مصر على موعد فى منتصف عام 2018 لمناقشة التقرير الدورى الشامل الثالث فى مجلس حقوق الإنسان، وهو التقرير الذى يتضمن ما تم إنجازه من التوصيات التى قبلتها الحكومة المصرية ووافقت على الالتزام بها وتطوير تشريعاتها وقوانينها بناء على هذه التوصيات، لكى تؤكد الالتزام بتنفيذ المواثيق والاتفاقيات الدولية التى سبق أن وقعت عليها مصر، وأصبحت بموجب المادة 93 بمثابة قانون داخلى، التى تنص على «تلتزم الدولة بالاتفاقات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى تصدق عليها مصر وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة»، ورغم أن التوصيات بلغت 300 توصية إلا أن الحكومة المصرية قبلت والتزمت بنحو 220 توصية، وكثير من هذه التوصيات فى الحقيقة يتطلب تعديلات تشريعية سواء بإصدار قوانين جديدة أو بإدخال تعديلات على قوانين قائمة، وكذلك توصيات بالتصديق على الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية مكافحة الاختفاء القسرى أو التعامل بإيجابية مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان، وبشكل خاص التجاوب مع المقررين الخواص الذين يطلبون زيارات للدولة بشأن فحص شكاوى لضحايا الانتهاكات، وهنا تأتى أهمية الدور الذى يلعبه البرلمان فى إنفاذ هذه التوصيات، بما يملكه من سلطة التشريع وفقاً للمادة 101 من الدستور.
وقد تضمنت التوصيات إصدار تشريعات لمحاربة العنف والتحرش الجنسى ضد المرأة، وهناك مقترحات بقوانين لدى المجلس القومى للمرأة يجب البدء فوراً فى مناقشتها وإقرارها، وكذلك تتضمن التوصيات ضرورة تعديل قانون العقوبات لتعديل المادة 126 من قانون العقوبات لكى تتبنى تعريف جريمة التعذيب، كما وردت فى اتفاقية مناهضة التعذيب، وكذلك إلغاء عقوبة الإعدام، وهى التوصية التى رفض الوفد الرسمى الموافقة على إلغائها وقدم شرحاً وافياً على الضمانات التى تطبقها المحاكم عند النظر فى عقوبات تصل لحد الإعدام، وإعداد تشريعات لمكافحة الإرهاب تتوافق مع معايير احترام حقوق الإنسان، أيضاً تضمنت التوصيات تعزيز واحترام حرية الرأى والتعبير والحق فى التظاهر السلمى ومكافحة الاتجار فى البشر، وتعديل قانون الإجراءات الجنائية لتقليل فترات الحبس الاحتياطى ومكافحة ظاهرة الإفلات من العقاب لمنتهكى حقوق الإنسان، وضمان المحاكمة العادلة والمنصفة، وأيضاً تعديل قانون الجمعيات الأهلية بما يضمن حرية عمل الجمعيات الأهلية وضمان عدم التدخل فى شئونها ووقف الإجراءات ضد المنظمات الحقوقية، كما تضمنت التوصيات تحقيق مبادئ المساواة وإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، بالإضافة إلى عدد من التوصيات المتعلقة بالتعليم والحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
دور البرلمان مهم وفى الحقيقة يستطيع أن يتعاون مع منظمات المجتمع المدنى والمجلس القومى لحقوق الإنسان لكى تتم بلورة الأولويات التشريعية التى تترجم التوصيات التى قبلتها الحكومة المصرية وأصبحت ملزمة بها، لا سيما أننا فى أمس الحاجة إلى تطوير ملف حقوق الإنسان المصرى بعدما تصاعدت الانتقادات، سواء فى مجلس حقوق الإنسان أو فى تقارير المنظمات الدولية غير الحكومية.
نحن فى أمس الحاجة لوضع خطة قومية لتطوير سجل مصر فى مجال حقوق الإنسان، تقوم على أساس التعاون مع المجتمع المدنى المصرى وإدخاله طرفاً فى تنفيذ الجانب التدريبى والرقابى لملف حقوق الإنسان وتقسيم الخطة على الوزارات المعنية، ليس هذا فقط وإنما أيضاً خلق آليات للإنصاف ومعالجة الانتهاكات والتفاعل مع تقارير المقررين الخواص ومجموعات العمل بما يعكس التزام مصر بتنفيذ التزاماتها واحترام قيم ومبادئ حقوق الإنسان.
المطلوب فى الحقيقة أن تعمل لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان على أن تكون الأولوية للتشريعات التى وردت فى التوصيات حتى نتمكن من إنجاز أكبر عدد ممكن من هذه التوصيات لكى نقدمها للأمم المتحدة أثناء مناقشة التقرير فى لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وقد يساهم هذا بشكل كبير فى تطوير سجل مصر فى مجال حقوق الإنسان.
نقلا عن الوطن