شرطة الناس إللي فوق!
بقلم: مينا ملاك عازر
خرجت الشرطة ولم تعد منذ أحداث يوم الثامن والعشرون من يناير الماضي. ورغم تغيير وزيرين، لكن شرطتنا الهمامة لازالت مُحرَجة، قل مكسوفة كشادية، قل مستحية مثل الست المستحية أو الحرنكش! أنا لا أمزح ولا أهرِّج فهي الحقيقة. فاقرأ معي الصحف "ثلاث بلطجية يهدِّدون ضابطين شرطة ويأخذون ما معهم"!!!.. "إنقاذ العامة لأمين شرطة من يد بلطجي"!!! دعك مما تنشره الصحف، واقرأ معي الآتي. لقد كتبت في مقالاتي بعامود "لسعات" عن امرأة تُضرب ضرب مبرح في مترو الأنفاق ولا منقذ، رجل يخطفون سيارته في الصباح الباكر ولا منقذ له. وخذ عندك ما لم أنشره وسأنشره الآن..
تحكي صديقة لي عن قريبة لصديقتها التي خُطِفت، فقد أوصلت ابنها للحضانة ولم تعد، وعن أخرى يحكون عنها زملائها، إنهم شاهدوها تُخطف في تاكسي قرب سوق الخلفاوي بـ"شبرا"، يعني في "القاهرة" يا سادة!! ناهيك عن أخت خطيبتي التي لا تستطيع العودة من مدرستها بمفردها بسبب القلق الذي يحيط بالمدرسة التي تذهب لتتعلم فيها. ويوم السبت الموافق التاسع من إبريل، وأمام محطة مترو أنفاق "حلمية الزيتون"، حدث إطلاق نار، مما تسبَّب في أن ينصرف صديقي وزملاؤه من عملهم قبل مواعيد العمل الرسمية خوفًا؛ لأنه لم يوجد من ينقذ. وهذا ما لم تنشره الصحف.. غير أن هناك الكثير من القضايا التي نشرتها الصحف التي تنتظر من يحلها، ودعني أقول لك إنه قد تزايدت نسبة الاغتصاب والقتل والسرقة والبلطجة في الآونة الأخيرة عن معدلها الطبيعي، ولنفترض أن هناك ضبط لجناة هذه الحوادث، فالسؤال: لماذا تزايدت؟!
أرجوك، لا تقل لي إنه النظام الماضي وأذنابه وفلوله وذيوله ورجاله، وما إلى ذلك. لأنه وإن كان كل هذا صحيح، فسأسلم لك بهذا السؤال: أين الشرطة؟ وأين الشرطة العسكرية؟ وأين الشعب المصري الشريف؟! أسمعك يا من تقل لي: لا الشرطة موجودة، ولا تخيف الناس، فقد قبضوا على خاطفي ابنة "عفت السادات"، وقاتل "محمد داغر" مصمِّم الأزياء الشهير.. نعم قاموا بهذا، ولكنني أرى أن ما فعلوه في القضية الأولى يرجع لأهمية الرجل، ولأنها أثارت ضجة في الرأي العام، واذكروا أن المتحدِّث الإعلامي يومها في المؤتمر الصحفي، قال إن الرئيس الوزراء ورئيس المجلس الأعلى العسكري، كانا مهتمان بأنفسهما بالقضية. فأظن أن هناك أكثر وأهم من هذا السبب لاهتمام الشرطة بقضية مثل هذه التي سلط عليها الإعلام كل أضوائه، وهزَّت القلوب، مع إنني أظن أنها تكرَّرت في كثير من الأحيان. المهم بالنسبة للقضية الثانية، فأظنك لا تختلف معي في أنها قضية رأي عام، ناهيك عن سهولتها وقبضهم على قاتل يسوق سيارة القتيل! دون مجهود منهم، ناهيك عن دموع الحسنوات اللائي بَكَينَ القتيل، أعني بالحسنوات طبعًا نجمات الفن اللائي كن يتعاملن معه.
من الآخر، أنا أرى أن الشرطة التي عادت هي شرطة الناس إللي فوق، نعم الناس إللي فوق، وما يؤسفني أكثر أن الصحافة والإعلام صارا هكذا يهتمان بقضايا الناس إللي فوق، مع أن الأصل في الأمور إننا نهتم بالجميع، بكل المواطنين، من له ظهر ومن ليس له. فإن لم تعد الشرطة، وإن لم يعد الأمن، فلن يكون لـ"مصر" نهضة.
المختصر المفيد، دون أمن لا تقدُّم، ولا نهضة، ولا نجاح للثورة.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :