ليس من بينهم أي مصري... أشهر 10 علماء في دراسة علم المصريات
منوعات | raseef22
الاربعاء ١٥ نوفمبر ٢٠١٧
فرضت الحضارة المصرية القديمة نفسها على موائد البحث والتنقيب كونها واحدة من أقدم حضارات الكون، كما استطاعت أن تتصدر اهتمامات وشغف المئات من علماء العالم بشتى جنسياتهم، وكانت محط أنظار الباحثين في الشرق والغرب على حد سواء طيلة العقود الماضية.
وبالرغم من مصرية تلك الحضارة، جغرافياً وتاريخياً، إلا أن العلماء الأبرز في دراسة "علم المصريات" وهو أحد فروع علم الآثار الذي يختص بدراسة التاريخ المصري القديم من آداب ولغة وفنون وديانة وحفريات، هم أجانب.
هذا هو الواقع، كما يؤكد باحثون وأساتذة الآثار المصريون. وهؤلاء العلماء لم يأخذوا صفة الأبرز عن عبث بل لاكتشافاتهم الأثرية.
1- جان فرانسوا شمبوليون (1790-1832) Jean-François Champollion
وضع اللبنة الأولى لدراسة اللغة المصرية القديمة "الهيروغليفية" من خلال اكتشافه لرموز حجر رشيد عام 1828، أثناء الحملة الفرنسية على مصر. كذلك فتح الباب لدراسة الترابط والعلاقة القوية بين اللغة المصرية القديمة واللغة اليونانية، كما أنه أول من دعا إلى تقنين سرقة الآثار المصرية حين تقدم بطلب إلى محمد علي، والي مصر حينذاك، لإصدار قانون يحد من السرقة.
وكان عضواً في عدد من المنظمات الأثرية في العالم مثل: الجمعية الآسيوية الفرنسية، والمعهد الألماني للآثار، والأكاديمية الملكية الهولندية للفنون والعلوم، والأكاديمية الروسية للعلوم، والأكاديمية الملكية السويدية للرسائل والتاريخ والآثار.
2- هاورد كارتر (1874-1939) Howard Carter
عالم أثار بريطاني الجنسية، شغف بدراسة الآثار المصرية منذ نعومة أظافره. وعقب الاحتلال البريطاني لمصر قرر أن ينتقل لدراسة التاريخ المصري القديم عن قرب، فعمل في مواقع أثرية كثيرة في مناطق منها: تل العمارنة والدير البحري وإدفو وأبو سمبل.
يعد Carter أحد أبرز العلماء الذين حفروا أسماءهم في تاريخ علم المصريات لما حققه من اكتشافات قيمة، لعل أبرزها اكتشافه لتمثال "توت عنخ آمون" أحد فراعنة الأسرة المصرية الثامنة عشرة، وذلك في نوفمبر 1922، ويعد هذا الاكتشاف أبرز اكتشاف أثري على مر التاريخ، وكان له صدى عالمي غير مسبوق.
هذا بالإضافة إلى جهوده في اكتشاف بعض الآثار المتعلقة بالملكة حتشبثوت، أشهر ملكات مصر في الأسرة الثامنة عشرة، وذلك بالدير البحري عام 1899.
3- إدوارد نافيل (1844-1926) Édouard Naville
عالم سويسري الجنسية، زار مصر عام 1865 ليبدأ رحلته في اكتشاف اللغة المصرية القديمة والتنقيب عن الآثار. عمل في مناطق آثرية أهمها "تل بسطة" بالقرب من محافظة الشرقية حالياً.
ارتبط في عمله الأثري بالنصوص الشمسية (النصوص التي كان يتلوها المصريون القدماء لمنحهم الحياة من قبل الإله "رع" إله الشمس عند المصريين، في البعث والخلود) وكتاب الموتى عند المصريين (هو كتاب العالم الآخر، الذي يضم بعض النصوص والصلوات الجنائزية التي تعتبر مرشداً للمتوفي نحو الوصول إلى المكانة التي يقطن فيها الأبرار، أصحاب الأعمال الصالحة).
من أبرز إنجازاته العلمية في مجال المصريات الإسهام في الحفر والتنقيب عن معبد حتشبسوت بالدير البحري، كذلك معبد منتوحتب الثاني من الأسرة الحادية عشرة في الدولة الوسطى من التاريخ المصري القديم. ويحتوي المتحف البريطاني بلندن ومتحف الفنون الجميلة في بوسطن على أبرز اكتشافات Naville.
أول عالم أجنبي يلقب بـ"باشا" وهو لقب مصري رفيع حينذاك، وذلك بعد الاكتشافات التي قام بها وأثرت المكتبة الأثرية في مصر، إذ أسس المتحف المصري بالقاهرة.
