الأقباط متحدون - حديث آخر الشهر
  • ١٦:٠٨
  • الاثنين , ٣٠ اكتوبر ٢٠١٧
English version

حديث آخر الشهر

د. مينا ملاك عازر

لسعات

٣٤: ٠٩ ص +02:00 EET

الاثنين ٣٠ اكتوبر ٢٠١٧

صور_أرشيفية
صور_أرشيفية
د. مينا ملاك عازر
في إحدى الجامعات سأل الدكتور طلابه: إذا كان هناك ٤ عصافير على الشجرة وقرر ٣ منها الطيران.. فكم بقي على الشجرة؟ فأجاب الجميع "واحد".. وفجأة اختلف معهم أحد الطلاب وقال الذي بقي "٤" عصافير.. فكان الانبهار..! فسأله الدكتور كيف ذلك؟ فقال: لقد قلت "قرروا الطيران" ولم تقل "طاروا" واتخاذ القرار لا يعني تنفيذه..! وكانت الإجابة الصحيحة بالفعل..! هذه القصة تلخص حياة بعض الأشخاص، تجد في حياتهم الكثير من الشعارات والكلمات الرنانة تجدهم نجوماً في المجالس وبين الأصدقاء، لكنهم ليسوا كذلك في حياتهم الحقيقية.

الكثير يتكلم والقليل يفعل، فكونك تقرر شيء وكونك تفعل شيء آخر، وضعك  وقيمتك وحالك لا يحدده قرارك أو نيتك وأمنياتك بل تحدده أفعالك وتنفيذ طموحاتك وتحقيق أهدافك، والبدء في مشوار أحلامك. لا يهم ماذا تقول بل المهم ماذا تفعل؟ فلن يتحقق ما تريد بمجرد قرار بل بكل خطوة تخطوها لتنفيذ القرار.
 
هذه القصة لا تنطبق على الأشخاص فحسب بل على الجماعات والمجتمعات والدول والحكومات والحكام الذين أحلامهم لأوطانهم كبيرة وقراراتهم عظيمة ولكنها لا ترى النور، أفكارهم وطموحاتهم هائلة لكنها لا تجد صيغة تنفيذية فتصبح والعدم سواء أو يتم تنفيذها بأسلوب فاشل وغير مهني ولا احترافي فيكون عدم اتخاذ القرار أرحم على الشعوب والمجتمعات من اتخاذ تلك القرارات التي كلها طموحات وعامرة بالأحلام والأمنيات الجميلة والتي تبدو صادقة.
 
فأكم من قرارات تم اتخاذها بداعي أنها تصب في مصلحة المواطن والشعب المقهور والمطحون لكنها في الحقيقة كانت تصب في مصلحة الحكومات والحكام ورجال الأعمال الذين يعولون الحكومات، والدول التي تعول الحكومات والحكام في طموحاتهم وتصبح القرارات هذه التي تنبض حيوية وآمال وأمنيات مجرد وسيلة لسحل وطحن المواطن الغلبان التي ادعت الحكومة أن القرار يصب في مصلحته.
 
أكم من حكومات فاشلة اتخذت قرارات بوازع وطني لكنها لكونها لا تجيد تنفيذ القرار كان القرار وبالاً على المواطنين، أو لكونها لا تفهم احتياج شعوبها فتتخذ القرار الصحيح في التوقيت الخاسطئ فيصبح القرار ونتائجه كلهم خطأ في خطأ، بل ليس خطأ فحسب وإنما في الحقيقة جريمة إنسانية سيبقى التاريخ يذكرها لهم ما دامت شعوبهم موجودة.
 
أخيراً، ما سبق لا يزد عن كونه حديثاً بعيداً كل البعد عن السياسة والواقع الذي نعيشه، ربنا يكفينا شر القرارات الكارثية والمفجعة، ويبعد عنا الحكومات التي تنتفع من رجال الأعمال، وتعمل على إرضائهم، وراحتهم، وتأخذ من الشعوب لتصفي دمهم وتأخذ من رجال الأعمال والدول الجارة والصديقة لتعيش وتصرف على قراراتها وطموحاتها الشخصية.
 
المختصر المفيد اتخذ قراراً مدروساً ونفذه أحسن من ادعائك اتخاذ القرارات أو العيش في الأحلام والأمنيات، اصلح واقعك أولاً.