كلّو باقي محلّو
زهير دعيم
السبت ١٨ نوفمبر ٢٠١٧
زهير دعيم
قالت العامّة قديمًا وما زالت تقول : " ما في حدا ميخد إشي معاه ، كلّو باقي محلّو"
وقال النبيّ داود في مزاميره :
" للربّ الأرض وملؤها. المسكونة، وكلّ الساكنين فيها "
ومع ذلك فالقطيعة في كلّ مكان ، والتهلهل الأسريّ يملأ الأركان
ويكاد يكون السبب الأوّل هو الإرث والاختلاف على قسمته وتقسيمه وتوزيعه ، فالطّمع الذي يغلب على طابَع بعض البَّشَر يجرّهم الى محاولة الاستحواذ والانفراد بالنصيب الأكبر والقسط الأوفر على حساب أخيهم أو أختهم ؛ هذا إن كان للأخت أصلًا في حساباتنا نحن الشّرقيين حساب.
نعم إنّه الطّمع هذا الوبأ الفتّاك الذي يأخذ بالنفوس ، فيجعلها أنانيّة ، سوداء .
فلا تستغربَنَّ إن مررتَ يومًا ووجدت أخويْنِ يتنازعان وصوتهما يعلو فوق السّحاب ، وعلمتَ بعد ذلك أنّ الخلاف يدور حول الشارع الذي يمرّ بين بيتيهما، أو على عدّة أمتار حاز بهما الأخ الفلانيّ دون الآخَر ، ولعلّ المشكلة العويصة تكون حين يتعدّى الامر الامتار الى نصف دونم أو دونم فحين ذاك الطّامة الكبرى ، فقد تصل الامور بينهما الى العِراك بتشجيع النساء !! وقد تصل الامور الى الوقوف أمام القاضي في المحكمة.
والانكى من ذلك عندما يكون الامر محسومًا منذ سنوات ، فالقسمة قد حدثت منذ زمن بعيد والكلّ كان راضيًّا مرضيًّا ، واليوم " عَنَّ" على بال أحد الأخوّة أنّه ظُلم في القسمة إيّاها فيروح يطالب بالقسمة مُجدّدًا ...
وكيف تكون وهنا بناية ارتفعت ، وهناك كرم زيتون قد اخضرَّ ، وهنالك " شقفة" من الارض أضحت مُلكًا لجار دفع بها " دم" قلبه ؟!!
نعم انه الطمع الذي فرّق الأحبّة وزرع الفُرقةَ بين الأخوّة ، وبخّرَ المحبّةَ من القلوب ، وعمّق الانشقاقات، فأضحت العائلات ؛ وأكاد اقول كلّ العائلات مشروخةً ، مُنهكةً من الخلافات والصّراع على شبرٍ من الأرض هنا ، وشبريْنِ هناك ، وطريق هنالك وموقف للسيّارة ..... خلافات نخشى ان تتطوّر وتتفاقم فتكون سببًا في نزيفِ دمٍ أو ازهاق روح.
مَنْ يدري ؟!!
كثيرًا مأ اقول في نفسي ولنفسي وأنا أرى واسمع مثل هذه الحوادث أقول : شكرًا لله الذي لم يرزقني من الارض كثيرًا ، شكرًا فأنا أرتع وأمرح في مساحات الطمأنينة وهدأة البال.