيسة فى بلاد المسلمين يكفر فيها بالله ويعبد فيها غيره كفر
وبقول القاضى تقى الدين السبكى قال بناء الكنائس حرام بالاجماع وكذا ترميمها.
ويقول ساويرس بن المقفع في تاريخه:
من بعد أن ملك عمرو بن العاص مصر بثلاث سنين، ملك المسلمون مدينة الاسكندرية وهدموا سورها وأحرقوا بيعا كثيرة بالنار وبيعة مار مرقص التي هي مبنية على البحر حيث كان جسده موضوعا، أحرقوا هذا الموضع بالنار وما حوله من الديارات.
لذلك فان كثيرا من الأمور التي جرت عليها العادة أصبحت في حكم القانون وصار الناس ينظرون اليها فيما بعد كأنها من أصل الدين ومن أحكام الاسلام. فقال الماوردي مثلا "أنه لا يحق لأهل الذمة أن يتخذوا لأنفسهم كنائس أو بيعا جديدة في دار الاسلام. فاذا بنوا لانفسهم ذلك هدم. ولكن لهم أن يعيدوا بناء ما تهدم من كنائسهم أو بيعهم"
أمر عبد العزيز بن مروان والي مصر (685-705م) بكسر جميع الصلبان التي في كورة مصر حتى صلبان الذهب والفضة ثم كتب عدة رقاع وجعلها على أبواب الكنائس بمصر والريف يقول فيها:
محمد الرسول الكبير الذي لله وعيسى أيضا رسول الله. وأن الله لم يلد ولم يولد" كما أبطل اقامة القداسات أيام البابا سيمون الأول البابا الثاني والأربعين (689-701م) وفي آخر حياة عبد العزيز بن مروان أعطى ابنه الأكبر ويدعى الأصمع (عصبة) نفوذا وسلطانا على كل اقليم مصر وكان الأصمع يبغض النصارى حيث أوفد اثنين من خاصته الى أديرة وادي النطرون وقاما بخصي جميع الرهبان هناك كما أمر الأديرة ألا ترهب أحد وكان الأصمع هو أول من فرض جزية على الرهبان.
وفي سنة 104هـ (714م) أمر الخليفة يزيد بن عبد الملك بكسر الصلبان في كل مكان وبمحو الصور والتماثيل التي في الكنائس وفي جميع بلاد الدولة الاسلامية وكان من نتائج هذه الحركة في مصر أن كسرت التماثيل والصلبان ومحيت الصور ولم تنج من هذه الحركة بعض الآثار الفرعونية من الهدم والتخريب.
وفي أيام الفتنة بين الأمين والمأمون، أعتدى على الأقباط في الاسكندرية وأحرقت مواضيع عديدة لهم كما أحرقت ديارات وادي النطرون. ونهبت فلم يبق من رهبانها الا نفر قليل.
كما شدد على الوالي بأن يحتم على كل من يقيم في البلاد أن يكون على دين محمد مثله ومن لا يريد فليخرج منها تاركا كل ما يملك فهرب كثير من الأقباط ومن لم يتمكن من الهرب وضعت عليه جزية باهظة وانتهز المتعصبون هذه الفرصة وهدموا كنائس كثيرة. ثم تولى حنظلة بن صفوان (في أول ولاية له)
فشرع يتمم أمر الخليفة بكسر جميع الصلبان التي في سائر الأماكن ومحو الصور التي في الكنائس وتحويلها الى جوامع
وفي عهد قرة بن شريك (سنة 709)
كان يحتقر عبادة الأقباط ويدخل أحيانا الى كنائسهم ومعه رجال حاشيته ويوقفهم عن الصلاة والذي جاء بعد قرة لم يلبث سوى ثلاثة أشهر خربت فيها أكثر كنائس الاسكندرية وأخذت أعمدتها الرخام والمرمر وباقي أنواع الزينة والزخرفة ووضعت في الجوامع التي لم تكن تزيد الا بقلة الكنائس.
وفي ولاية اسامة بن يزيد (سنة 714م)
كان كثير الهجوم على الأديرة وهدمها وقتل من بها من الرهبان غير الحاملين للخاتم الحديد الذي فرضه عليهم وأخرب الكثير من البيوت والكنائس.
وفي أيام الفتنة بين الأمين والمأمون، أعتدى على الأقباط في الإسكندرية وأحرقت مواضيع عديدة لهم كما أحرقت ديارات وادي النطرون. ونهبت فلم يبق من رهبانها الا نفر قليل.
كما شدد على الوالي بأن يحتم على كل من يقيم في البلاد أن يكون على دين محمد مثله ومن لا يريد فليخرج منها تاركا كل ما يملك فهرب كثير من الأقباط ومن لم يتمكن من الهرب وضعت عليه جزية باهظة وانتهز المتعصبون هذه الفرصة وهدموا كنائس كثيرة. ثم تولى حنظلة بن صفوان (في أول ولاية له) فشرع يتمم أمر الخليفة بكسر جميع الصلبان التي في سائر الأماكن ومحو الصور التي في الكنائس وتحويلها الى جوامع
وقد أمر المتوكّل أهل الذمّة بتخريب كنائسهم المحدثة.. وأمر بتسوية قبورهم بالأرض، وكتب بذلك إلى سائر الأقاليم والآفاق وكانت مأساة كبري حيث هدمت الكنائس بعد نهبها .
وفي كتاب اقامة الحجة الباهرة علي هدم كنائس مصر والقاهرة لشيخ الإسلام احمد الدمنهوري في القرن 18 وطبعته جامعة كاليفورنيا عام 1975 الذي يورد اراء فقهاء المذاهب الأربعة بوجوب هدم الكنائس ليس المستحدث منها بل حتي ماكان قائما بها من بيوت العبادة لغير المسلمين وهذا الكتاب يدرس حاليا ضمن مناهج الأزهر .
يتبع