الأقباط متحدون - المخفي من مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية
  • ١٩:٤٠
  • الاربعاء , ٢٢ نوفمبر ٢٠١٧
English version

المخفي من مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية

د. عبد الخالق حسين

مساحة رأي

٢٧: ١٢ م +02:00 EET

الاربعاء ٢٢ نوفمبر ٢٠١٧

ارشيفية
ارشيفية
د.عبدالخالق حسين
انتقد بعض الأخوة الأفاضل من أصحاب النوايا الحميدة، في مداخلاتهم دفاعاً عن مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية، سواءً على شكل مقالات، أو ضمن مجموعات النقاش، أو رسائل شخصية، مفادها أن أغلب الذين انتقدوا مشروع التعديل لم يطلعوا على التعديلات المقترحة التي أغلبها تقدمية، وفي صالح المرأة والطفولة، وقالوا أن مشروع التعديل لم يشر إلى فرض الزواج بالقاصرات، أو في التاسعة أو حتى مفاخذة الرضيعة، وأن كل هذه الضجة التي أثيرت لا مبرر لها، وأنها زوبعة في فنجان!! 
 
وعلى سبيل المثال لا الحصر، جاء في رسالة صديق أن: "رفض  تعديل قانون الاحوال الشخصية حق، و مطلب ديمقراطي لا غبار عليه، ولكن تحميل هذه المطالب بادعاءات واكاذيب يضر بحق الاحتجاج". 
وصديق آخر قال: "لا يوجد "قسر" في القانون مطلقاً - هناك فتح للباب أمام الزواج بسن أصغر من القانون الحالي، فلم يقل القانون "يجب" تزويج البنت عندما تبلغ التاسعة." وأضاف في تعليق آخر: ((كما قال أحدهم: عندما يتم التصويت على قانون المثلية الجنسية في دولة أوروبية فهي ديمقراطية، ولكن عندما يتم التصويت على قانون الأحوال الشخصية في العراق بما لا يعجبهم، فهو تخلف واعتداء على حقوق الإنسان وآخر القائمة... وهكذا فاقدو الهوية دائماً.))
 
أتفق مع الصديقين، أنه لم يأتِ في تعديل القانون على ذكر الإجبار، أو فرض تزويج القاصرات، ولكن تم دس مخاطره في المشروع بطريقة خبيثة وغير مباشرة، و ذلك بإخراج ملف الأحوال الشخصية من القضاء العراقي المدني، و تسليمه لحكم فقهاء الدين، سنة وشيعة، والذين بدورهم يجيزون الزواج بالقاصرات وحتى بالأطفال الرضع، وما تقره الشريعة الإسلامية حسب أتباع المذاهب المختلفة. ونحن نعرف أن الشريعة الإسلامية تبيح الزواج بالقاصرات، وإن لم تفرضه فرضاً. وهذا يعني أن التعديل يبيح الزواج بالقاصرات وحتى لو كانت في التاسعة. 
 
فقد جاء في المادة الأولى من قانون التعديل: ((يضاف ما يلي إلى أخر المادة الثانية من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 ويكون البند (3) لها: 3-  أ- يجوز للمسلمين الخاضعين لأحكام هذا القانون تقديم طلب إلى محكمة الأحوال الشخصية، لتطبيق الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية وفق المذهب الذي يتبعونه.  ب- تلتزم المحكمة المختصة بالنسبة للأشخاص الوارد ذكرهم في الفقرة (أ) من هذا البند عند إصدار قراراتها في جميع المسائل التي تناولتها نصوص قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل و غيرها من المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية، بإتباع ما يصدر عن المجلس العلمي من ديوان الوقف الشيعي ، و المجلس العلمي و الإفتائي في ديوان الوقف السني ، و تبعاً لمذهب الزوج، و يصح أن يكون سبباً للحكم.  ج- يلتزم المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي بإجابة المحكمة عن استيضاحاتها، وفقاً للمشهور من الفقه الشيعي و فتاوى الفقهاء الأعلام، وعند عدم الشهرة يؤخذ برأي (المرجع الديني الأعلى) الذي يرجع إليه في التقليد أكثر الشيعة في العراق من فقهاء النجف الأشرف.   د- يلتزم المجلس العلمي و الإفتائي في ديوان الوقف السني بإجابة المحكمة عن استيضاحاتها، وفقاً للمشهور من الفقه السني))( أدرج أدناه رابط مشروع التعديل القانون، يرجى الاطلاع عليه)(1)
 
وبما إن غالبية فقهاء الدين الإسلامي، سنة وشيعة يجيزون زواج القاصرات، وحتى في التاسعة أو دونها، فهذا يعني أن تعديل القانون قد أباح الزواج من القاصرات أيضاً. أما القول بأن التعديل أجاز الزواج من القاصرات، ولم يفرضه فرضاً فهو الآخر خطأ، لأن الزواج من القاصرات في المجتمعات المتحضرة جريمة يجب إدانتها، وليس الافتاء بجوازها. ففي بعض الحالات تضطر العائلات الفقيرة بتزويج بناتها القاصرات بدافع الفقر، والأب هو الذي يتحكم بأمر التزويج، وليست الطفلة القاصرة التي لا حول لها ولا قوة. فيمكن استغلال جواز القاصرة دينياً، وتزويجها بموافقة ولي الأمر بدافع الفقر والجهل، وهذا استغلال بشع من قبل الأثرياء للفقراء، تكون الطفلة البريئة هي الضحية، وبمباركة رجل الدين الذي صار يحكم في هذا الشأن. 
 
أما تشبيه قانون زواج القاصرات في العراق بقانون جواز المثلية في الدول الأوربية ، فهذا غير صحيح. لأن أي ممارسة جنسية مع القاصرات وحتى تحت غطاء الزواج تعتبر جريمة في جميع المجتمعات البشرية المتحضرة. بينما المثلية (Homosexuality)، ليست من اختيار الشخص، بل مفروضة عليه من الطبيعة، و في علم النفس وعلم الاجتماع لا تعتبر المثلية مرضاً أو إنحرافاً، بل إختلاف في الخلق تلعب فيها الجينات الوراثية والبيولوجية دوراً كبيراً، أشبه بمن يستخدم يده اليمنى (Right handed)، أو اليسرى (Left handed)(2). فالمثلية ليست في الغرب فحسب، بل في كل مكان في العالم، ولكن الفرق أن مثلية الغرب على المكشوف ومقننة في بعض البلدان، بينما في الدول العربية والإسلامية تجري في الخفاء. لذلك فإصدار قوانين تبيح المثلية للبالغين، حق من حقوق الإنسان، ونوع من الشفافية والديمقراطية، واحترام حق الفرد في ممارسة حقوقه الشخصية، ودليل على التحضر ورقي المجتمعات الغربية، وما بلغته من روح التسامح مع المختلف. وهذا يختلف عن إصدار قوانين تبيح الزواج من القاصرات. أما إذا حصلت ممارسة الجنس مع القاصرات في الغرب، فهي حالات لم تقرها الدولة بإصدار قوانين ، بل تعتبرها جريمة يحاسب عليها الجاني بقوانين متشددة، خاصة إذا ما حصلت بين رجل بالغ مع فتاة قاصرة حتى ولو بالتراضي. وحصول هذه الحالات في الغرب يجب أن لا يبرر صدور قوانين في العراق تجيز الزواج من القاصرات(3).
 
ومن كل ما تقدم، نستنتج أن مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية قد أجاز الزواج بالقاصرات في  سن التاسعة حتى ولو لم يشر إليه، لأنه سلّم القانون إلى الجهة التي تجيز الزواج بالقاصرات وتحت مبرر ديني ، وهذا في رأينا خطأ يجب تصحيحه.
ـــــــــــــــــــــــــ
روابط ذات صلة
1- مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959
2- مقال عن أسباب المثلية
Homosexuality may be caused by chemical modifications to DNA
By Michael Balter 
3- سلوى جراح: ممارسة الجنس مع الأطفال زواج أم مرض نفسي؟
 
 

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع