طبيعة بلادنا تفقد عُذريتها !
زهير دعيم
٥٨:
٠١
م +02:00 EET
الجمعة ١٣ اكتوبر ٢٠١٧
زهير دعيم
بعد التعب والارهاق والعمل المُضني ، يحلو ويطيب لنا دائمًا أن نُمتّع ناظرينا بطبيعة بلادنا الجميلة ، فقد حبانا الله بطبيعة رائعة واشجار جميلة وأزهار تقطر حُسنًا وشذىً، أليست هي البلاد التي تفيض لبنًا وعسَلًا ؟!!
رغم انّها وللحقيقة أقول : إنّها أقلّ جمالًا من طبيعة أوروبا ، فمن سنحت له الظروف وزار اوروبا وعلى وجه الخصوص سويسرا أو الغابة السوداء في المانيا لدُهش وانبهر من جمال الطبيعة الفتّان هناك ومن ...النظافة ، ولصرخ مع داوود النبيّ قائلًا : " الٍسّماوات تُحدّث بمجد الله، والفَلَك يُخبر بعمل يديْه ".
وليس شدّة الاخضرار هو الفرق الوحيد بيننا وبين اوروبا ، بل هناك فرق آخَر يجعل طبيعتنا مِسكينة ، باكية، بائسة تصرخ وليس مَن يجيب ، تتذمّر وليس من يلتفت .
فأنت ايّها القارىء العزيز – وأكاد أعمّم – إن تاقت نفسك مرّة للترفيه والتمتّع بأحضان الطبيعة أنت واسرتك واصدقاؤك ستصاب بالصدمة وخيبة الأمل ، فالطريق المؤدي الى الطبيعة إيّاها ، بل حتّى قلب الطبيعة " مُطرّز" بجثث الحيوانات النافقة وبقايا دكاكين الجزّارين وأكوام أكياس مُخلّفات التصليحات في البيوت .... منظر يؤذي الطبيعة البكر والعيون والنفوس.
انّها تربية وأخلاقيات ... إنّها انتماء بل قُلْ لا انتماء لهذا الوطن وهذه البقعة من الكرة الأرضيّة ، فالمقاول العربيّ فلان لا يريد ان يدفع مبلغًا معيّنًا لصاحب مكبّ النُّفايات ، فيأتي بها من البلدات اليهودية بسيّارته ، ويتسلّل بالليل الأليْل الى الطبيعة القريبة من بلدته فيرميها هناك وينفض يديه فرِحًا، وكذا الجزّارون والمواطنون العادّيون.. وكذا تصرّفنا جميعنا من خلال حياتنا اليوميّة ، فلا يتورّع احدنا او بعضنا من أن يقذف علبة الكوكا كولا او عقب السيجارة او غيرهما من نافذة سيّارته بعد أن يتأكّد انّه لا شرطة في المكان!.
لقد فقدت الطبيعة في بلادنا رونقها وجمالها وباتت تُدخِلُ الاشمئزاز والتقزّز الى النُّفوس.
قد يتساءل المرء قائلًا : " ما هو الحلّ ؟
فأجيب وباختصار : الردع ومخالفة كلّ من تُسوّل له نفسه أن يُلوّث الطبيعة والحارة وحياتنا، فعلى السلطة المحليّة والسلطات الاخرى – كما سلطة حماية الطبيعة – أن تخالف وتُلاحق قضائيًا وتجازي المخالفين بالمبالغ الباهظة حتى ترتدع ، فالجيبة هي وسيلة ردع فعّالة.
كلّ ذلك ليس قبل ان تقوم السلطة المحليّة بالتنظيف واعادة الجمال الى سابق عهده.
أمّا في المدى البعيد ، فعلينا ان نزرع محبة النظافة والطبيعة والمجتمع في نفوس اطفالنا في البيوت ومنذ اليوم الاول وفي المدارس والمعاهد، حتّى نخلق جيلًا يعشق الجمال والنظافة والطبيعة البَكر والمجتع والبيئة والانسان.
كم سررت حين نبّه قبل اسبوعين قدس الأب الفاضل سابا الحاج ، كاهن رعيّة الارثوذكس في عبلّين في خلال عظته الاسبوعيّة الجميلة ؛ نبّه الى هذه الظاهرة السيّئة والمؤذية ، ونادى بايجاد الحلول ، بل ودعا وبادر الى اقامة جمعية شعبية لتداوي هذا الخطر الداهم بل المقيم.فله منّا جميعًا الشُّكر والتقدير.
هيا نضافر الجهود ...هيّا نتعاون جميعنا في سبيل التغيير ، وخلق بيئة صحيّة، وطبيعة جميلة ونقيّة ونظيفة، يحلو لنا ان نزورها ونقضي اوقاتًا جميلة في كنفها وبين احضانها.