الأقباط متحدون - التحديات القانونية لـ إقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة
  • ١٨:١٤
  • الاربعاء , ٢٥ اكتوبر ٢٠١٧
English version

التحديات القانونية لـ "إقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة"

د. عوض شفيق

مساحة رأي

٣٤: ٠١ م +02:00 EET

الاربعاء ٢٥ اكتوبر ٢٠١٧

السيسي فى فرنسا
السيسي فى فرنسا

عوض شفيق
في تقديري أن من أخطر كلمات الانفعال التي أنهي بها الرئيس السيسي المؤتمر الصحفي في باريس عن حماية حقوق الإنسان في مصر "بأننا نحن لسنا في أوربا بتقدمها الثقافي والحضاري والإنساني ...نحن في منطقة أخرى". هذه العبارة لها تداعيات وتحديات قانونية وفقا لما أعلنه السيسي للمرة الثانية في باريس بأنه يسعى بإرادة سياسية "لإقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة". والمرة الأولى كانت في سبتمبر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

السادة الأفاضل، متطلبات إقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة" هي في القانون الدولي كيفية التطبيق المحلى- في القانون والممارسة الفعلية - للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان بوصفها وخصائصها بأنها حقوق متشابكة ومترابطة ولا يمكن تجزئتها وغير قابلة للتصرف في كافة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الخ وأهمها أن هذه الحقوق مضمونة دولياً.

فالنظام القانوني المحلى المصري خالي تماما من الناحية الفقهية القانونية ومن ناحية الممارسة الفعلية من الضمانات الدولية التي تفي بالمعايير الدولية وفى نفس الوقت يفتقر القانون المحلى إلى وسائل الانصاف لحقوق أخرى باعتبارنا "نحن في منطقة أخرى" من غير العالم - مثل حقوق الضحايا (الشهداء) وأهالي الضحايا في الجرائم الإرهابية وأولها الحق في معرفة الحقيقة – (سنكتب عنها لاحقا) -

ونود هنا ان نورد مثال على إحدى العقبات التي تواجه الإرادة السياسية التي أعلنها الرئيس في إقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة هو اعلان التحفظ العام على احكام اتفاقيات الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية الصادر في 1982 وأيضا بعض التحفظات على اتفاقيات حقوق المرأة والطفل. وخذوا مثال آخر في اعلان الإرادة السياسية عندما أعلنت تونس أن يكون قانون المساواة بين الرجل والمرأة في حقوق الميراث متوافقة مع اتفاقية عدم التمييز ضد المرأة. وقامت الدنيا من علماء الأزهر بأن هذا الإعلان من جانب تونس يخالف مبادئ الشريعة الإسلامية. هذا مثال واحد وعقبة قانونية واحدة تواجه الإرادة السياسية في إعلان وإقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة.

هذا التحفظ يضع القاضى - عندما ينظر قضية حقوقية معينة فى مكان حرج ومرتبكا عن قصد أو بدون قصد عند تطبيق الاتفاقيات الدولية ويجعله يصدر أحكامه متهكما على هذه الاتفاقيات مدعيا القول بأن مصر لها "خصوصية معينة بشأن التطبيق" وأن الشريعة الاسلامية سبقت العالم وسبقت الاتفاقيات الدولية فى حماية حقوق الإنسان" "ونحن فى منطقة أخرى من العالم.

اعتقد إذا صاحب هذه الإرادة السياسية من قبل الرئيس بمبدأ قانونى هام هو "مبدأ حسن النية" في الوفاء بالالتزامات القانونية الدولية الذى يقع على عاتق الدولة والمقررة في الاتفاقيات الدولية لأغراض تطبيقها في النظام القانوني المصري، سنكون على اول عتبة وخطوة قانونية في إقامة الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.
(جزء من محاضرة القتيها فى 2012 جامعة المنصورة حول وضع الدستور)

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع