الأقباط متحدون - الدولة تزدرى
  • ٠٧:٤٥
  • الجمعة , ٢٤ نوفمبر ٢٠١٧
English version

الدولة تزدرى

مقالات مختارة | د. عماد جاد

٢١: ٠٩ ص +02:00 EET

الجمعة ٢٤ نوفمبر ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

من أهم سمات الدولة المدنية الحديثة، أنها دولة كل مواطنيها، وتقف على مسافة واحدة من كل الأديان والعقائد، فهو مجال لا يخصها، بل يخص علاقة المواطن بخالقه، كما أن مسألة الإيمان والكفر تقع على عاتق الشخص، الله لن يحاسب المسئول عن ابتعاد مواطن أو أكثر عن الإيمان، بل يحاسب الراعى على ما فعل بالرعية، والمقصود بالراعى هنا رجل الدين أو عالم الدين، ولكن رجل السياسة والأمن لا علاقة له بهذه القصة من قريب أو بعيد، إلا إذا أراد تقليد الرئيس المؤمن واعتبر نفسه مسئولاً عن أخلاق الشعب ومستوى تدينه والتزامه الدينى، وهو فى الغالب بهدف سياسى لا دينى.

قلنا أكثر من مرة إنه لا مستقبل للدول الدينية فى عالم اليوم، فكما أن ماضى هذه الدول لم يكن مشرفاً على أى مستوى من المستويات، فكذلك الحال لا مستقبل لدولة دينية تعلن أن لها ديناً تتبناه وتدافع عنه، وتعمل على إظهاره على حساب غيره، تجارب أفغانستان والسودان والصومال ماثلة أمامكم، كما أن تجربة المملكة العربية السعودية تخرج من جلدها، وتحاول التغير بأسرع وقت.

وسط هذه الأجواء ورغم الشراكة الوطنية التى حدثت فى البلاد ونضال المواطنين الأقباط من أجل استرداد مصر المختطفة من قبل جماعة الإخوان، وخروجهم وتضحياتهم الهائلة بما فيها التضحية بالكنائس، وحديث الرئيس عبدالفتاح السيسى المكثف عن بناء مصر المدنية الحديثة، إلا أن الوقائع على الأرض تقول لا جديد تحت الشمس فى مصر، فسياسات الرئيس المؤمن ودولة العلم والإيمان تعمل بكل قوة كما كانت فى عهد السادات، وفكر وعقل ومكنون قلب ضباط أمن الدولة هو هو لم يتغير فيه شىء، والتهجم على المسيحية ووصفها بالديانة الفاسدة من قبل أحد رجال الأزهر، ووصف الأقباط بالكفرة من قبل رجل آخر من رجال الأزهر تكرر ويتكرر ولا من مجيب لمطالب الأقباط باحترام دينهم وعقيدتهم، يحدث ذلك فى وقت حدث فيه هرج ومرج لمجرد إقدام يوسف زيدان على تحليل شخصية صلاح الدين الأيوبى، وتعبير فريدة الشوباشى عن حزنها على تفاخر الشيخ الشعراوى بكراهيته لجمال عبدالناصر، لدرجة أنه شمت فى هزيمة يونيو 1967 أمام إسرائيل، فقام وصلى ركعتين شكراً لله. حدث هرج ومرج، وهناك من تقدم بشكاوى ضد «زيدان» و«الشوباشى»، وهناك من تقدم بمشروع قانون لحماية الرموز التاريخية، أمثال صلاح الدين الأيوبى والشيخ الشعراوى، تقدموا بمشروعات قوانين وشكاوى للنائب العام بسبب تقييم بشر. ولكن الدولة لم تحرك ساكناً، وهى ترى سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف السابق، والمصرح له بالفتوى، يخرج على العامة ويصف الديانة المسيحية بالفاسدة، لم تحرك الدولة ولا مؤسساتها ولا محاميها ساكناً عندما كرر الشيخ الأزهرى عبدالله رشدى فى فضائيات يشاهدها العامة أن المسيحيين كفار كفار كفار.

السؤال هنا: ماذا تنتظر الدولة ومؤسساتها من نتائج على هذا الاعتداء على الديانة المسيحية وعلى الأقباط ومشاعرهم وعقائدهم، وماذا نستنتج من ترافق ذلك مع عملية ممنهجة لإغلاق الكنائس ورفض الترخيص ببناء الجديد منها، نستنتج أن الدولة تعمل وفق رؤية دينية منغلقة، وأن مؤسسات الدولة تعمل وفق هذه الرؤية وأن ما يقال من كلام معسول هو من قبيل ذر الرماد فى العيون، وسيأتى يوم يدفع فيه الجميع ثمن الغش والخداع والفهلوة، يوم لا ينفع الندم، فالعالم تغير والأجيال الجديدة منفتحة تماماً على العالم، ومصر سوف تدفع ثمن هذه المراوغات والمناورات والاستقواء على المسيحية والمسيحيين، فالاستقواء سيكون له آخر، إن كان قريباً أو بعيداً.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع