الهاتف لك من استراليا...سيدي الرئيس
باسل قس نصر الله
الاثنين ١٦ اكتوبر ٢٠١٧
..بقلم المهندس باسل قس نصر الله مستشار مفتي سورية
عند الساعة الثامنة صباحاً، رن هاتفي الخلوي وبرقم غريب من خارج سورية، فتحت الخط وأنا أردد الكلمة المعهودة " ألو "،،،، لم أسمع صوتاً يأتيني من الطرف الآخر، إلا أنني سمعت أصواتاً تعلوا، وبعد الإنصات جيداً لمدة ثوانٍ لفهم ما يُقال، سمعت "الله وسورية، بشار وبس" تأتي من الكثير من الحناجر وكأنها مسيرة.
ثم جاءني صوتٌ أنثويٌ، إنه لصديقة عزيزة لبنانية أحترمها جداً، تسكن في مدينة سيدني باستراليا، صبَّحت علي وكانت ترفع وتيرة صوتها لأسمعه من خلال المسيرة، وكانت الساعة الرابعة بعد الظهر حسب توقيتهم، وقالت لي: إن الجالية اللبنانية في استراليا عامة وسيدني خاصة، وبالاشتراك مع المغتربين السوريين، تقوم الآن بمسيرة شكر إلى سورية والرئيس السوري بشار الأسد والى الشعب السوري.
ثم أتاني صوتها بين الهتافات التي تعلو من حناجر المشاركين في المسيرة، إننا نشكر سورية ورئيسها وشعبها، ولا ننسى فضلهم على اللبنانيين خلال الحرب وكيف فتحوا لنا الحدود، والمدارس وحمونا خلال فترة الجنون المعهود للعدو الإسرائيلي على لبنان، إنه واجب يا صديقي أن نشكركم في هذه المراحل الحساسة، إننا لا نملك إلا أن نقول لكم شكراً.
عادت بي الذاكرة والقراءات المتنوعة إلى مقولة قرأتها تقول "إن الوطني الصادق يتألم لدخول أية قوة غريبة إلى أراضيه، ولكن الأمر في لبنان وصل إلى حد أصبح فيه تدخل قوة صديقة أمرا ضروريا لإعادة الأمن إليه".
هذا الكلام صدر عن السيد بيار الجميل (رحمه الله - رئيس حزب الكتائب اللبناني وقتها ووالد الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل)، وذلك بعد اجتماع عقدته الجبهة اللبنانية في زوق مكايل يوم 5 حزيران 1976 تأييدا للمبادرة السورية حينها في دخول لبنان لوقف الاقتتال الطائفي.
ولا أعتقد أنه كان يقصد قوى صديقة من بلاد الواق الواق طبعاً .
وكان هذا الكلام بعد دخول القوات السورية لوقف الاقتتال في لبنان، وما تلاها من أحداث في تل الزعتر وغيرها الكثير. وفي هذا الوقت سمح الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد للبنانيين، بالعمل في سورية وسمح لسياراتهم الخاصة بالعمل كسيارات أجرة وسرفيس، وكنت حينها طالباً جامعياً في حلب، وأتعمد الصعود في السيارات اللبنانية، للاستماع منهم عن الأهوال التي تعرضوا لها، وكم سمعت منهم الشكر للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد الذي ببصيرته ومواقفه كان يحاول إيقاف الاقتتال بينهم .
إن ما يحدث الآن من مؤامرات هو استغلال لثغرات كثيرة عانينا منها نتيجة البطء في الإصلاح ووجود أشخاص لم يقبلوا الإصلاح ولم يفهموا مدى أهميته، هناك أناس خرجوا للمطالبة بالإصلاح، ويجب أن نطالب بتسريع الإصلاح وهو ما قاله الرئيس بشار الأسد، وعملية الإصلاح هي عملية مستمرة لا تتوقف، إنما لغايات شخصية، قام أفراد بمصالحهم الصغيرة ويتخفون تحت ستار دولة، بإبطاء الإصلاح.
قرأت كتاباً اسمه "النوعية في الممارسة العسكرية للمقدم بشار الأسد"، ولا أستطيع إلا أن أقول أن عملية التطور والجملة التي اشتهرت في سورية حول "التطوير والتحديث" هي عملية طويلة وصعبة، وكنت آمل من منظرينا قراءة هذا الكتاب ليفهموا فكر رئيسهم.
فقرة واحدة استوقفتني من الكثير في الكتاب، وهي "مما لاشك فيه أن من يريد إقناع الآخرين لابد أن يكون هو نفسه راسخ القناعة بالأفكار التي يريد أن يبرهن على صحتها، وأن يكون صادقا في توخي الحقيقة، ودقيقا في عرضها ".
وقف الرئيس في مجلس الشعب وتكلم، واثقاً، مقنعاً، صادقاً، تكلم واعترف ببطء الإصلاح، ولم يقبل أن يُخَوِنَ شعباً خرج إلى الشارع، ولا مدينة، لكنه – ودائماً – يؤكد أن أبطأ ما يوعد هو أصدق ما يُنفذ، فَضَّل، أن يكون فاعلاً لا مُنفعلاً، وأن عملية الإصلاح ضرورية لأنها ستصل بسورية إلى قوة نوعية، أليس هو القائل في نفس الكتاب "سيكون التفوق الاستراتيجي، بعد مرور فترة معينة من الزمن، من نصيب الطرف الذي تمكن من تحقيق السبق في المجال النوعي" فلأجل هذا هو مع تسريع الإصلاح.
وأنا برأيي أن المغتربين هم القوة النوعية لسورية في نقل الأفكار الجيدة في العالم إلينا، ونقل الصورة الحقيقية لسورية إلى العالم.
أيها المغتربون السوريون، لقد قصرنا معكم، واستخدمناكم كمتممات للديكور، والمؤتمرات، والصور الضرورية، لأن أكثر من ثمانية عشر مليون مغترب، من المفيد أن يكونوا سفراء لنا إلى العالم.
شكراً لك صديقتي الزاهدة من استراليا، شكراً لكل من فَكَّر وشارك في مسيرة تضامن وشكر، ليس لرئيسي، بل لبلدي ولشعبي.
ألم أقل أن الهاتف من استراليا هو لك سيدي الرئيس؟
اللهم اشهد إني بلغت