الأقباط متحدون - كيف تناولت المصادر القبطية تفاصيل رحلة العائلة المقدسة إلى مصر؟
  • ٠٦:٥٨
  • الاثنين , ٢٣ اكتوبر ٢٠١٧
English version

كيف تناولت المصادر القبطية تفاصيل رحلة العائلة المقدسة إلى مصر؟

أخبار مصرية | رصيف 22

٥٦: ١٠ ص +02:00 EET

الاثنين ٢٣ اكتوبر ٢٠١٧

رحلة العائلة المقدسة إلى مصر
رحلة العائلة المقدسة إلى مصر

في الرابع من شهر أكتوبر الحالي، أعلن الفاتيكان تضمين العائلة المقدسة إلى مصر'>رحلة العائلة المقدسة إلى مصر في برنامج الحج الفاتيكاني لعام 2018م، وأثار ذلك الكثير من التساؤلات حول تلك الرحلة، وما ارتبط بها من خط سير، ومعجزات، والمصادر الدينية والتاريخية التي وردت بها أخبار تلك الرحلة وتفاصيلها الدقيقة، هنا عرض لأهمها.

المصادر التي أوردت تفاصيل الرحلة
من الغريب، إنه رغم الشهرة الكبيرة التي حظيت بها أخبار رحلة العائلة المقدسة في مصر، فإنه لا توجد أي مصادر تاريخية موثقة قد تطرقت لذكرها. والمصادر الرئيسة التي تناولت تفاصيل تلك الرحلة، هي عبارة عن مصادر دينية مسيحية، الكثير منها يعود لفترات تاريخية متأخرة نسبياً.

من أهم تلك المصادر، كتاب "ميمر رحلة العائلة المقدسة"، وهو كتاب ألفه بابا الإسكندرية الثالث والعشرون ثاؤفيلس المتوفى في 412م.

وبحسب الاعتقاد القبطي، فإن ثاؤفيلس كان قد عزم على إقامة كنيسة للعذراء، فتضرع وصلى كثيراً ليعرف مكان بنائها، فظهرت له العذراء في رؤيا منامية، وقصت له تفاصيل رحلتها مع ابنها في مصر، وخط السير الدقيق للرحلة، وهو ما سارع البابا لتسجيله في كتابه بعد ذلك.


ومن المصادر الهامة أيضاً، "السنكسار القبطي"، وهو كتاب يحوي سير الأباء القديسين والشهداء وتذكارات الأعياد وأيام الصوم وجميع الأحداث المهمة في المسيحية الأرثوذكسية.

وقد تضمن هذا الكتاب الكثير من التفاصيل الخاصة بالرحلة، والتي نقلت عن الأباء والقديسين عبر السنوات.

وإذا ما رجعنا للكتاب المقدس نفسه، سوف نجد أن إنجيل متى قد تطرق للرحلة بشكل سريع دون ذكر أي تفصيلات، أما العهد القديم، فقد وردت به بعض العبارات الغامضة، والتي تم تفسيرها في المسيحية على كونها نبوءات لرحلة المسيح إلى مصر، رغم أن اليهود أنفسهم قد فسروا تلك الآيات بشكل مختلف تماماً.

من تلك العبارات ما ورد في سفر أشعيا، في الاصحاح التاسع عشر: "هو ذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر، فترتجف أوثان مصر من وجهه، ويذوب قلب مصر داخلها".

وما ورد في سفر هوشع "ولما كان إسرائيل غلاماً أحببته، ومن مصر دعوت ابني".

أسباب الرحلة إلى مصر
بحسب ما يذكر إنجيل متى، فإن العائلة المقدسة إلى مصر'>رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، قد بدأت بعد ميلاد السيد المسيح، وبالتحديد بعد أن انصرف المجوس الذين قدموا لرؤيته بعد ولادته.

ويذكر إنجيل متى، أن السبب الذي دعا العائلة للارتحال إلى مصر، كان هو الهروب من قبضة هيرودس ملك فلسطين، الذي أمر بقتل كل الذكور الذين يولدون في شعبه، لما بلغه من المجوس، أن أحد الذكور المولودين سوف يصبح ملكاً على بني إسرائيل وإنه هو المسيح المنتظر الذي بشرت به الكتابات الإسرائيلية القديمة.

ومن المهم هنا، أن نلاحظ التشابه ما بين تلك الرواية، التي انفرد بها إنجيل متى، دوناً عن باقي كتب العهد الجديد، من جهة، وما ذكر في العهد القديم والقرآن الكريم من قيام فرعون مصر بقتل جميع ذكور بني إسرائيل من حديثي الولادة، من جهة أخرى.

أقوال جاهزة
عن قصة العائلة المقدسة إلى مصر'>رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، والمدن التي حلت بها، والمعجزات التي حمتها


من قام بالرحلة؟
تذكر المصادر التي أرخت للقصة، أن هناك أربعة أفراد قد اشتركوا معاً في الرحلة إلى مصر.

الأول، وهو المسيح عيسى بن مريم بحسب النظرة الإسلامية، أو يسوع بحسب النظرة المسيحية، وهو مصدر وسبب القداسة في الرحلة، لكونها قد تمت بالأساس لإنقاذ حياته وتخليصه من يد المتعقبين له.

الشخصية الثانية، هي مريم العذراء، والتي تذكر بعض النصوص المسيحية، أن عمرها وقت بدء الرحلة كان في حدود الخمسة عشر عاماً.

أما الشخصية الثالثة، فهي يوسف النجار، وهو شخصية معروفة في النصوص المسيحية، في حين أنه لم يُذكر على الإطلاق في المصادر الإسلامية الأصيلة، سواء في القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية.

وبحسب الاعتقاد المسيحي التقليدي، فإن يوسف النجار، كان خطيب لمريم، وكان الزوج المستقبلي لها قبل ميلاد المسيح. وقد أُعتبر يوسف، الأب الأرضي ليسوع، فتم الربط ما بين نسب الأول والثاني، وتم التأكيد على ذلك في مواضع مختلفة من العهد الجديد.

وتقدم الروايات المتعلقة بالرحلة، يوسف، في دور حامي العائلة ومعيلها، فهو الذي تلقى الأمر الإلهي بالخروج إلى مصر، كما أنه هو نفسه الذي تلقى البشارة بالعودة إلى أرض فلسطين.

الشخصية الأخيرة من شخصيات الرحلة، هي شخصية سالومة أو سالومي، وهي غير سميتها التي طلبت قتل يوحنا المعمدان من الملك هيرودس.


ومن غير المعروف على وجه الدقة سبب اصطحاب العائلة لسالومي معهم في رحلتهم، حيث تشير بعض المصادر إلى أن سالومي كانت قابلة، وأن يوسف قد استدعاها لمساعدة مريم في ولادتها، ولكنها لما وصلت، وجدت العذراء وقد وضعت وليدها؛ بينما توجد تفسيرات أخرى تقول بإن سالومي كانت قريبة لمريم، وأنها كانت أختها أو خالتها.

وتذكر الأناجيل أن سالومي كانت أم لإثنين من تلاميذ المسيح، وهما يعقوب ويوحنا ابني زبدي، ولا نعرف بالضبط سن سالومي أثناء توجهها إلى مصر مع العائلة المقدسة، وإن كان قد ورد وصفها في بعض النصوص بالعجوز، وهو ما يُفهم منه كبر سنها.

وبالإضافة إلى الشخصيات الأربعة الرئيسة التي ذكرناها، فإن هناك بعض الشخصيات الفرعية التي اشتركت في بعض مراحل تلك الرحلة، ومنهم المصري قلوم الذي ساعد العائلة في تل بسطة، ويوسي قريب يوسف النجار، الذي قدم من فلسطين لتحذير العائلة من تعقب جنود هيرودس لهم.

أهم محطات الرحلة
تؤكد المصادر القبطية، على أن العائلة المقدسة إلى مصر'>رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، قد تمت في جو مُحاط بالسرية والتكتم، حتى أن يوسف النجار لما خرج من فلسطين، قد اتخذ طريقاً مهجوراً غير معروف في ذلك الوقت.

وقد اتسمت الرحلة، بمظاهر المشقة والتعب والإرهاق، خصوصاً أن التفاصيل الخاصة بها، تبين أن معظم الأهالي الذين مرت عليهم العائلة المقدسة، قد تعاملوا معها بكل خشونة أو غلظة وابتعدوا عن روح الضيافة والود.


وقد بلغ عدد القرى والمدن التي توقف فيها ركب العائلة المقدسة، عما يزيد عن ثلاثين مكاناً، موزعين على جهات مصر الأربع.

كانت رفح هي أولى المدن المصرية التي توقف فيها يوسف النجار ومرافقيه، وبعدها تحرك إلى تل بسطة، التي تقع بالقرب من مدينة الزقازيق، على أطراف الدلتا، فدخلها في يوم 24 بشنس، بحسب ما تحتفل الكنيسة القبطية كل عام.

وبعد فترة قصيرة، تحرك الركب إلى مسطرد، الواقعة بالقرب من مدينة القاهرة الحالية، ويقال إن المسيح قد اغتسل في مكان بها، أُطلق عليه من وقتها اسم المحمة.

بعد ذلك توغلت العائلة غرباً، فمرت على سمنود ثم البرلس وبعدها مدينة سخا، وفيها انطبعت قدم المسيح على الصخر، فعُرفت المدينة باسم بيخا إيسوس، بمعنى كعب يسوع.

وتابعت العائلة السير غرباً، حتى وصلت إلى وادي النطرون، وهو المكان الذي اختاره الرهبان المسيحيون بعد ذلك لإقامة أديرتهم فيه.

أما أون، مدينة المصريين المقدسة، فكانت المحطة التالية في مسار الرحلة، وبعد الخروج منها بدأ التحرك جنوباً في صعيد مصر، حيث حطت العائلة المقدسة أثقالها في أرض البهنسا، ثم وصلت لسمالوط، وجبل الطير، وقد بُنيت فيه كنيسة كبيرة، قيل إن العائلة قد مكثت في موضعها لبعض الوقت أثناء رحلة هروبها.

وبعد جبل الطير، تابع يوسف المسير، حتى وصل لجبل فسقام الذي يبعد 12 كيلومتر غربي القوصية، وهناك مكثت العائلة في إحدى المغارات المستورة مدة تزيد عن ستة أشهر متوارية عن أعين المتربصين والمترقبين.

وفي تلك المغارة تحديداً، تم تدشين دير المحرق، المعروف باسم دير العذراء مريم، وهو –بحسب التقليد القبطي– أول الكنائس التي شيدت في العالم.

المعجزات التي وقعت أثناء الرحلة
تذخر المصادر القبطية، بأخبار المعجزات التي وقعت من جانب المسيح وأمه العذراء في جميع المدن والقرى التي مروا عليها في ترحالهم.

وقد حظيت تل بسطة بنصيب الأسد من تلك المعجزات، حيث قيل إنه لما رفض أهل تلك المدينة تقديم الماء للعائلة، فإن يوسف النجار ضرب الأرض بحديدة، فانفجر منه ينبوع ماء عذب، شربوا منه جميعاً.

وعندما التقى شخص طيب يدعى قلوم بالعائلة، وعرض عليهم زيارة منزله، ذهب معه الأربعة، وعندما وصلوا للمنزل تأسف قلوم لهم، لعدم قدرة زوجته المريضة على استقبالهم والترحيب بهم، لكونها مريضة ولا تغادر الفراش، عند ذلك تذكر بعض الكتابات أن المسيح قد بارك المنزل، وقال لقلوم "الآن امرأتك لن تكون بعد مريضة"، فنهضت المرأة ورحبت بهم.

وفي تل بسطة أيضاً، يُحكى أن العذراء قد ذهبت مع المسيح لزيارة معبد الإله باست، الذي تنتصب فيه الأوثان والأصنام، وبمجرد دخولهما، فإن جميع التماثيل قد سقطت وانكسرت دون أن تمسها يد، وسط دهشة وذعر الحضور من المصريين الوثنيين.

 معجزة المعبد الوثني

أما في بلبيس، فقد روي أن المسيح قد أقام طفلاً من الموت، بعد أن أشفق على أمه الأرملة المسكينة.

وفي جبل الطير في المنيا، تذكر الكتابات القبطية، أن المسيح قد أنقذ حياة عائلته، عندما كادت صخرة ضخمة أن تقع عليهم جميعاً، فمد المسيح يده وأوقفها بكفه، ولذلك صار هذا الجبل معروف باسم "جبل الكف"، ويقال إن هناك شجرة في هذه المنطقة قد سجدت للمسيح عند مروره بها، وأنها قد عرفت باسم "شجرة العابد".

وفي مدينة ديروط، تنقل بعض الكتابات، أن المسيح قد تسبب في شفاء عدد كبير من المرضى المصابين بأمراض لا دواء لها.

ومن المهم هنا، أن نلاحظ أن جميع المعجزات التي ذكرت في سياق الرحلة، لها دلالات قوية، حيث تكرر معظمها في الروايات المنسوبة لأنبياء العهد القديم، كما أنها قد تكررت بحذافيرها في مستقبل المسيح عقب رجوعه لفلسطين، ويستثنى من ذلك، معجزة واحدة فقط، وهي تلك الخاصة بكلام المسيح في مهده.

فرغم ورود ذلك صراحة في القرآن الكريم، في الموضع الذي يبرئ فيه المسيح أمه أمام اليهود، فإن المذاهب المسيحية المختلفة لا تعتقد بحدوث تلك المعجزة، وربما كان الاعتقاد بحدوث معجزات شبيهة لها على أرض مصر، كان مصدره هو بعض كتب الأبوكريفا المنحولة التي اشتهرت فيها أخبار تلك المعجزة، مثل إنجيل الطفولة وإنجيل برنابا، وهي كتب لا تعترف بها الكنائس المسيحية المعاصرة.

كيف انتهت الرحلة؟
بعد ما يزيد عن السنوات الثلاث من الارتحال الدائم في أرض مصر، تقول المصادر المسيحية، أن ملاك الرب قد ظهر ليوسف النجار وأخبره بموت هيرودس، وقال له بحسب ما ورد في إنجيل متى "قم وخذ الصبي وأمه، وأذهب إلى أرض إسرائيل، لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي".


ورغم أن البشارة، قد وقعت في دير المحرق، إلا أن يوسف اتجه جنوباً إلى جبل درنكة، قبل أن يغير من مساره ويصعد إلى الشمال عائداً إلى فلسطين، وربما قام بذلك للهروب من بعض العيون المترصدة له.

وفي طريق الرجوع، مرت العائلة بالعديد من القرى والمدن، التي لجأوا إليها في رحلة الهروب، واستقرت العائلة المقدسة في نهاية المقام في قرية الناصرة في الجليل بأرض فلسطين، بعد أن قطعت ما يقرب من ألفي كيلومتر في رحلة شاقة قُدر لها أن تُخلد ذكراها عبر الأجيال والعصور.

تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.