له العديد من الاكتشافات منها: مدفن العجول (السرابيوم)، معبد الدير البحري، إضافة إلى بعض الآثار في معبد الكرنك وهابو بالأقصر، كذلك اكتشافه تمثال خفرع بالجيزة، وتمثال الكاتب الجالس في سقارة، وتمثال شيخ البلد في سقارة.
عالم أثار فرنسي من أصول إيطالية، قدم إلى مصر على رأس بعثة فرنسية عام 1881. له العديد من الاكتشافات الأثرية في سقارة وغيرها إلا أن اسمه ارتبط بصورة كبيرة بالدير البحري بالأقصر والذي عمل في مجال التنقيب والحفائر به لفترات طويلة. كما أنه مؤسس المعهد الفرنسي للآثار بالقاهرة، والذي أنشأه خصيصاً لدراسة الآثار المصرية بجميع فروعها وأنواعها.
قام باسترداد المئات من القطع الأثرية المصرية المسروقة والمهربة إلى الخارج ووضعها في المتحف المصري بالقاهرة، كما كان له دور محوري في سن قانون يمنع التنقيب عن الآثار إلا للبعثات العلمية فقط في محاولة لتقنين هذه العملية التي عرضت معظم أثار مصر للسرقة والتهريب وذلك عام 1912.
6- ألفرد لوكاس (Alfred Lucas (1867-1945
عالم آثار إنجليزي، وضع اللبنة الأولى لدراسة التحليل الكيميائي للمعادن والأحجار الأثرية، وكان له فضل كبير في تحليل العديد من العينات التي استطاع كشفها في بعض الحفائر، إضافة إلى توثيقه لطرق المحافظة على الآثار وحمايتها من التلف نتيجة العوامل البيئية والكيميائية المختلفة، ومن أشهر مؤلفاته في مجال الترميم كتاب: المواد والصناعات المصرية القديمة.
7- (Wilkinson john (1797-1875
عالم مصريات إنجليزي، مولع بدراسة التاريخ المصري القديم، قدم إلى مصر وعمره 24 عاماً واستقر بها تسع سنوات كاملة استطاع خلالها أن يوثق سلوكيات المصريين القدماء من خلال الرسوم والنقوش والمناظر العامة على جدران مقابر كبار الشخصيات في البر الغربي، ما أهله لأن يلقب بـ"مؤرخ" العادات المصرية، ومن أشهر مؤلفاته: سلوكيات وعادات المصريين القدماء، الذي نشر في ثلاثة مجلدات عام 1837.
8- رودولف كاسر (Rodolphe Kasser (1927-2013
سويسري الجنسية، أحد أبرز علماء اللغة القبطية، الخط الرابع من الخطوط المصرية القديمة، والمرحلة الخامسة من مراحل اللغة المصرية القديمة، تميز بإنتاج غزير من المراجع والدراسات في اللهجات القبطية.
تعد الفترة من 1964 - 2005 أبرز فترات حياته ثراءً في مجال التأليف والبحث في علوم القبطيات، إذ نشر العديد من المخطوطات اليونانية والقبطية الهامة في مكتبة بودليان (المكتبة البحثية الرئيسية في جامعة أكسفورد، وثاني أكبر مكتبة في بريطانيا بعد المكتبة البريطانية)، ومعظمها من الكتاب المقدس.
9- فلندرز بيتري (Flinders Petrie (1853-1943
عالم مصريات بريطاني الجنسية، أول من اكتشف الطرق الهندسية لبناء أهرامات الجيزة، كما قام بالعديد من الحفائر في هذه المنطقة، واكتشف العديد من المقابر الموجودة بها، إضافة إلى قيامه بعدد من المشروعات البحثية في مجال التنقيب عن الآثار في منطقة تانيس (صان الحجر بمحافظة الشرقية) ومنطقة تل نيشة بدلتا النيل.
10- ستيفن كويرك Stephen Quirke
عالم بريطاني الجنسية، من أبرز الباحثين المتخصصين في دراسة اللغة المصرية القديمة، كما قام بالعديد من عمليات الحفر والتنقيب في منطقة اللاهون بمحافظة الفيوم، وتوصل من خلالها إلى توثيق الحياة العامة لسكان تلك المنطقة سواء من حيث طبيعة التعليم، حياة المرأة والأطفال، والطب، وغيرها من مظاهر الحياة الاجتماعية.
دعم ضئيل ومنظومة علمية فاشلة
الدكتورة علا العجيزي، أستاذة علم المصريات وعميدة كلية الآثار في جامعة القاهرة سابقاً، أكدت أن العصر الذهبي للاكتشافات الأثرية في مصر كان خلال فترة 1798-1801، حين نجح علماء الحملة الفرنسية والمقدر عددهم بـ150 عالماً في اكتشاف مئات المعالم الأثرية التي وثقت في كتاب "وصف مصر" والذي تضمن 11 مجلداً، فضلاً عن فك رموز حجر رشيد عن طريق العالم "فرانسوا شامبليون" عام 1828 والذي يعد اللبنة الأولى لدراسة اللغة القبطية القديمة.
العجيزي أشارت لرصيف22 إلى أن أسبقية العلماء الأجانب في دراسة علم المصريات جاءت نتيجة الاكتشافات التي خرجت بها الحملة الفرنسية، إذ توالت البعثات الأجنبية بعدها للتنقيب والحفر عن الآثار، في الوقت الذي تراجع فيه اهتمام المصريين بهذا العلم في ظل تدني المستوى الاقتصادي لمصر حينها، فضلاً عن خضوعها لحقبة طويلة من الاستعمار الذي لم يراع مثل هذه الجوانب الثقافية أو العلمية.
وأشارت عميدة كلية الآثار بجامعة القاهرة سابقاً إلى أن الإنجازات التي حققتها البعثات الأجنبية في الحفريات المصرية كانت دافعاً قوياً للمؤسسات البحثية والعلمية الدولية لتمويل حملات تلك البعثات إلى مصر، ومن ثم توفير كافة الخدمات والموارد وهو ما سهل عملها، وساعد على تحقيق المئات من الاكتشافات. في الوقت الذي تبخل فيه المؤسسات المصرية عن دعم علمائها، ما فتح الباب أمام العلماء الأجانب لتحقيق النجاح تلو الآخر، واكتفى المصريون بدور المساعد أو الناقل لهذا الاكتشاف فحسب.
وأضافت أن عيوب نظام التعليم ومنظومة البحث العلمي في مصر من الأسباب الكامنة وراء تصدر العلماء الأجانب لعلم المصريات حتى الوقت الراهن، فبعيداً عن مسألة الدعم التي تشكل العصب الأساسي لتصدر الأجانب، إلا أن الآليات المعمول بها إدارياً وفنياً أحد أبرز الأسباب.
وتساءلت: كيف يمكن أن تستقبل كليات الآثار بمختلف جامعات مصر آلاف الطلبة في الوقت الذي لم يكن هناك أساتذة يكفون لهذا الكم الهائل غير المبرر؟ لافتةً إلى لجوء بعض الكليات إلى عقد اتفاقيات تعاون وتوأمة مع بعض الكليات الأجنبية بما يسمح بسفر العشرات من الباحثين إلى الخارج لتلقي علوم المصريات المختلفة على أيدي علماء أجانب، وهو ما بات ظاهرة في الآونة الأخيرة.
نبلاء أوروبا وسماسرة المتاحف
"بزيارة واحدة لمتحف اللوفر بباريس أو المتحف البريطاني بلندن يمكنك أن تقف على حجم سرقة الآثار المصرية بصورة غير متوقعة". بهذه الكلمات علّق الدكتور عبد الرازق النجار، أستاذ ترميم الآثار بجامعة الفيوم، والمنسق المصري للمشروع المصري - الإيطالي المعني ببحث استخدام الأجهزة الإلكترونية والكيميائية المعملية الحديثة لدراسة المواد الأثرية المصرية القديم، على تصدر الأجانب لدراسة علم المصريات.
النجار أضاف لرصيف22 أن أكبر الأجنحة في المتاحف العالمية هي المخصصة للآثار المصرية، وتدر الجزء الأكبر من دخول تلك المتاحف، لافتاً إلى أن نبلاء أوروبا القدماء كانوا شغوفين جداً بالآثار المصرية لما تمثله من قيمة مادية عالية، فكانوا يحرصون على التنقيب عن الآثار بمشاركة بعض البعثات الأجنبية للحصول على الآثار بأي ثمن، ثم بيعها لكبرى متاحف العالم مقابل أموال طائلة.
وأشار إلى أن معرفة أثرياء أوروبا وعلمائها بقيمة الآثار المصرية في مقابل جهل المصريين بمكانة حضارتهم وتاريخ بلادهم كان وراء شغف علماء العالم بدراسة التاريخ المصري والتفوق فيه، مؤكداً أن النبوغ الأوروبي لم يكن في مجال الحفريات والآثار المصرية فحسب، بل كان في دراسة المصريات بكل فروعها، من ديانة ولغة وترميم وتاريخ، فيما اكتفى دور المصريين بالنقل عن الأجانب.