الجريمة العظمى التي ارتكبها "مبارك" في حق مصر والمصريين
بقلم: صبحي فؤاد
سرقة أموال الشعب المصري المسكين، والتحريض على قتل المتظاهرين عقب قيامهم بمسيرات سلمية في شوارع وميادين القرى والمدن المصرية، وإطلاق سراح عتاة المجرمين والقتلة من السجون لإحداث فوضى ونهب وسلب وترويع للمواطنين وإجهاض وإفشال ثورتهم.. لا شك إنها جرائم كبرى إذا ثبتت بمعرفة رجال القضاء ضد الرئيس السابق "مبارك" فلابد أن ينال العقاب المناسب عليها طبقًا للقوانين الدولية والمصرية.. نعم كل التهم العديدة التي وجَّهها النائب العام للرئيس السابق هي جرائم خطيرة يجب أن يسأل ويُحاسب عليها، وينال الجزاء المناسب عليها إذا وُجد إنه مذنب.
ولكن من وجهة نظري الشخصية، فإن أخطر الجرائم التي ارتكبها الرئيس السابق "مبارك" هو ورجال نظامه السابق- في مقدمتهم وزير الداخلية "حبيب العادلي" و"فتحي سرور" وغيرهم- ليس استغلال النفوذ أو نهب أموال البلد أو سرقة خزينتها أو حتى إعطاء الأوامر بقتل مئات المتظاهرين، وإنما الجريمة الأخطر من كل هذا وذاك هو تدمير الهوية المصرية، وتمزيق الوطن، وتخريب العلاقة بين أبنائه من مسلمين ومسيحيين، وزرع الفتن والسموم بين الناس- وخاصةً في الصعيد والأرياف- وزرع الكراهية والتطرف في عقول وقلوب وأفكار غالبية المصريين على مدار الثلاثين عامًا أو أكثر التي قضاها في الحكم.
جريمة "مبارك" العظمى التي لا يمكن مغفرتها له أو التسامح بشأنها معه، كانت إلغاء الهوية المصرية تمامًا واستبدالها بهوية أخرى يصعب على المرء منا تسميتها أو إيجاد مثيل آخر لها في العالم.. لقد أصبحت "مصر" في عهد "مبارك" مجرد جماعات متنافرة وشلل وفرق منقسمة على ذاتها، تتربَّص وتحارب بعضها البعض.. أقباط ومسلمين.. كنيسة وجامع.. شيخ أزهر وبابا الأقباط.. إخوان مسلمين وسُنَة وشيعة وبهائيين.. أقباط مهجر وأقباط تابعين للبابا "شنودة" وأقباط آخرين غير راضين عليه تابعين لوزارة الداخلية ومباحث أمن الدولة، وبابا آخر صنعه النظام بغباء عجيب في محاولة يائسة منه لتمزيق الكنيسة المصرية!!
لقد حرَّض "مبارك" المسلم على قتل المسيحي.. وحرَّض المسلم على المسلم والمسيحي على المسيحي.. اشترى النفوس الضعيفة من المصريين بأرخص الأثمان وأبخسها، وزرعهم في كل بيت وحارة وشارع وجامع وكنيسة ونادى ونقابة مهنية أو عمالية ووسيلة إعلام وكل مؤسسة من مؤسسات الدولة؛ لهدم المجتمع المصري وتفكيكه قطعة قطعة، وإلهاء الجميع في الصراعات والتفاهات، ومحاربة بعضهم البعض لكي يعيش هو وشلته في هدوء وسلام على كرسى العرش بمصيفه المفضَّل "شرم الشيخ" بلا منافس أو شريك في الحكم باستثناء أفراد أسرته.
إن الخراب الذي أحدثه "مبارك" في نفوس المصريين وقيمهم وأخلاقياتهم وسلوكياتهم، والسموم والكراهية التي زرعها في عقول وقلوب الملايين منهم، لا يقل بأي حال من الأحوال في بشاعته وفظاعته عن قتل الأبرياء المسالمين الذين خرجوا للتعبير عن غضبهم في الشوارع المصرية يوم 25 يناير.. ولن يكون في مقدور ثورة 25 يناير أو غيرها إصلاح ما أفسده وخرَّبه هذا الحاكم السابق وشلته، وإنما سوف يستغرق الأمر عشرات السنين، ربما جيل أو أكثر، هذا إذا ما سارت كل الأمور في إتجاهها الصحيح بكل قوة ونية خالصة صادقة للإصلاح وتنقية الأجواء، ولم شمل الأسرة المصرية من جديد لإعادة بناء الوطن واللحاق بالدول التي سبقتنا في ركب الحضارة والتقدُّم.
أخيرًا، تُرى هل يتفضَّل السيد النائب المصري بسؤال الرئيس السابق: لماذا كان يُصرِّ على إتباع سياسة "فرِّق تسد" في تعامله مع شعبه ولصالح منْ كان يكرِّس كل جهده لهدف واحد لا غير ألا وهو تمزيق وحدة المصريين، وزرع الفتن والكراهية بينهم، وجعلهم أعداء أنفسهم وتفكيك "مصر" قطعة قطعة. حتى صار حالها لا يسر عدوًا أو حبيبًا رغم العهد والقسم الذي أقسمه بالحفاظ على وحدة "مصر"، والعمل على رفع شأنها، ورعاية كل فرد من أبناء شعبها؟؟
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :