الأقباط متحدون - كلمات تستحق البقاء
  • ٢٣:٥٣
  • الخميس , ١٩ اكتوبر ٢٠١٧
English version

كلمات تستحق البقاء

أوليفر

مساحة رأي

٣٦: ٠٧ م +02:00 EET

الخميس ١٩ اكتوبر ٢٠١٧

الشهداء
الشهداء
أوليفر
حين يتحول ضحايانا إلى كلمة تقال في المناسبات.إلى صورة تنتشر من أجل الإشفاق.إلى رثاء يظهر قليلا ثم يضمحل.حين تتحول الأحداث إلى خبر.و المآسى تصبح سطوراً قليلة على إستحياء تنشرها الصحف.حين نستجدى إهتماماً بشهيد لكي يبق في الذاكرة يوماً فأكثر.حينها نعرف أننا بالفعل لا نستحق الحياة.لا نستحق أن نعيش عصر الشهداء الحديث و نحن على هامش الوجود كأننا لسنا هنا. يموت شهداؤنا فنبرع في كتابة الأحداث من كل الزوايا لكننا عند الأحداث لا نتوقف.كأننا نبحث عن مجدنا فى موتهم.كأنهم وسيلة لإستجداء النظر إلينا.و ننتظر من يمتدح دموعنا بينما تسيل الدماء.و يموت السؤال كيف لا نعيش عصر الشهداء كما يليق بأبناء المسيح و تلوح الإجابة الحزينة : ذلك لأننا نجيد الكلام عن الموت أكثر من الحياة.
 
يتخدر الضمير بعد نشر النعي.كأنما إنتهت مهمتنا لننتظر شهيداً و شهيدة و قصصاً جديدة نعبث فى تفاصيلها دون الوصول إلى قلب الحدث و معجزة الحب المتبادل بين دم فى الأرض ينزف و شهيد في السماء يزف و إلهاً على عرشه يتزحزح قليلاً ليفسح لأحباءه القادمين بثياب حمر لكي يجدوا لهم متسعاً فى عرشه..نترفع عن البحث الروحى مكتفين بالبحث الجنائي.تقف الحكمة خارجاًلأننا نتجني على أنفسنا بالإنشغال بما لا يبنى و تجاهل الحقيقة التي تكتبها الدماء.نريد أن نسجل اسماءنا لا اسماء الشهداء.نحن نبحث عن كبرايائنا وسط القصص المنشورة.بينما نظن أننا نكرمهم و لا ندرى أنهم الحاضرون و نحن الغاثبون.
 
من يسجل التاريخ اليوم؟هل كتبنا لمن يدون التاريخ كل الحقيقة.هل إندمجت كتاباتنا بالروح فتخرج أقوالنا راقية حتي السماء.هل نحتفظ بسجل الشهداء في قلب الإيمان.هل عندنا أسرارهم.هل نختزن للآتين بعدنا شيئاً من أرباح الشهادة.هل تعلمنا القراءة و الكتابة لنلهو بهما أم نصون بهما تاريخ عمل الروح ايام الأتون.من نحن بالحقيقة؟و من سيكون الجيل الذى سيقرأ كتاباتنا الهشة؟هل ندخر للقادمين بعضاً من تفاهاتنا أم نفيق و نتعلم الكتابة من جديد.
 
ليتنا نكف عن التحليق بعيداً عن النور كفراشات النار.ليتنا نصحح مسار أفكارنا لنعرف ماذا نقول و ماذا نكتب.لأن دمج الحلو بالملح يفسد الإثنين معاً.فهل نتدرب لكي نجيد فصل المنسيات عن التاريخ العتيد.و نيتبقى لأحفادنا أجمل فى عصرنا.دون أن نشوه الأسماء بالرياء أو بخلط الوهم مع الحقيقة.دعونا لا نعذب الأجيال القادمة إذا ما تأملت تراثنا.ستشتبه أننا كنا مخمورين لا نستيقظ للواقع مرة.ماذا سيحصد الشعب الذى لم يولد بعد إذا جمعنا له كتاباتنا المضطربة و قدمناها له كأنها الحقيقة؟ كيف سيجد فى هذا الخليط السمج شيئاً ذو قيمة؟ كيف سيقرأ شهداءالإيمان فى جنوب البلاد و شمالها .فى ليبيا و العراق و سوريا؟ كيف سيجد حقيقة شهداء الكشح مرتين.كيف سيتذكر شهداء الفكرية و أبو قرقاص و نحن لم نعرف عنهم سوي أنهم قُتلوا؟ ما هو سر ترصد الشيطان لأسقف سيناء و كهنة العريش و شهداءها الراحلون؟ ماذا أضاف شهداء ليبيا للإيمان؟بماذا إستعد شمامسة طنطا للحن السماء. كم نفس إنجذبت للمسيح بسببهم؟ من تابوا و من عادوا و من آمنوا لأجل ثبات إيمانهم.متي نكتب التاريخ الذى يصلح لخلاص الناس .فكل ما نكتبه اليوم يصلح لصفحات الحوادث .
 
أهذا كلام للتاريخ؟
إلحقوا فالأيام مسرعة.أكتبوا الحقيقة قبل أن يموت أبناء و أحفاد الشهداء.خذوا منهم ما عاشوه عنهم.سجلوا الأقوال و التنبؤات التي تفصح لنا عن رجاء يصلح لكي يسندنا مهما تصحرت الأفكار.ليت هناك من يتكرس لأجل إستخلاص الدروس من لحظات الدم و الغدر.ليتنا نسمع عن شمامسة يبدعون فى الحفاظ على نفائسنا التي تركت لنا دروساً لن تنمح حتي لو أهال عليها الجاهلون غبارهم و حتي لو تغافل عنها الساهون بكتاباتهم العقيمة.ليت الأكاديميون يخصصون رسائل الماجيستير و الدكتوراة في مجموعات متنوعة من شهداء عصرنا المزدحم بالدماء.
 
أما الذين يكتبون من غير وعي أرجو لهم أن يستفيقوا أو ينتظروا قليلاً حتي يتعلموا قيمة الكتابة و مسئوليتها.أما الكنيسة و من فيها فليكن دورهم في تسجيل التاريخ فعالاً و إلا سيهملهم التاريخ أو سيدينهم إن أهملوا الحقيقة و تفرغوا لما ليس له ثمر.
 
أدعو كل أسرة شهيد أن تكتب ما تراه مثمراً للآخرين و تقدمه إلى إيبارشياتهم لكي يكون لدينا ذخيرة من المعرفة تعولنا إن بدأنا نكتب ما تستحقه الحقيقة.
أما السجل الذى أطمئن إليه فهو سفر الحياة الذى فيه اسماء كل محبي الرب و هو منشغل بتكريمهم الذى هو فوق إدراك الأرضيين.المسيح يسجل كل دمعة و كل أنين و كل وجع و كل نفس تنفسه المتألمون الساكنون في رجاء الأبدية.مسيحنا لا تذهب من ذاكرته إلا خطاينا حين نلجأ إليه.أما كل بر فله عند الرب يسوع ما هو أعظم من الوصف.لنأخذ من سفر الحياة درساًلنا و شهوة نعيشها.نكتب مثل المسيح و نقلد سطوره.نختزن سر الحياة وسط الكلمات فلا ننشغل بالموت أبداً .نعرف كيف أراح المذبوحين و عزاهم بالسماء.كيف تكللوا بيديه و راحت أتعابهم طى النسيان.ليتنا نتعلم من صفحات سفر الحياة كيف نكتب مثلها و نعيش مثلها و نقرأ كما تقرأ السماء.هذه بالحقيقة الكلمات التي تستحق البقاء.فلنلتصق بلغة السماء لنتعلم أن نكتب للأرضيين شيئاً ذو نفع.لكي لا ننساق للفراغ و يضيع العمر فى هباء الثرثرة.  
 

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع